المغاربة أكثر ثقة بالشرطيات المتفانيات في العمل

المغاربة أكثر ثقة بالشرطيات المتفانيات في العمل

11 ابريل 2017
تستعد لتنظيم السير (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -
في مختلف شوارع المغرب شرطيّات ينظّمن المرور، أو يحفظن الأمن. وهذا ليس غريباً في البلاد، إذ اعتاد المواطنون رؤية شرطيّات. في عام 2004، بدأ توظيف شرطيّات في البلاد، وذلك في خضم التغيّرات التي شهدتها المملكة في ذلك الحين، منها إشراك العنصر النسائي في مجالات عدّة، وحدث أن اختيرت البطلة الأولمبية نوال المتوكل وزيرة للرياضة.
وبعد تخرّج أوّل دفعة من الشرطيّات، واجهن صعوبات عدة، تجلّت في تعرّضهن للتحرّش والإهانة أحياناً. في وقت لاحق، بات وجود شرطية أمراً عادياً، حتى إنّ دورها بات أساسيّاً، وكثيراً ما يُشاد بأدائها.

في هذا السياق، تقول شرطيّة مغربيّة فضّلت عدم الكشف عن اسمها، كونها ليست مخوّلة بالحديث إلى الصحافة، لـ "العربي الجديد"، إنّه في بداية عملها كانت تُلاحظ نظرات استغراب من المواطنين في الشوارع. بعضهم كان يرفض أن تطلب منه امرأة ركن السيارة لطلب أوراقه. وترى أنّه كان هناك رفض لعمل المرأة كشرطيّة في الشارع، خصوصاً من قبل الرجال. لم يتقبّل كثيرون أن تطلب منهم امرأة إشهار وثائقهم. وتلفت إلى أنّ بعض النساء أيضاً كنّ يستهجنّ توجيهات الشرطة، الأمر الذي كان يؤدي إلى إثارة مشاحنات لفظيّة.

تضيف أنّه بعد تخرّج المزيد من الشرطيّات وبدء العمل بات غالبية المواطنين يتعاملون بإيجابية وسلاسة مع الشرطية. في هذا السياق، يقول الناشط بدر بشراوي، لـ "العربي الجديد"، إنّه بحسب استطلاع ميداني، تبيّن أنّ المواطن المغربي يحترم الشرطيّة ويثق بها، لافتاً إلى أنّ غالبيّة المستجوبين أشادوا بعمل الشرطيّة. ويوضح المتحدّث أنّ دوافع الإشادة التي أظهرها العديد من المغاربة تتجلّى في كون الشرطية لا تلجأ إلى السلوكيّات السلبيّة مثل التعامل بفظاظة، أو التصرف بشكل متعالٍ، عدا عن كفاءتها المهنيّة وتفانيها في العمل، بالإضافة إلى تغاضيها عن الهفوات الصغيرة وتعاملها بشكل إنساني مع المواطنين.

ومنذ عام 2004 تطوّر عمل المرأة الشرطيّة، ولم يعد محصوراً في تنظيم السير وغيره، بل شهد عملها نقلة نوعية بعد إدخال العنصر النسائي ضمن فرقة الدراجين قبل عامين، أي أن الشرطية باتت تقود الدراجة النارية وتجوب شوارع وأحياء المدينة لضبط الأمن ومكافحة الجرائم وتعقب المخالفين.



تجدر الإشارة إلى أنّ تجربة "الشرطيّة الدرّاجة" بدأت في مدينة الدار البيضاء أوّلاً، بهدف حفظ الأمن في الأحياء والشوارع، قبل تعميم هذه التجربة على مدن كبرى أخرى مثل الرباط ومراكش وفاس وغيرها. واعتبرت الأولى من نوعها على الصعيدين العربي والأفريقي.
إلى ذلك، تقول الباحثة في علم الاجتماع، ابتسام العوفير، لـ "العربي الجديد"، إنّ عمل الشرطيّة في البلاد مرّ بمراحل عدة، لافتة إلى أنّ التدرّج في إدخال النساء إلى هذا القطاع كان إيجابياً، إذ ساهم في تقبّل الناس الشرطيّات في الشوارع والطرقات، وبالتالي دفع المواطن المغربي إلى التعاطي مع الشرطيات بلباقة وتهذيب.

تضيف العوفير أنّ المرحلة الثانية تجلّت في زيادة عدد الشرطيات في الشوارع، وتوكيلهن مهامّ أمنية مختلفة، سعياً إلى تأكيد التزامات المغرب الدولية بشأن المساواة والإنصاف بين الجنسين في مجالات العمل، نظراً إلى إقبال العديد من الفتيات على مهنة الشرطي خلال السنوات الأخيرة. وتلاحظ أن إدارة الأمن كانت تتعمّد تعيين امرأة إلى جانب شرطي رجل عند تقاطع المدارات والطرقات، بهدف تهيئة المزاج الشعبي والاجتماعي لقبول وجود المرأة كشرطية في المشهد الجماعي للمدينة، وهو ما تحقّق بفضل ما أظهرته الشرطية المغربية من كفاءات مهنية.

أمّا المرحلة الثالثة، بحسب العوفير، فكانت قبول المجتمع بوجود امرأة ترتدي زي الشرطة في مختلف المناطق في البلاد، والتجاوب مع عملها في الحفاظ على الأمن وسلامة السير على الطرقات، وتكليفها بمهام أخرى، حتى إن بعض الشرطيات شاركن في اقتحام الأحياء والمناطق الخطرة في المدينة.

يشار إلى أنّه حين أُسّس الأمن في المغرب في 16 مايو/ أيار عام 1956 كانت المؤسسة الأمنية حكراً على الرجال فقط. وبعد سنوات من الاستقلال وإنشاء المعهد الملكي في عام 1978، لم يكن دور المرأة في قطاع الشرطة يتعدّى كونها مسعفة شرطة أو مساعدة. وفي عام 2001، عُدّل المرسوم وأعطيت المرأة حقّ الولوج إلى مختلف أسلاك الشرطة. وأوّل فوج نسائي شمل 20 متدرّبة، ثم بات العدد 1057 شرطية في عام 2007، فيما تدربت 2500 امرأة في عام 2010، وعملن في مجالات مختلفة، وكان بينهن الضابطة والعميدة والمفتشة المركزية وأخريات.

دلالات

المساهمون