سمير الحسين لم يمنعه فقدانه البصر من متابعة دراسته

سمير الحسين لم يمنعه فقدانه البصر من متابعة دراسته

29 ابريل 2017
الموسيقى تنسيه متاعب الحياة (العربي الجديد)
+ الخط -

أن تولد مكفوفاً أو أن تفقد البصر في وقت لاحق من حياتك، لا يعني أن تنعزل اجتماعياً، على الرغم من المتاعب الكثيرة المختلفة التي تعانيها خصوصاً في بيئات شبيهة ببيئات مجتمعاتنا. فتلك البيئات لا تهتم بمثل هذه الحالات ولا تؤمّن لها الحدّ الأدنى من الرعاية والاهتمام، إذ لا نجد تعليماً خاصاً بها ولا صفوفاً مؤهّلة لاستقبالها ولا اهتماماً من قبل المدرّسين والأساتذة ولا مصاعد ولا حتى طرقات مخصصة لها، تحديداً في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين. تُضاف إلى ذلك نظرة المجتمع إلى فاقدي البصر هؤلاء والتي تعدّهم أقلّ شأناً من سواهم.

إذا نجح هؤلاء في تحدّي الظروف وتابعوا تعليمهم وحصلوا على شهادات، إلا أنّهم كثيراً ما يعجزون عن إيجاد فرصة عمل، ليس فقط بسبب فقدانهم البصر وإنّما نظراً إلى الوضع الاقتصادي الراهن الذي يضيّق على الفلسطينيين أكثر فأكثر.

سمير الحسين فلسطيني مكفوف يبلغ من العمر 45 عاماً، وهو حائز على شهادة الماجستير في اللغة العربيّة وآدابها. يعيش الحسين في مخيّم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، وهو عاطل من العمل وواحد من أولئك الذين سدّت الأبواب في وجههم. "أنا أولاً وأخيراً ضرير، وليس لدينا نحن الفلسطينيين مؤسسات تمدّ يد العون لمثل حالتي حتى أتمكّن من العمل. كذلك لا أملك نفوذاً حتى أتمكّن من العمل". يُذكر أنّ الحسين متزوّج ولديه ابنة واحدة، وزوجته هي معيلة الأسرة، وتعمل في خياطة الملابس لأهالي المخيم.

يقول الحسين: "مررت بصعوبات عدّة حتى تمكّنت من استكمال تعليمي، منها الاجتماعي ومنها الاقتصادي ومنها النفسي. على الرغم من ظروفي الصعبة، إلا أنّني بقيت مصمماً على متابعة تعليمي. وعندما نلت شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) بنجاح، التحقت بالجامعة ودرست اللغة العربية وآدابها". يضيف: "لكنّني عندما حصلت على إجازتي الجامعية، رغبت في العمل في مجال تخصصي. بحثت طويلاً عن فرصة عمل، لكنّني لم أجد واحدة. السبب الأول هو فقداني للبصر بالإضافة إلى أنّني فلسطيني الجنسية. حتى العمل في مؤسسات الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) يحتاج إلى وساطة، وأنا ليس لديّ من يساعدني في ذلك". وبعد عجزه عن إيجاد عمل، اتخذ الحسين قراره بمتابعة تعليمه، "لعلّني أحصل على فرصة أنسب. فتابعت الدراسات العليا في الجامعة العربية في بيروت وحصلت على شهادة الماجستير. وبعد عجزي عن إيجاد عمل، قرّرت الذهاب أبعد والحصول على شهادة الدكتوراه". ويشير إلى أنّ "التعليم يحتاج إلى المال، وأنا لا أعمل فكيف أستطيع تأمين المبلغ المطلوب للجامعة. الدكتوراه سوف تكلفني ثلاث سنوات من البحث والدراسة والمال". ولا ينسى الحسين الإشارة إلى شغفه بالموسيقى "الذي ينسيني متاعب الحياة".

المساهمون