ممارسة الرياضة في الجزائر بين العادة الصحية و"البريستيج"

ممارسة الرياضة في الجزائر بين العادة الصحية و"البريستيج"

18 ابريل 2017
نقص المساحات المخصصة للرياضة بالمدن والأحياء(فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
جزائريون كثر يعترفون بفائدة الرياضة، وكثيرون يعتبرونها ركنا صحياً أساسيا، لكن قليلين يمارسونها ولو مرة في الأسبوع. يراها بعضهم من الأمور الثانوية، يجدها آخرون من مظاهر الرفاهية أو "بريستيج" فقط.

هناك من يهرب من الرياضة لأنها "تحتاج إلى الوقت والمزاج" على حد قول مروان سعدي (42 عاما) لـ"العربي الجديد"، معللا عزوفه عن ممارسة الرياضة بسبب عمله اليومي الذي لا يترك له مجالا للتفكير بالرياضة.

مروان شاب جزائري متخرج من كلية العلوم الاقتصادية، ويشتغل في شركة خاصة بمنطقة عين البنيان غرب العاصمة الجزائرية، لكنه يقطن مدينة بومرداس (35 كيلومترا شرق العاصمة الجزائرية). ويعترف بأن الرياضة مفيدة وهامة لتحسين نفسية الإنسان، لكنه يضيف: "أستيقظ عند السادسة صباحا، وصراعي يومي مع وسائل النقل من شرق العاصمة نحو غربها، وغالبا ما أجد صعوبة في الوصول مع بداية الدوام إلى عملي، وفي نهاية اليوم أجد نفسي متعبا أحتاج فقط لفنجان قهوة والعودة إلى البيت للراحة".

أما آسيا وهي الطالبة بكلية الحقوق في بن عكنون بالعاصمة الجزائرية، فتوضح لـ"العربي الجديد" أن الرياضة "عمل إضافي". وتقول: "نحن في الجزائر إن فكرنا في إيجاد وقت للرياضة، تظهر أمامنا معوقات عدة، أولها عدم وجود مساحات مخصصة لممارسة الرياضة، وإن وجدت فهي غير متوفرة في الحي الذي نقطنه".

وعن القاعات المخصصة للرياضة، تقول آسيا: "الذهاب إليها يحتاج إلى وسيلة نقل، وهذا يعني أن على الشخص تخصيص يوم في الأسبوع لممارسة نوع من أنواع الرياضة داخل القاعة".


الكاراتيه من الرياضات التي يقبل عليها الجزائريون خصوصا الأطفال (فيسبوك) 


ونهاية الأسبوع "غالية الثمن" بالنسبة للجزائريين، فهي مخصصة للراحة؛ وغالبا ما يقضيها الكثيرون في النوم إلى ساعة متأخرة من نهار الجمعة، على حدّ تعبير عبد العالي (37 عاما)، ويشير إلى رؤية الأهل أيضا، في حين تغيب الرياضة عن برنامجه بالرغم من أن لديه ولدين صغيرين يمارسان رياضة الكاراتيه. ويوضح أن الالتزامات اليومية تجبره على تخصيص كامل وقته للأسرة والعمل.





من مفارقات الأسرة الجزائرية أنها تشجع أبناءها الصغار على ممارسة إحدى الرياضات، خصوصا السباحة والكاراتيه، وهي ثقافة بدأت تنتشر في المجتمع الجزائري، بحسب قول المختص في التربية البدنية في إحدى المدارس الابتدائية، نور الدين شوار.

ويوضح أن ممارسة الرياضة تحتاج إلى الدافع أولا، والمواصلة ثانيا، فنجد الآباء يدفعون أبناءهم نحو ممارسة إحدى الرياضات، لكن بشرط "إن وجدت قاعات خاصة بالرياضة قريبة من أحيائهم السكنية".


الرياضة تتطلب التزاما (فيسبوك) 


ويلفت شوار إلى أن "الطفل مع مرور الوقت يتوقف عن ممارسة الرياضة ووصوله إلى المرحلة المتوسطة والثانوية، لعدم متابعة الأهل لأبنائهم وتشجيعهم على مواصلة ممارسة الرياضة".

ويشير إلى وجود عشرات الملاعب في مختلف المدن الجزائرية، إلا أنها "تفتقر لخطة استراتيجية تساعد الأسر وتحفزهم على ممارسة الرياضة"، لافتا إلى غياب "الممشى" المخصص للمشي الجماعي في الأحياء السكنية الجديدة، أو مساحات مخصصة للرياضة، خصوصا في المدن الداخلية".

الرياضة ليست ترفيها فقط (فايز نور الدين/فرانس برس) 


وعن حجة "انعدام الوقت"، تطرق رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر إلى ملاحظة هامة "مضحكة ومبكية" في آن، وهي أن "الجزائري حاول أن يقلد غيره في النهوض باكرا وممارسة الرياضة وأخذ دوش (يغتسل)، ثم يفطر ويقرأ الجريدة ويذهب للعمل، فوجد أنه تأخر ووصل وقت المغرب".

وبالرغم من عزوف الأسر الجزائرية عن ممارسة الرياضة، غير أن اللافت أن الشباب الجزائري يتأثر بالأفلام السنيمائية، ويقبلون على رياضة "كمال الأجسام". وبحسب تصريح حسين بودالي (28 عاما) فإن هذا النوع من الرياضة انتشر في السنوات الأخيرة، وخصوصا في كبريات المدن الجزائرية، نتيجة تأثر الشباب بأفلام السينما وتقليد الممثلين.



المساهمون