خطوات حكومية تستهدف طالبي اللجوء في فرنسا

خطوات حكومية تستهدف طالبي اللجوء في فرنسا

11 ابريل 2017
تجتهد الحكومة لترحيلهم خارج فرنسا (فيليب هيوغن/فرانس برس)
+ الخط -



خلف تصريحات السياسيين الفرنسيين بخصوص استقبال المهاجرين واللاجئين، يوجد واقعٌ عنيد وصعب، يعيشه من يُقْدِم على طلب اللجوء في هذا البلد. وتسعى الحكومة الفرنسية بكل الطرق الممكنة، ولو بمخالفة القوانين، لثني هؤلاء عن اختيار فرنسا بلداً للجوء.

وهذه الحقيقة يعبر عنها طالِبُو لجوءٍ متعبون، أنهكهم بطء الإدارة الفرنسية، كما تعترف بوجودها منظمات فرنسية تكرس وقتها لمساعدة هؤلاء، وتشير إلى خطوات حكومية صامتة لردع طالبي اللجوء عن تسجيل طلباتِهم، واجتهادها في عدم تخطيهم عتبة المائة ألف طلب. ويحدث كل هذا على الرغم من توقيع فرنسا معاهدة جنيف.

بعد إغلاق مخيم كاليه في أكتوبر/تشرين الأول 2016، صار لزاما الانتقال إلى مدينة ليل لتقديم طلب اللجوء، رغم الصعوبات ومخاطر الاعتقال وهم في الطريق للموعد المنتظر منذ أسابيع، باعتراف منظمات إنسانية وخيرية منها جمعية "الإغاثة المسيحية".

وثمة استراتيجيات سرية أخرى لدى الحكومة، وخاصة في المدن الحدودية مع إيطاليا، إذ يُرغم المهاجرون على العودة إلى إيطاليا وتقديم طلبات اللجوء هناك، بحجة الاتفاقات الثنائية بين البلدين.

وتكشف إحصاءات عام 2016، أن السلطات الفرنسية أوقفت أكثر من 35 ألف مهاجر، وطردت أغلبيتهم إلى إيطاليا، على الرغم من اعتبار المحكمة الإدارية في مدينة نيس، أن السياسة التي ينفذها والي الأمن ضد المهاجرين "غير قانونية".

وفي باريس الأمر ليس سهلا، فطالب اللجوء أمامه أكثر من شهرين نظريا، ونحو عشرة أيام قانونيا، حتى يتقدم من مكتب "فرنسا أرض اللجوء"، للحصول على موعد مع الإدارة Préfecture، رغم احتمالات تعرضه للاعتقال البوليسي ثم الطرد العاجل.





ولا تتورع الحكومة عن استخدام ما يسمى بـ"معاهدة دبلن"، أي إعادة أي طالب لجوء إلى أول بلد أوروبي أخذ بصماته. رغم أنّ المعاهدة لا تُعفي الحكومة الفرنسية من تسجيل طلبات اللجوء، ما يجعل وضعهم قانونيا، يؤهلهم أن يحصلوا على مساعدة مالية، ويستفيدوا من التغطية الصحية. علما أن الحكومة عبرت قبل شهرين عن تسامحها مع مهاجري كاليه وباريس، واعدةً بألا تستخدم معاهدة دبلن بحقهم.

ولكن مع افتتاح المخيم الإنساني في باريس، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، فرضت الدولة على هؤلاء المهاجرين المرور على "مركز دراسة الوضعية الإدارية"، لترحيلهم من هناك إلى بلدان اللجوء الأولى، دون تسجيلهم كطالبي لجوء، ودون تدخل حقيقي من "المكتب الفرنسي للهجرة والإدماج". بل غالبا ما يقترح المكتب الأخير على المهاجرين عودة طوعية إلى بلدانهم، باعتراف كثير من المهاجرين استجوبهم المكتب.

المؤلم في الأمر أنه حين ينجح المهاجر، بعد طول انتظار، في الحصول على موعد لتقديم طلب اللجوء، تأتيه رسائل من إدارة الأمن تطالبه بالرحيل، وتُعلِمه بأن موعده لتقديم طلب اللجوء أصبح لاغيا.

وحسب شهادات مهاجرين مروا وأقاموا في "المركز الإنساني في باريس"، والذي لا تتوقف عمدة باريس، آن هيدالغو، عن اعتباره من أكبر نجاحاتها، فإنه أصبح يشبه "آلة لسحق الآلاف من المهاجرين في باريس"، وساهم في حرمان المهاجرين من حقهم في الحصول على أوراق إقامة مؤقتة وعلى إعانة مالية قدرها 6.80 يورو يوميا.

وتؤكد أربع جمعيات ومنظمات تهتم بشؤون المهاجرين واللاجئين ما يحصل في المركز المذكور، وهي "سيماد" و"جيستي" و"مجموعة الاستقبال والتضامن" و"دوم-أزيل"، التي رفعت شكوى قضائية ينتظر دراستها، غدا الأربعاء 12 أبريل/ نيسان الجاري.

تدافع وزارة الداخلية بشدة عن وظيفة "مركز دراسة الوضعية الإدارية"، وتؤكد أن تسجيل طلبات اللجوء يتم في ثمانية أماكن في باريس وضواحيها، الأمر الذي يرفضه كثير من المهاجرين.

وهكذا يبقى دور المنظمات الإنسانية والطبية والإغاثية والقانونية بالغ الأهمية في ظل فتور الفرنسيين تجاه اللاجئين، وانشغالهم بوضع اقتصادي سيّئ وبأجواء الانتخابات المثيرة.



المساهمون