عيد العمال إذ يحتفل بطاولة الزهر

عيد العمال إذ يحتفل بطاولة الزهر

01 مايو 2017
القصاص ينتظرهما إن ابتعدا (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -
يجلسان ساعات طويلة، رفاقهما نارجيلة وكرسيّ وطاولة زهر (نرد). يجلسان ساعات طويلة منذ أيام أو سنوات ربما. يجلسان حتى يذبل شبابهما، وتذوي همتهما، ويتعب الجسد، وتملّ الروح.

لا فارق بين جنسية وأخرى، فهما مصريان عاطلان من العمل في أحد مقاهي القاهرة، لكنّ الحال نفسها تتكرر هنا وهناك في عالمنا العربي الكبير. مثلهما في مقاهي العراق يلعبون الدومينو، وغيرهم في لبنان والأردن والمغرب العربي والخليج العربي وكلّ بلدان إقليمنا الخانق، يسلّون أنفسهم بانتظار فرصة عمل تبدو نادرة جداً، ولو حملوا إجازات جامعية ودراسات عليا بعدها.

قال الشاعر العراقي مظفر النواب قديماً: "طاولة الزهر ضاقت بنا فاستحوا". لكن، كيف يستحي هذان الشابان ومثلهما ملايين؟ ألم تقم ثورات كان في صلبها مطلب فتح فرص العمل أمام الشباب إلى جانب كلّ مطالبها؟ لم يُفتَح شيء غير أبواب السجون والقبور، فكأنّه قصاص جماعي على فكرة خطرت في البال يوماً بالابتعاد عن الطاولة.

هو قصاص يرسم الواقع الجديد في أعقاب الثورات وقهرها، فالمقهى هو الرفيق، والانتظار العبثي هو المطلوب، والمشاكل الاجتماعية تزيد يوماً بعد يوم، وطاقات الشباب تنضب شيئاً فشيئاً إلاّ من جنّدها في خدمة أنظمة القمع يضرب شباباً مثله ويُكافأ على بلطجته.

عيد العمال العالمي اليوم. كلّ عام والعمّال بخير... لكنّ الواقع العربي بعيد عن احتفال عمالي، فاحتفالية المقهى وطاولة الزهر معه يومية وعلى مدار العام.