سوريون: نتأهب للموت وننطق الشهادة مع كل قصف

سوريون: نتأهب للموت وننطق الشهادة مع كل قصف

06 مارس 2017
يعرف أهالي إدلب مكان القصف من الدخان (عارف وتد/الأناضول)
+ الخط -




بات القصف حدثاً روتينيا شبه يومي يعيشه سكان محافظة إدلب السورية التي تتعرض إلى قصف متكرر من قبل الطائرات الروسية وطائرات النظام، ما يجعل الموت طقسا عاديا ينتظر كثيرين.

ويتأهب السكان في المدن والأرياف للقصف فور إطلاق صافرات الإنذار التي تنطلق بمجرد رصد دخول الطائرات الحربية إلى أجواء المدينة، كما يتابع السكان مجريات القصف على مدار الساعة من خلال "القبضات" اللاسلكية التي باتت موجودة في كل بيت.

تحكي علا، التي تعيش في إدلب، كيف تعيش لحظات القصف قائلة: "أصعب لحظة حين يصرخون بالقبضات؛ الحربي نفذ، أي تم إطلاق الصاروخ أو البرميل. هنا يكون الصاروخ في الجو، ولا نعرف أين يسقط، أسمع صفيره في الهواء وأقول لنفسي الآن سيسقط فوق رأسي، وحين يسقط الصاروخ آخذ نفساً عميقاً، ثم يقولون مرة أخرى؛ الحربي نفذ، في تلك اللحظات لا تملك أن تتحرك من مكانك. تعرف أنه لا يوجد مكان آمن. في إدلب لا يوجد ملاجئ في الأبنية، حتى الأقبية غير آمنة، فحين يضرب طيران النظام يصيب الطوابق العليا، أما حين يضرب الطيران الروسي فيسقط كامل البناء ويصبح كل من في القبو تحت الركام".

وتضيف: "في آخر غارة كنت مع جدي وجدتي في الطابق السابع، كل ما استطعنا فعله أننا ركضنا ونزلنا على الدرج، وصلنا إلى درج الطابق الثاني، كنا نسمع أصوات الطائرة فوقنا، جثونا تجنباً للشظايا، كلما كانوا يقولون نفذ، نبدأ بالعد واحد اثنين ثلاثة، إلى أن يسقط الصاروخ، غالباً ما ينفجر خلال أقل من دقيقة".

أما فاطمة، وهي أم لثلاثة أطفال، وتعيش في مدينة إدلب، فتصف لحظات القصف قائلة: "ما أن أسمع الصافرة أو التحذير من القبضات؛ أنادي أولادي وأجمعهم حولي. نقف تحت سقف الممر، وأحياناً في الحمام، يقال أنه أفضل مكان داخل البيت، في هذه اللحظات أشعر أن أنفاسنا تتوقف ريثما يسقط الصاروخ، أحياناً يمر من فوقنا، وأحياناً يسقط بالقرب من بيتنا، لا أحد يعلم. نبقى على هذا الحال ونحن نعد الصواريخ، أحياناً يمر اثنان أو خمسة وأحياناً عشرة إلى أن تغادر الطائرة، صارت حالة الخوف جزءا من حياتنا".


وتضيف: "ابنتي الكبرى عمرها 17 سنة، تسقط دموعها لاإرادياً كلما قالوا نفذ، وابني الأصغر بات عصبياً ومتوتراً طوال الوقت، وبات يلومنا قائلاً: أخرجونا من هذا البلد، لا أريد أن أعيش هنا. أما طفلي الصغير فكلما يسمع صوت الصافرة يركض إلي، رغم أن الصافرة لا تنطلق كل مرة، في بعض الأحيان تضرب الطائرة فجأة".

أما أحمد، وهو شاب يعمل في بيع المحروقات في مدينة أريحا بريف إدلب، فيقول "حين يأتي الطيران، يركض الجميع، كل باتجاه، أحياناً أدخل أحد المحلات القريبة، أو مدخل أحد الأبنية، نفعل هذا لنحمي أنفسنا من الشظايا أما إذا سقط الصاروخ فوقنا فسنموت حتماً. في كثير من الأحيان تضرب الطائرات السوق وهو مكتظ على الدوام، لذا فحين تأتي الطائرة، ينقلب السوق رأساً على عقب، الناس تترك محالها وبضائعها وتخرج".

ويردف "بعد أن يسقط البرميل أو الصاروخ، أرى الناس تخرج من الأبنية، نساء يركضن وهن يضعن أغطية الصلاة، يذهب الجميع إلى مكان الضربة للإطمئان على أقاربهم ومعارفهم، خاصة إن كان لهم أحد هناك، بعد حوالي ساعة من الغارة تبدأ الأمور بالعودة إلى طبيعتها ويعود الناس إلى السوق، ويسألون بعضهم؛ مين مات اليوم؟".

يعيش أبو مصطفى، في كفرنبل في ريف إدلب، ويقول: "حين يعلنون أن الصاروخ في الجو، ننطق جميعاً الشهادة، في كل مرة نفعل ذلك، مع أننا نكون في الحمام أحياناً، وحين تبدأ الغارات يكون بين الصاروخ والآخر عدة دقائق، خلال هذه الدقائق، يبدأ الناس بالاطمئنان على بعضهم، في آخرة مرة كنا مرابطين في الحمام، ضرب الطيران بالقرب من بيتنا، وكان لا يزال في الأجواء، بعد الصاروخ الأول بدأت هواتفنا بالرنين، كان غبار الصاروخ الأول لايزال في الجو، مع هذا تركتهم في الحمام وخرجت لأرد على الهاتف، لأني أعلم مدى قلق أهلنا علينا، يعرف الناس أين نفذ الحربي حين يرون مصدر الدخان في الحي".