طرد الإسلامي هاني رمضان من فرنسا: ابحث عن الانتخابات

طرد الإسلامي هاني رمضان من فرنسا: ابحث عن الانتخابات

09 ابريل 2017
الإسلامي هاني رمضان (جين أيسي/فرانس برس)
+ الخط -


القليلون يذكرون أن فرنسا حظرت على المفكر السويسري المصري طارق رمضان دخول أراضيها بعض الوقت عام 1995، وكان شارل باسكوا وزيراً للداخلية آنذاك، بذريعة أن أفكار رمضان لا تتناسب مع العلمانية والجمهورية، وبتهمة استخدامه خِطابَين أحدهما سري يوجهه لجمهوره المسلم في الضواحي والأحياء الشعبية وفي المساجد والأقبية، وآخَر علني لغير المسلمين. ولكن فرنسا لم تستطع أن تبرهن على ما تدعيه، فسمحت له بدخول أراضيها على مضض، ورغم ذلك، لا تزال وسائل إعلام كثيرة في البلاد تقاطعه.

ويحظى طارق رمضان بعلاقات واسعة في الأوساط الفكرية والإعلامية المستقلة، وفي هذا الصدد نشر كتابا مشتركا مع المفكر الفرنسي الكبير، إدغار موران، كما شارك في أنشطة مع الإعلامي الفرنسي الكبير، إيدوي بلونيل.

ويتميز طارق رمضان بمواقفه المتزنة وهدوئه الشديد ومهارة الإنصات لمحاوريه، وسرعة بديهيته وقدرته على قلب المواقف الصعبة لصالحه، كما فعل مع آلان فينكلكروت، ونادين فوريست، والنائب البرلماني الاشتراكي جان غلاباني وغيرهم، في المنابر الإعلامية.

أما ما تعرض له المفكر الإسلامي، أمس السبت، من توقيف الشرطة الفرنسية له في مدينة كولمار، واقتياده إلى الحدود السويسرية، فقد كان منتظرا لأسباب عدة، من بينها إلغاء محاضراته التي كان ينوي تقديمها هذه السنة، في مدن فرنسية، منها روبيه، وليون، إثر ضغوط شديدة تعرض لها منظّموها. ثم صدر بحقه حظر إداري بتاريخ 7 أبريل/نيسان الجاري، استلزم ترحيله إلى بلده سويسرا.

ويراهن رمضان على تحالف المستضعفين من كل الديانات والثقافات، ودفاعه عن إسلام أوروبي، جعلته يحظى بتقدير لدى قياديات يسارية وإيكولوجية.




أما أخ طارق رمضان، وهو الإسلامولوجي هاني رمضان، فيدلي لوسائل الإعلام الغربية، وخاصة الفرنسية، بتصريحات ترتَدّ عليه، كما نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية في سبتمبر/أيلول 2002، عنه قوله إنه "مع تطبيق الشريعة ومع رجم النساء الزانيات"، وهو ما لا يمكن القبول به في أوروبا. 

كما أقدمت الحكومة السويسرية، وهو مواطن سويسري، على تسريحه من وظيفة تدريس اللغة الفرنسية معتبرة أن تصريحاته "تتناقض مع القِيَم الديمقراطية ومع أهداف المدرسة العمومية".

وعلى الرغم من مواقف الداعية الإسلامي هاني رمضان المتشددة، فإن العامل الرئيسي لطرده من فرنسا هو ظرفية الحملة الانتخابية، التي تشتد فيها المزايدات السياسية والحزبية. ولعلّ مسارعة وزير الداخلية، ماثياس فيكل، إلى التصريح بعد ترحيله بأن "هاني رمضان معروف عنه تبنّيه في الماضي سلوكا ومواقف شكّلت تهديدا خطيرا للنظام العام الفرنسي"، دليل على ردّ الحكومة الفرنسية الحالية على من يتهمها بالتقاعس أو التساهل مع الأفكار الإسلامية والمتطرفة.

ومن بين تلك الاتهامات، ما صرح به القيادي في حزب "الجمهوريون"، كريستيان إيستروزي، الرافض لقرار القضاء المستقل (مجلس الدولة) بالسماح للمسلمين بالصلاة في مسجد النور، في مدينة نيس، متهما أحد أعضاء الجمعية التي تسيّر المسجد، بأنه متطرف وراديكالي ومراقب من قبل الأجهزة الأمنية، وهو ما نفاه مسؤول كبير في وزارة الداخلية.

طرد هاني رمضان من فرنسا كان متوقعا بسبب حدة مواقفه، التي تترصدها الصحافة الغربية باستمرار، وخاصة تلك المتعلقة بالنساء. كما يندرج في القرارات التي أعقبت الاعتداءات التي ضربت فرنسا، وإرساء حالة الطوارئ، التي لا تزال مستمرة، وما نتج عنها من طرد عشرات الأئمة، الذين اعتبرتهم السلطات متطرفين ويشكلون تهديدا داهماً للبلد.

وتجدر الإشارة إلى أن طارق رمضان يواجه في كل اللقاءات الإعلامية الأسئلة ذاتها. ونذكر محاورته الشهيرة مع نيكولا ساركوزي عندما كان وزيرا للداخلية ومرشحا للرئاسة حينها، والذي فاجأه بسؤال عن رأيه في تطبيق "الحدود" الدينية، فاقترح طارق انتظار موقف حاسم من قبل لجنة علماء في الأمر، ما اعتُبرَ حينَها انتصاراً كبيرا لساركوزي على طارق رمضان.