شهادات للبيع في أفغانستان

شهادات للبيع في أفغانستان

18 مايو 2017
التزوير يظلم المستحقين (رضوان طاباسوم/ فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أنّ جهود الحكومة الأفغانية خلال العامين الماضيين أحدثت تغييراً كبيراً في بعض مناحي الحياة في أفغانستان، فإنّ الفساد والرشاوى ما زالت تعم معظم الدوائر. من بين الدوائر الحكومية التي تأثرت بالفساد قطاع التعليم، وذلك باعتراف الحكومة والمجتمع الدولي. ولم تأتِ برامج الحكومة المتعددة بنتائج كبيرة كما توقع الشعب، إذ إنّ الفساد ما زال موجوداً في القطاع في أخطر الصور، خصوصاً في المناطق النائية. ويساعد مروجو الفساد في تدهور الوضع الأمني أكثر.

بعد قضية المدارس الوهمية والمدرسين الوهميين وتعيين الموظفين مقابل المال، بدأت قضية بيع الشهادات الثانوية تشغل الأفغان القلقين جداً بهذا الخصوص، لأنّ في ذلك ليس فقط ضربة لعملية التعليم بحصول غير المستحق على شهادة، بل أيضاً في تمثيله عائقاً أمام حصول المستحقين على الشهادات. كذلك، فإنّ مثل هذا النهج يوصل كثيرين إلى مناصب عالية في الحكومة من دون أن يستحقوها. وقد حصل البعض على وظائف في إدارة التعليم نفسها ودوائر حكومية أخرى.

في هذا الخصوص، يقول سمير الله فائق إنّه حاول قبل عام أن يحصل على وظيفة في إدارة التعليم في إقليم وردك، لكنّه لم يكن قد نال الشهادة الثانوية بسبب وضع أسرته المعيشي، لذلك منع من نيل الوظيفة. يتابع فائق: "تمكنت من خلال أحد السماسرة من الحصول على الشهادة الثانوية من إحدى مديريات إقليم وردك، مقابل 20 ألف أفغانية (293 دولاراً أميركياً)، والشهادة مكّنتني من الحصول على الوظيفة في إدارة التعليم نفسها". يضيف عطا أنّ رفيقه مع بعض السماسرة يصدر شهادات لكثيرين في المديريات المختلفة حيث رقابة الحكومة فيها ضعيفة. وقد حصل كثيرون من أمثاله على وظائف على أساس تلك الشهادات المزورة.

كذلك، يذكر عطا قصة صديق له في إقليم غزنة درس حتى الصف التاسع ولم يكمل الثانوية، لكنّه كان يرغب في مواصلة التعليم والالتحاق بجامعة خاصة في الإقليم. وبالفعل، تمكن بعد دفع مبلغ من المال من الحصول على الشهادة والالتحاق بجامعة خاصة في غزنة.

وفي إقليم هرات، حصل رفيع الله على شهادة ثانوية من إحدى المدارس مقابل 30 ألف أفغانية (440 دولاراً) ولم يواجه أي مشكلة إن في الحصول على الشهادة أو في الاستفادة منها، بل أكمل الكلية على أساس تلك الشهادة وحصل على الوظيفة. يقول رفيع الله إنّه يعرف أنّ الأمر يخالف الشريعة الإسلامية والدستور الأفغاني معاً، لكنّه لم يكن يملك خياراً آخر غير ذلك، إذ إنّ وضع أهله وعمره لم يكونا يسمحان له بالجلوس على المقاعد المدرسية. بالتالي، قرر الحصول على الشهادة مقابل مال.

في المقابل، يعترف مسؤول إدارة التعليم في هرات سيد عبد الرزاق بالمشكلة في الإقليم وغيره، لكن ليس في مركز الإقليم مدينة هرات إنما في المديريات وفي المناطق النائية التي تسودها حالة أمنية متوترة. يذكر المسؤول أنّ من بين أسباب الشهادات المزورة قلة عدد الموظفين في إدارة الرقابة وضعف الميزانية، بالإضافة إلى الحالة الأمنية المتوترة.

كذلك، يذكر المسؤول أنّ بعض المسؤولين في الحكومة وأعضاء البرلمان يطلبون من المدارس منح الشهادات لأقاربهم وهو من أسباب تفشي الفساد في قطاع التعليم.

أما في العاصمة كابول، حيث الحكومة والرقابة، ومزاعم المسؤولين المتكررة بالعمل ضد الفساد فالشهادات المزورة قائمة لكن بوتيرة أقل من الأقاليم. أما الحصول عليها فيصعب قليلاً بالمقارنة مع الأقاليم والمناطق النائية التي تسود فيها حالة أمنية متوترة.

يقول نور الله، وهو أحد سكان منطقة بولي جرخي في ضواحي العاصمة كابول إنّه كان سيقدم أوراقه في إحدى الشركات الخاصة للحصول على عمل ولم يكن يحمل الشهادة الثانوية، فكان في حاجة إلى الحصول عليها. لذلك، قرر أن يحصل على الشهادة عبر سمسار يعمل بين الوزارة والزبائن. يضيف نور الله أنّه اتفق مع الشخص على أن يصدر له الشهادات بأرقام وتقدير جيد مقابل 38 ألف أفغانية (558 دولاراً). لكنّ المشكلة أنّ السمسار أصدر له شهادة العام الماضي، وهو ما لم يكن يريده نور الله الذي تجاوز الخمسين، بل يريد شهادة صدرت قبل عشرين عاماً على الأقل.

على الضفة الأخرى، يواجه المتخرجون من المدارس بشكل قانوني مشاكل جمة، ويطلب منهم المسؤولون المال بذريعة أو أخرى. عبد الرحيم، أحد المتخرجين من مدرسة غلام محيي الدين قبل عامين، بدأ الدراسة في إحدى جامعات كابول، ويسعى منذ أشهر للحصول على الإفادة الورقية لشهادته الثانوية، لكنّه غير قادر على ذلك، فإدارة المدرسة ترسله إلى إدارة التعليم، والإدارة إلى الوزارة. وهو ينتظر يوماً كاملاً أمام الدوائر ويرجع في المساء من دون شيء. يقول إنّ الإجراءات الروتينية الصعبة تجبر الناس على دفع الرشاوى، وهو ما يسعى لأجله كثير من العاملين في الوزارة وإدارة التعليم.

ينفي المسؤول في وزارة التعليم السيد عبد الظهور تهمة التزوير، ويقول: "في الأقاليم قد تكون المشكلة قائمة لكن في العاصمة لا يمكن ذلك، بل إنّ بعض المزورين يصنعون الشهادات بكلّ مهارة ويبيعونها للناس، فيظن هؤلاء أنّها شهادات حقيقية أصدرتها الوزارة، لكنّ الأمر ليس على هذه الحال".

المساهمون