البيوت أسرار

البيوت أسرار

23 ابريل 2017
ماذا تقول الصورة؟ (بهروز مهري/ فرانس برس)
+ الخط -
لن يسلموا. وإن تصرّفوا بحكمة أو صمت، وإن كتموا الأسرار وكل ما في حياتهم اليوميّة، من حلوٍ أو مرٍّ، لن يسلموا. صورهم مع بعضهم بعضاً قد تكون مؤشّراً إيجابيّاً. وبعد، كم من التحليلات والأقاويل. وما كتبوه على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تنذر بأمر ما. مزيد من التحليلات والأقاويل والأسئلة. الناس، القريبون منهم والبعيدون عنهم، يستطيعون قراءة حياتهم من بضع صور أو كلمات أو تعابير وجه. يقرأونها ويحلّلونها ويعمّمونها على آخرين، يعنون لهم كأشخاص، أو كحالات مثيرة، تندرج تحت عنوان العلاقات.

يفترض أنّ أولئك القريبين يعرفونهم جيّداً. وعليه، يجمعون بعضاً من ماضيهم وبعضاً من ذكرياتهم وكلمات قالوها هنا أو هناك، وتكون قصّتهم. تلك القصّة، ثم القصص التي تُربكهم...
نحتاج أحياناً إلى تلك القصص، مثل أي شيء صيغ أخيراً. فأصحاب القصص غالباً ما يعجزون عن صياغتها. لكنّها لن تكون يوماً قصّتنا. هم، جميعهم، القريبون والبعيدون، خارجنا.

أدمغتنا لا تتوقّف عن إنتاج المشاعر والأفكار. وإذا شاركناها، نختار القليل منها. نصدّق القليل ونحتمي به، كأنّنا نقي بأنفسنا من كلّ ما كان وسيكون.

نتعايش ثم نرتاح مع هذا القليل، ليعود الكلّ إلى هذه الكتلة التي سكنتها أرواحنا. التحليلات لن تنتهي، ومعها الأحكام. لا قيمة لـ "أسرار البيوت"، التي يؤمن الناس بحقيقتها بعد حين... بعدما تُصاغ كل الاحتمالات، وتُطلق كل الأحكام. أخطأَ بحقّها أم أخطأت بحقّه. اختارت الطلاق لأنّها أنانيّة، أم أراد الطلاق لأنّه لم يعش الحياة التي يريد. والأمثلة لا تنتهي. أحدٌ لا يعرف ما يدور في داخلها أو داخله، ولو كان السبب رغبة في عيش الحياة من دون شريك أو من دون حاجة إلى الكلام، بصمتٍ تام.

ثمّة تعب، يبدو أنّه كان يختبئ في مكانٍ ما في أجسادنا. تعبٌ بات يتحكّم بسيرورة حياتنا. كثيرون منّا لم يعودوا قادرين على تحمّل تفاصيل أو مراحل لطالما عدّت طبيعيّة. هؤلاء أنفسهم قد يختارون الهرب إلى بداية جديدة، حيث تكون الضغوط أقلّ. هذا تعبٌ كبير وكثير، قبل أن نقول "أنانيّةً"، أو طمعٌ في الحياة، إن صحّ ذلك أصلاً. على الأرجح، فإنّه يصحّ أحياناً.
البيوت أسرار وقلوبنا مليئة بالأسرار. وغالباً ما نُذيع أسراراً ناقصة. كأنّها ستقتلنا لو خرجت. هي نفسها، تقتلنا من دون أن تخرج، لكنّنا لا نرى ذلك. الأسرار لا ترى. يمكن عدّها فقط والشعور بثقلها. وحدهم الآخرون يحولونها إلى صور، تخلق منّا صوراً جديدة.

بعد هذا المقال، ربّما تكثر الأقاويل والتحليلات. لكنّ الأسرار في البيت.