لا يوم من أيامك يا تحتمس

لا يوم من أيامك يا تحتمس

21 ابريل 2017
ربما تحن إلى زمن مبارك (محمد الشاهد/ Getty)
+ الخط -
منذ وفاة أول إمبراطور حقيقي عرفه العالم؛ الفرعون المصري الشهير تحتمس الثالث في 1425 قبل الميلاد تقريباً، والمصريون يتحسرون على مجدهم التليد الذي ضيّعه خلفاؤه، رغم أن مصر شهدت من بعده حكاماً عظاماً أبرزهم رمسيس الثاني الذي يصنفه علماء المصريات باعتباره أكثر فراعنة الإمبراطورية المصرية شهرة وقوة.

أسّس تحتمس الثالث أول إمبراطورية مصرية، وهي الإمبراطورية التي استمرت حتى نحو عام 1070 قبل الميلاد، وكانت تمتد من حدود العراق الغربية حالياً، وشمال سورية، وليبيا غرباً، إلى الشلال الرابع في وسط السودان الحالي.

بعد زوال الإمبراطورية الفرعونية المصرية، على يد الإسكندر الأكبر الذي احتل البلاد بحجة طرد الهكسوس، تعاقب الغزاة على مصر، بداية من البطالمة والرومان وصولاً إلى الأتراك والإنكليز، ولم يحكمها أحد من أهلها إلا لماماً، والقلة القليلة من الحكام المصريين كانوا تابعين لإمبراطوريات خارج مصر.

يتحسر قطاع من المصريين اليوم على أيام الملكية، ويرى هؤلاء أن حكم الملك فاروق كان أفضل من حكم كل من خلفوه، ويستشهدون بالحياة الحزبية والنيابية التي كانت مزدهرة في ذلك العصر، متجاهلين مظاهر الفقر والجهل واحتلال الإنكليز للبلاد.

ثم يتحسر قطاع آخر من المصريين على أيام حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ويستشهدون بالقرارات الثورية التي اتخذها ورواج القومية العربية، والتخلص من التبعية، متجاهلين القمع والتعذيب والهزيمة في اليمن، ثم احتلال سيناء وتدمير قسم كبير من الجيش في الخامس من يونيو/حزيران 1967 الذي سمي بالنكسة.

وهناك من يتحسرون على أيام الرئيس الراحل أنور السادات، ويستشهدون بحرب أكتوبر 1973، والانفتاح الاقتصادي، ويتجاهلون تداعيات الانفتاح المدمرة على اقتصاد البلاد، والقطيعة العربية في أعقاب زيارته إلى إسرائيل، وتبعات معاهدة السلام المتواصلة حتى الآن.

قسم آخر من المصريين يتحسرون على الأمن والاستقرار في أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك، متجاهلين تدمير التعليم وتدهور الصحة، وانتشار الفقر والبطالة، والتبعية للغرب، ومشروع التوريث.

ثم تجد من يتحسرون على أيام الرئيس المعزول محمد مرسي، مقارنة مع الفشل الذريع المتواصل حالياً في عهد عبد الفتاح السيسي، متجاهلين أن طريقة حكم مرسي منحت معارضيه قبل المتربصين به الفرصة للانقلاب عليه.

تبدو إحدى مشكلات المصريين متمثلة في حرصهم على ترديد نغمات الفخر بالمجد البائد، من قبيل مقولة "حضارة سبعة آلاف سنة"، ما يجعلهم يعودون بالتحسر إلى عصر الإمبراطورية.
ولا يوم من أيامك يا تحتمس.

المساهمون