أدوية وأطعمة غير صالحة تغزو أفغانستان

أدوية وأطعمة غير صالحة تغزو أفغانستان

24 ابريل 2017
الصيدليات تخضع كذلك للمراقبة (سكوت بيترسون/ Getty)
+ الخط -
من حين إلى آخر، تعلن السلطات الأفغانية عن إجراءات صارمة بخصوص الأدوية والأطعمة غير الصالحة للاستهلاك، والتي انتهت فترة صلاحيتها، من دون أن تظهر نتائج ملموسة لتلك الإجراءات. فتلك السلع تبقى متوفّرة في السوق وبكثرة، على الرغم من أن القانون الأفغاني يجرّم ذلك وينصّ على معاقبة المتورّطين. لكنّ الفساد المنتشر في أروقة الحكومة وانشغال الأخيرة بملفات سياسية وأمنية عدّة يجعلان القضية "هامشية". يُذكر أنّ أفغاناً كثيرين يعتمدون على الأطعمة والأدوية المستوردة التي يأتي المهربون ببعضها عبر المنافذ الحدودية مع باكستان، حيث لا رقابة للدولة فيما الجماعات المسلحة تهتم بالمال فقط. تهريب الأدوية والأطعمة من أبرز مصادر دخل تلك الجماعات.

وتسعى الحكومة الأفغانية منذ أكثر من سنة، خصوصاً مع إبداء الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني اهتمامه بالملفات الاجتماعية والاقتصادية، إلى الحدّ من هذه المشكلة. لكنّها تبقى عاجزة عن ذلك بحسب ما يبدو، لسببَين اثنَين هما الحدود المفتوحة التي تسمح للمهرّبين بإدخال أنواع من الأدوية والأطعمة التي انتهت صلاحيتها من باكستان، إلى جانب الفساد المستشري والمافيات الناشطة في أجهزة الدولة التي تهتمّ أولاً وأخيراً بالحصول على المال عند المنافذ الحدودية مع إيران وباكستان ودول آسيا الوسطى.

زرين خان تاجر من تجار مدينة جلال أباد عاصمة إقليم ننجرهار (شرق) يقول إنّ "الأدوية والأطعمة تلك غير صالحة للاستهلاك إما لتدنّي جودتها أو لأنّ تاريخ صلاحية استخدامها قد انتهى". ويعيد "السبب الرئيسي إلى الفساد المالي عند المنافذ الحدودية خلال إدخال السلع إلى البلاد، لا سيما الحدود مع باكستان وإيران. يُضاف إلى ذلك التهريب، إذ إنّ جزءاً كبيراً منها يدخل عبر الحدود المفتوحة التي لا تملك الحكومة أيّ رقابة عليها". ويتابع خان أنّ "الجماعات المسلحة التي تسيطر على المناطق الحدودية البعيدة عن سيطرة الحكومة، تأخذ نصيبها من تلك الأطعمة والأدوية من دون أن تهتم بالجودة". ويشير إلى أنّه "عندما كانت الحدود الباكستانية الأفغانية مقفلة لأكثر من شهر قبل فترة، أصبح تهريب الأطعمة والأدوية الشغل الشاغل للتجار، فيما باتت الحكومة عاجزة عن التصدي لهم".

تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة الأفغانية التي عجزت عن التصدي للمهرّبين، أطلقت حملات في مختلف أرجاء البلاد في وجه الأدوية والأطعمة غير الصالحة للاستهلاك، وجمعت ثمّ أحرقت أطناناً منها في مختلف مناطق البلاد. في مدينة جلال أباد على سبيل المثال، أحرقت إدارة الصحة المحلية نحو 65 طناً من الأدوية والأطعمة غير الصالحة للاستهلاك وهي نوعان، إمّا أدوية محظورة ومغشوشة وإمّا منتهية الصلاحية. وقد صرّحت إدارة الصحة حينها أنّ تلك الأدوية والأطعمة جمعت من قبل الهيئة الخاصة التابعة للإدارة على مدى الأشهر الماضية، وبالإضافة إلى جمع تلك الأدوية والأطعمة وحرقها فرضت غرامات مالية وعاقبت أصحاب المحال والصيدليات الذين كانوا يحتفظون بها.

من جهتهم، رحبّ سكان مدينة جلال أباد بالأمر وأشادوا بالإجراءات الأخيرة المتخذة من قبل الحكومة المحلية للحدّ من انتشار الأدوية والأطعمة غير الصالحة للاستهلاك. ويقول زين الدين خان، وهو من سكان جلال أباد، إنّ "المحال التجارية مليئة بالأطعمة غير الصالحة، خصوصاً العصائر. أكثرها انتهى تاريخ صلاحيتها، وما زالت معروضة للبيع. الأمر كذلك بالنسبة إلى الأدوية التي تشتمل على غشّ أكبر". ويلقي خان اللوم بجزء منه على "المواطنين الذين لا يميزون بين الأطعمة والأدوية الصالحة للاستهلاك وتلك غير الصالحة، ويشترونها من المحال التجارية". ويشدد على أنّه "لو رفضوا تلك السلع لما استوردها التجار".

إلى ذلك، يؤكد الطبيب محمد صابر سلطان زاده على أنّ "الأمر مضرّ للصحة. لكنّ الفساد والوضع القائم حالياً، بالإضافة إلى قلّة وسائل الحكومة التي باتت تعمل حالياً على مواجهة الأمر وعدم انتباه المواطنين له والاهتمام به، كلّ تلك الأسباب تساهم في تفشّي الظاهرة". ويشير إلى أنّ "الأمر تحسّن في المدن بسبب الحملات المتواصلة، لكنّه ما زال على حاله في القرى والأرياف، وهو يصيب المواطنين بأمراض مختلفة".

وقد طاولت الحملات مدناً مختلفة في أقاليم بلخ وخوست وبكتيا وهرات وننجرهار، فأحرقت أطنان من الأطعمة والأدوية غير الصالحة للاستهلاك، فيما فرضت الحكومة الأفغانية قيوداً وسحبت تصاريح عمل مئات الشركات التي كانت تستورد مثل تلك السلع.

وأخيراً، استحدثت الحكومة مختبراً للأدوية والأطعمة في العاصمة الأفغانية كابول، الأمر الذي رحّب به الأطباء والمواطنون. وقد عدّه الرئيس التنفيذي للحكومة عبد الله عبد الله إنجازاً كبيراً، ودليلاً على أنّها رغم الملفات الشائكة التي تواجهها اقتصادياً وسياسياً، إلا أنّها تولي الملفات الاجتماعية، خصوصاً تلك التي تهمّ صحة المواطن، كل العناية.

وطلب عبد الله من التجار أن يضعوا في أذهانهم عند استيراد السلع، خصوصاً الأدوية والأطعمة، أنّهم مسؤولون أمام الله وأمام الشعب، وأنّ الحكومة لن توفّر جهداً في معاقبة متخطّي القوانين. أمّا وزير الصحة الدكتور فيروز الدين فيروز، فحذّر قائلاً إنّ الحكومة تتعامل بيد من حديد مع كلّ من يلعب بحياة المواطن، لافتاً إلى أنّه وعلى الرغم من قلّة الوسائل إلا أنّ الحملات متواصلة في وجه ذلك.

المساهمون