صدام حسين يعود إلى بيوت العراقيين

صدام حسين يعود إلى بيوت العراقيين

20 ابريل 2017
كتاب للحفظ (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -

في المكتبات وفي محال العاديات، مطبوعات وقطع من حقبة صدام حسين. واللافت هو الإقبال عليها أخيراً.

التأثير السلبي للخطابات السياسية الموجّهة خصوصاً على الأطفال، موضوع اختاره باحث يدعى عباس الرفاعي لأطروحته الخاصة برسالة الماجستير. وقد وجد الرفاعي خلال بحثه مراجع عدّة تعود إلى حقبة حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فمكتبات بغداد عامرة بكتب طبعت في ذلك العهد.

وتتوفّر في المكتبات وفي محال مختلفة مطبوعات، ولا سيّما مجلات وكتيبات مخصصة للأطفال، صدرت في تلك الحقبة. فيُعاد بيعها بأسعار بخسة، بحسب الرفاعي الذي يشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "سهولة حصولي على تلك المراجع يحسدني عليها زملائي. فهم يشكون من صعوبة تأمين بعض المراجع، الأمر الذي يتطلب منهم جهداً كبيراً".

كثيرون هم العراقيون الذين عمدوا إلى إحراق متعلقات لهم تعود إلى حقبة حكم صدام حسين بعد الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003، بسبب الخوف من الاعتقال وملاحقتهم من قبل الذين حكموا البلاد حينذاك. ومن بين تلك المتعلقات كتب تعود إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، كانت تصدرها وزارة الثقافة والإعلام وكذلك دور نشر مختلفة، وكانت تُطبع بكميات كبيرة وتوزّع مجاناً أو يُفرض بيعها إذ إنّها موجّهة من قبل الحزب الحاكم الذي كان يتزعمه صدام حسين.

على الرغم من إتلاف كميات كبيرة من تلك الكتب والمطبوعات، إلا أنّ أعداداً كبيرة منها ما زالت متوفّرة، بحسب ما يقول ضياء علي الذي يعمل في تجارة الكتب. ويشير علي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ مجلة "المزمار" ومجلة "مجلتي" من أشهر مجلات الأطفال العراقية، "وما زالت أعداد كثيرة منهما متوفّرة". يضيف أنّ "تلك المطبوعات صارت أرشيفاً مهماً لحقبة تاريخية من البلاد، لذلك تجد اهتماماً باقتنائها. والباحثون ليسوا وحدهم المهتمون بشراء تلك المطبوعات، فالعراقيون عموماً يُقبلون على مطالعتها وشراء بعض النسخ التي تأثروا فيها في فترة من حياتهم". ويتابع أنّ "بعضهم يبحث عن تلك المطبوعات التي تحوي أخباراً وصوراً لصدام حسين، ليس حباً به بل لاستذكار تلك المرحلة فقط".




في شارع الرشيد في وسط بغداد خصوصاً، نجد إلى جانب شارع المتنبي المتفرّع منه والمشهور ببيع الكتب، مكتبات ومحال وبسطات على الأرصفة لبيع كتب ومجلات ومطبوعات مختلفة. بعضها بحالة جيدة، فيما أكثرها إمّا تالفة جزئياً أو أنّ أغلفتها وبعض أوراقها ممزّقة. على الرغم من حالها تلك، إلا أنّها مرغوبة من قبل شريحة كبيرة من الناس. ويقول سالم الرويعي الذي يعمل في تجارة الكتب والمطبوعات منذ أكثر من ثلاثين عاماً، إنّه "ليس في العراق ما لا يُقرأ. لكلّ مطبوعة باحث عنها". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّه يعرف رغبات زبائنه جيداً، لا سيّما أنّ العمل لسنوات طويلة في المجال جمع له عدداً كبيراً من الزبائن الدائمين. ويشير الرويعي إلى أنّ "ثمّة كتباً تتناول صدام حسين أو فترة حكمه مطلوبة بشدّة من قبل بعض الباحثين والمهتمين بالتاريخ العراقي الحديث، وكذلك من قبل طلاب كلية العلوم السياسية. وفيما يبدو الأمر طبيعياً، يُستغرب بحث مواطنين عاديين من غير تلك الفئات عن تلك الكتب". يضيف أنّ "المجلات القديمة التي نُشرت فيها حوارات مع صدام حسين أو أحد أفراد عائلته، أو صور لعائلته، مرغوبة كذلك". لكنّ اقتناءها هو "لأنّها صارت نادرة. الأجيال الجديدة التي لم تعش تلك الحقبة، تقتنيها للاطلاع على تفاصيل من حياة أجيال سبقتهم".

في سياق متصل، وفي محال الخردوات وتلك الخاصة ببيع الأنتيكا، من الممكن العثور على قطع مختلفة ترمز إلى صدام حسين. بعضها من قبيل التذكارات التي طبعت عليها صوره كالصحون والأشغال اليدوية والميداليات، بالإضافة إلى تماثيل صغيرة له. في أحد تلك المحال، كان علاء فتحي يتفحّص ساعة يد تالفة طبعت عليها صورة صدام حسين. يقول لـ "العربي الجديد" إنّها "فترة لا يمكن محوها من تاريخ العراق. زمن صدام ولّى لكنّ الأثر لا يمكن محوه. هو موجود في كل مكان، وسوف يبقى كذلك، مثلما بقي أثر قادة كثيرين حكموا على هذه الأرض منذ آلاف السنين". ويرى فتحي الذي يعمل في تجارة التحف والقطع التراثية أنّ الإقبال على تلك القطع سوف يتزايد في الأيام والسنوات المقبلة، مضيفاً أنّه "بعد مرور أكثر من 14 عاماً على سقوط نظام صدام حسين، راحت تلك القطع في سوق الأنتيكات تشهد رواجاً". ويوضح أنّ "مقتني التحف والأنتيكات مهتمون بجمع القطع التي تحمل صورة صدام حسين. كثير منها يُعتبر من التحف التي ترتفع أسعارها مع مرور السنين".

إلى ذلك، وفي محلّ لبيع القطع المستعملة، عُرضت مجموعة من الأدوات الكهربائية المعطّلة وقداحات سجائر قديمة ومجسمات لآثار عراقية وغيرها. بينها، تبرز ساعة جدارية معطّلة بطول نصف متر، وقد طُبعت داخلها صورة لصدام حسين بالزيّ العسكري. وإلى جانبها إطار زجاجي قديم وضعت في داخله صورة أخرى يظهر فيها وهو يعتمر كوفية مرقطة باللون الأحمر. يُذكر أنّ في المحل كذلك صور أخرى لرؤساء العراق وملوكه السابقين معروضة للبيع. ويقول صاحبه أحمد الشيخلي لـ"العربي الجديد" إنّ "من الفطنة أن يهتم البعض باقتناء تلك الأشياء. حين يستقر الوضع الأمني في العراق وتعود الحياة طبيعية بعد طرد داعش ويتحسّن الوضع الاقتصادي، سوف ترتفع قيمة تلك القطع كثيراً لأنّها تصبح نادرة تدريجياً ومع مرور الزمن". ويشدد الشيخلي على أنّ "بيعي لتلك الأشياء لا يعبّر عن ولائي وانتمائي، مثلما يشير البعض. فأنا أعرض صوراً لجميع حكام العراق. تلك مهنتي".