المغرب: الإهمال الطبي يقتل الطفلة إيديا ودعوات لوقفة احتجاجية

المغرب: الإهمال الطبي يقتل الطفلة إيديا ودعوات لوقفة احتجاجية

12 ابريل 2017
توفيت نتيجة نزيف داخلي (فيسبوك)
+ الخط -

حمل صورة طفلته إيديا بين يديه، ولملم حزنه عائداً من جنازتها اليوم، بعد أن توفيت صباح أمس الثلاثاء في المستشفى الجامعي، الحسن الثاني، في فاس (جنوب شرق المغرب)، نتيجة إهمال طبي.

إدريس فخر الدين، والد الطفلة إيديا، البالغة من العمر حوالى 3 سنوات، والمنحدرة من جماعة تودغى العليا بإقليم تنغير، قال في تصريح لـ "العربي الجديد":" من المجحف القول إن ابنتي توفيت نتيجة إهمال طبي، الأمر أكبر من ذلك بكثير. لقد ماتت جراء إهمال مؤسساتي وسوء تدبير ملف الصحة في المنطقة".

وأضاف: "من السهل اتهام الأطباء وتعليق شماعة موت ابنتي عليهم، رغم أن بعضهم يتحملون جزءا من المسؤولية نتيجة سوء تشخيص الحالة، لكن الإشكالية هيكلية تمتد إلى العطب الكبير في قطاع الصحة".

وفي تفاصيل الواقعة، أوضح فخر الدين أن ابنته كانت تلعب تحت عيني والدتها، فتعثرت وسقطت، الأمر الذي نجم عنه إصابتها بجروح ورضوض، حيث تم نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي لتنغير، لكنها لم تتلق إلا الإسعافات الأولية، بالنظر إلى غياب المعدات الطبية، الأمر الذي اضطره إلى التوجه صوب المستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بالراشدية، هناك خضعت الطفلة لتشخيص غير دقيق لحالتها، ولم تكشف نتائج الفحص وجود نزيف داخلي، ولا إلى وجود أي كسر في العنق ولا الجمجمة باستثناء كسر فوق العين، دفع الأطباء إلى توجيه الأب إلى طبيب مختص بجراحة العيون بفاس.

وأضاف والد إيديا: طمأنني الأطباء بأنه لا خطورة على حياة ابنتي، وبأنها أصيبت فقط بكسر صغير فوق العين يتوجب نقلها إلى طبيب عيون مختص، وهو ما قمت به إلا أن الأطباء أكدوا لي هناك تدهور حال ابنتي، وأرشدوني إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، وهناك لفظت أنفاسها الأخيرة".


والد إيديا المكلوم لم يخف حزنه على رحيل طفلته بهذه الطريقة، إلا أنه وجه رسالة إلى المسؤولين عن قطاع الصحة بالمنطقة وإلى الوزارة الوصية قائلا: "إيديا ليسا الأولى ولن تكون الأخيرة التي توفيت جراء الإهمال الطبي، كم من إيديا ماتت في السر، لكن أتمنى أن تكون وفاتها سببا لتحرك المسؤولين وإعادة الاعتبار للمواطن وحقه في العلاج".

وأثارت وفاة إيديا غضبا وغليانا في تنغير وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ودعا نشطاء إلى تصعيد الاحتجاجات، وكذلك إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام المستشفى الإقليمي بتنغير.

وكتب الناشط هشام أبو عليا معلقا على وفاة الصغيرة قائلا: "أي مقدار من الوجع في أن تموتي بكسر بسيط، وقد بلغ تقويم الميلاد ألفين وسبعة عشر عاما؟ فقط لأن في منطقتك الشاسعة يحتاج الناس جهازا طبيا فلا يجدونه؟

هل ثمة ما يدعو إلى الحسرة، في يوم الناس هذا؟ ألم ينقض كل شيء بموتك؟ فلا مقعد دراسيا سيحتضنك بعد اليوم، ولا هي دمية ستتقلب في يديك؟ ما النفع في أن نبكي أو نتحسر؟ ألن يشغلنا خبر ضحية أخرى عن مأساتك، غدا أو بعد غد؟ 

كما استنكر مشيعون، حضروا جنازة الطفلة إيديا، اليوم الأربعاء، ما تعرضت له  من تقصير طبي وسوء تقدير لوضعها الصحي وتركها عرضة للموت، وغياب التجهيزات الطبية الكفيلة بضمان الحق في العلاج، ورحلة المعاناة التي يقطعها المواطن البسيط والتي تنتهي في الغالب بموته أو إصابته بعاهة مستديمة.

وقال الناشط الأمازيغي، موحى رحماوي لـ "العربي الجديد": ندفن اليوم طفلة لا ذنب لها غير أنها كانت تلعب كأقرانها، أصيبت فلم تجد فرصة التطبيب والتدخل الاستعجالي لإنقاذها، ولم تجد إسعافا يقلها لـ 130 كيلومتراً لعاصمة الجهة لعلها تجد من يمد لها يد العون، وفشل السكانير المعطوب في تشخيص النزيف الداخلي، لترحَّل إيديا لفاس أزيد من 400 كلم، حيث فارقت الحياة هناك".

وتساءل رحماوي: إلى متى سيدفع المواطن البسيط روحه ثمنا لتردي الوضع الصحي، وسياسة صحية معلولة ينتفي معها الحق في العلاج، داعيا الوزارة الوصية إلى رد الاعتبار للمواطن، وضمان كرامته، وتوفير الظروف الملائمة للتطبيب".

من جهتها، أكدت شبكة جمعيات تنغير للتنمية والديمقراطية أن حالة الطفلة إيديا تدق ناقوس الخطر حول الوضع الصحي بتنغير، والتهديد اليومي الذي يمس حق العيش في ظروف صحية سليمة"، محملة "السلطات العمومية والصحية والهيئات المنتخبة بالإقليم مسؤولية تردي الوضع الصحي."