الشارع المغربي يستقبل الحكومة الجديدة باحتجاجات

الشارع المغربي يستقبل الحكومة الجديدة باحتجاجات

26 ابريل 2017
احتجاجات كثيرة تعود (جلال مرشيدي/ الأناضول)
+ الخط -
بولادة الحكومة الجديدة في المغرب، بعد طول انتظار دام ستة أشهر، عادت البلاد لتغرق مجدداً في احتجاجات فئوية وشعبية على علاقة بقطاعات اجتماعية عريضة، عقب "هدنة" أو "استراحة محارب" استمرت فترة ملحوظة

عاد الشارع المغربي يغلي بعد ولادة الحكومة الجديدة. فكثير من الفئات قررت استئناف نشاطها. يأتي في طليعة المحتجين الممرضون، والأساتذة المتدربون، والكوادر التربوية، وناشطون من الحركة الأمازيغية، وفئات اجتماعية أخرى اتخذت من الشارع مساحة للاحتجاج وإيصال صوتها إلى المسؤولين.

هكذا، عاد ناشطو "البرنامج الحكومي 10 آلاف كادر تربوي" إلى الشارع ليطالبوا بإدماجهم بشكل مباشر في الوظيفة العمومية، ورفض حلّ "الوظيفة بالتعاقد" الذي اقترحته الحكومة السابقة.

من جهتهم، عاد الأساتذة المتدربون إلى شوارع المملكة للاحتجاج، رافضين ترسيب عدد من زملائهم في مباراة التوظيف التي أعلنت عنها الحكومة، ومطالبين بالتوظيف الكلي لجميع خريجي ما يعرف بـ"فوج الكرامة".

يقول عز الدين محاسي، وهو أستاذ متدرب، إنّ الاحتجاج أمر طبيعي من أجل نيل الحقوق التي ينادي بها الأساتذة المتدربون، وهي مطالب مشروعة ويمكن تنفيذها بشكل يسير. يشير إلى أنّ العودة إلى الاحتجاج بقوة هدفها الضغط على الحكومة الجديدة من أجل التجاوب مع ملفهم النضالي.

أما الممرضون فقد قرروا مواصلة احتجاجاتهم في شوارع الرباط، إلى حين صدور قرار رسمي يستجيب لمطلب معادلة شهاداتهم في الجريدة الرسمية، وأيضاً لتلبية حقهم في متابعة دراساتهم العليا في الماجستير والدكتوراه.

بدورهم، خرج ناشطون أمازيغ في مسيرة يطالبون فيها الحكومة الجديدة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والتعليمية والإعلامية، كما ينددون فيها بتهميش المناطق الأمازيغية النائية في البلاد. ويتهم الأمازيغ الحكومة باحتقارها لغتهم فلا توليها الأهمية الواجبة، من قبيل برمجتها خارج الموسم الدراسي الأساسي، فضلاً عن عدم إدراجها بشكل جدي في الإعلام والإدارة التي ما زالت اللغة الفرنسية منتشرة في دوائرها ومعاملاتها.

من جهته، يقول عضو اللجنة التنفيذية في حزب الاستقلال، رئيس الفريق الاستقلالي في مجلس النواب، نور الدين مضيان، "إنّ وتيرة الاحتجاجات ازدادت بشكل كبير، من أجل المطالبة بالحق في العمل، والطبابة، والمحاكمة العادلة، والكرامة، وغيرها من الحقوق الاجتماعية المشروعة". يتساءل مضيان "إن كان البرنامج الحكومي الجديد سيتمكن من التجاوب اللازم مع شرارات الحراك التي تعرفها عدة مناطق، خصوصاً منطقة الريف، وتحديداً مدينة الحسيمة". معبراً عن أمله في أن تكون الحكومة الجديدة فأل خير للتعاطي الإيجابي مع مطالب المحتجين.

يعلق مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله خضري، على ذلك، إنّ الأمر يتعلق بالاستئناف الطبيعي لنضالات عمال القطاعات الاجتماعية، بعد مرحلة طويلة نسبياً من انتظار تشكيل الحكومة. ويلفت خضري إلى أنّ هذه الاحتجاجات شهدت تقلصاً طفيفاً، في الفترة الأخيرة، قبل تشكيل الحكومة كون المحتجين يحتاجون إلى المخاطَب الحكومي، كي يمرروا رسائلهم الاحتجاجية إليه، وربما يظفرون بموجة مفاوضات أخرى مع الحكومة.

ويسجل خضري، إنّ رقعة الاحتجاجات باتت تنتشر وتتوسع بشكل تدريجي وملموس في البلاد، ولم تعد تقتصر على القطاعات الحكومية ذات الطبيعة الاجتماعية، بل تمتد لتشمل مختلف شرائح المجتمع. في القرى مثلاً - يضيف خضري - هناك احتجاجات بسبب أزمة القرار المجحف تجاه غالبية الأراضي السلالية (أراض تملكها جماعات بعينها) والمعاناة اليومية مع ضعف البنية التحتية، وبطالة الشباب، وتردي الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات شبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب.

وفي مدن المملكة، تزداد هذه الاحتجاجات والتظاهرات قوة بسبب المشاكل التي تتخبط فيها الفئات الهشة، فتداعيات السياسة العامة للدولة المغربية بات حجمها خطيراً وعميقاً على حد تعبير خضري. يصف هذه السياسة أنّها تتميز باعتبار القطاعات الاجتماعية عبئاً عليها، وتحاول التخلص منها بكلّ الوسائل الممكنة، في مسعى لتحويلها إلى منطق اقتصاد السوق وتحرير الدولة من أعبائها. وفي المقابل، عدم الاكتراث بالاحتجاجات، بل قمعها في كثير من الأحيان، وادعاء تحريكها من لدن جهات خارجية، لتسفيهها وشيطنتها.

يشدد خضري على أنّه ليس هناك من خيار تجاه هذه السياسات الحكومية سوى الاستمرار في النضال من أجل تحقيق المطالب. يتابع، إنّ "هذا المنحى صحي وموضوعي، حتى تعي الحكومة المغربية حجم المشاكل التي ستواجهها في ولايتها الحالية". ويختم: "المطلوب شعبياً مؤازرة هذه الفئات الاجتماعية في احتجاجاتها. والمطلوب من الحكومة الجديدة النأي عن نهج السياسات اللاشعبية في حق العمال المسحوقين وفي حق الفئات الهشة في المجتمع بصفة عامة".