فلسطينيات الداخل محرومات من الميراث

فلسطينيات الداخل محرومات من الميراث

19 مارس 2017
يناضلن ولا يحصلن على حقوقهن (معمر عواد/ الأناضول)
+ الخط -
"الأرض تورث من جيل إلى جيل" مقولة معروفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكنّها لا تنطبق بالضرورة على الفلسطينيات المسلمات خصوصاً في الجليل. هناك لا ترث النساء. الظلم يلحق بحقوقهن من باب العادات والأعراف من دون أن يعطيهن حقاً اكتسبنه من خلال الشريعة الإسلامية بالرغم من التزام المجتمع دينياً.

تساهم المعايير المزدوجة هذه في إفقار النساء مع ما في ذلك من عنف اقتصادي ضدهن. هذا الوضع دفع عدداً من الجمعيات الحقوقية إلى رفع الصوت من خلال نشاطات مستمرة تبدو من دون أفق. وفي شهر المرأة مارس/ آذار الجاري نظمت جمعية "السوار" العربية النسوية محاضرة بعنوان "حقي أن أرث" للحديث عن هذه القضية بالذات. وقدمت العضوة في الجمعية الباحثة فاتنة أبو يونس خلاصات بحث أجرته بهدف الحصول على شهادة الماجستير في الدراسات الجندرية حول "حق الميراث لدى النساء المسلمات الفلسطينيات ما بين الدين
والعادات الاجتماعية".

في بحثها، أجرت أبو يونس مقابلات مع 24 امرأة من منطقة الجليل في الداخل الفلسطيني المحتل تحدثن عن تجاربهن في الميراث من عائلاتهن، فاتضح أنّ اثنتين فقط حصلتا على هذا الحق، على عكس الأخريات.
تقول أبو يونس: "هذه الظاهرة متجذرة في كلّ الدول الإسلامية، وبات ميراث المرأة من التابوهات بالنسبة للرجال. تحرم المرأة من الميراث سواء أجبرت على التنازل عنه أو أغفل حقها عنوة. بات الحرمان عادة اجتماعية لا داعي للتفكير فيها، بل هناك تفهّم له من المجتمع، فالمرأة يجب أن تتنازل عن حقها لأخيها. هي ظاهرة لا تقتصر على فلسطينيي الداخل بل متجذرة في كلّ الأراضي الفلسطينية منذ عهود بعيدة أقلّه منذ فترة الانتداب البريطاني. رصدت خلال بحثي في المحاكم الشرعية في الداخل الفلسطيني السنوات ما بين 1974 و1984، فتبيّن أنّ معظم النساء يتنازلن عن حقوقهن في الميراث".



تشير أبو يونس إلى أبحاث سابقة في القدس والنقب ونابلس، منها ما أجرته الباحثة الهولندية أنليس موريس في ثمانينيات القرن الماضي، وقد خلصت جميعها إلى أنّ معظم النساء يتنازلن عن ميراثهن.

عن هدف بحثها تقول أبو يونس: "هو بحث في صميم واقع النساء يهدف إلى تلبية احتياجاتهن الاقتصادية والاجتماعية. وكونه موضوعاً اجتماعياً، فهناك ربط شديد بين وضع النساء الاقتصادي السيئ والعنف الاقتصادي والعنف الاجتماعي النابع من حرمان المرأة من الميراث. أما الظاهرة الأوسع انتشاراً فهي الحرمان من الميراث عنوة وليس تنازل النساء". فالحرمان بات فعلاً آلياً تغيّب فيه حقوق المرأة بالكامل، خصوصاً أنّ الأعراف المتبعة تنصّ على إبقاء رجال العائلة وحدهم حراساً للإرث.

يسلّط المجتمع أعرافه على المرأة وينتهك حقوقها: "حصول المرأة على حقوقها يعزز وضعها تجاه الرجل ويعدّل في موازين القوى، ويساهم في القضاء على النمطية في التعاطي معها ومع قضاياها". وعن التمييز الحاصل، تقول أبو حسن: "السبب الرئيسي الواضح أنّ النساء يتنازلن عن حقوقهن في الميراث خجلاً وخوفاً من مقاطعة الأهل والعائلة لهن. كذلك، هناك عوامل أخرى منها محبتهن لأشقائهن وهي جزء من نسيج التربية والتنشئة في العائلة العربية، فالأخت تشعر أنّ الأخ هو من يحميها، فمقابل تنازلها عن الميراث، تحصل على الحماية منه حتى لو كانت في بيت زوجها".

من جهتها، تقول المتطوعة في جمعية "السوار" ليلى جاروشي حسن لـ"العربي الجديد": " قضية حق المرأة في الميراث لم يجرِ العمل عليها بعد بما فيه الكفاية اجتماعياً. وحتى في التنظيمات النسوية لم تكن هذه القضية من الأولويات وسط أمور اعتبرت ملحّة أكثر دائماً، مع أنّ الحرمان من الميراث يؤدي إلى إفقار النساء، وهو من أساليب العنف الاقتصادي تجاههن".

المساهمون