ملاحظات على هامش يوم النساء العالمي

ملاحظات على هامش يوم النساء العالمي

19 مارس 2017
لبنانية... متظاهرة (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -
قالت الإعلامية مي شدياق في كلمتها أثناء تكريمها من قبل إحدى الجامعات: "اليوم يجب أن يكون يوم المرأة اللبنانية". كرّرت مصطح "المرأة اللبنانية" أكثر من أربع مرات في مواقع مختلفة دون أن تدرك ربما أن المرأة اللبنانية التي تخاطبها لا وجود لها. فمن هي يا ترى المرأة اللبنانية؟ ما هي مواصفاتها ومن تمثّل؟ استخدام مصطلح "المرأة اللبنانية" هو توصيف مطلق وأحادي الجانب للإشارة إلى النساء في لبنان، وهو توصيف ينكر عليهن تنوّع تجاربهن وخلفياتهن وقدراتهن.

لا يوجد نموذج واحد للمرأة اللبنانية. الحديث، أي حديث، يجب أن يكون عن النساء في لبنان، وليس حتى عن النساء اللبنانيات. مصطلح النساء في لبنان يعطي مساحة واعترافاً بتنوّع تجارب النساء وخلفياتهن.

في مقابل هذا التصريح، ثمة مقاربة يمينية لحقوق النساء وتمكينهن. لا نعرف كيف نوصّف هذه اليمينية في الطرح، لكنها تتبدى من خلال النظرة الطبقية، التي تنظر بشفقة في كثير من الأحيان تجاه النساء لا سيما المهمّشات منهن. تشعر وكأن مقاربة الطرح تختزل النساء بنخبة ضيقة منهن، غير متصلة بأرض الواقع وتداعياته على النساء. بكلمات أخرى، يرمي هذا الطرح إلى أن يضع حقوق النساء كـ"إكسسوار" في سياق الحديث، ليبدو الحديث والفكر تقدمياً. لا يعرفون ربما أن الطرح اليميني، مثله مثل المقاربة الغربية "البيضاء" لحقوق النساء، يكرّس تهميش النساء وإقصاءهن. قد نرى في هذا الخطاب اليميني لحقوق النساء نفحات عنصرية وأخرى طبقية. لا نريد أن نسمع رأي أولئك "المدافعات عن حقوق النساء" بخصوص اللاجئات مثلاً، أو معاناة العاملات الأجنبيات في المنازل.

هي كذلك المقاربة الغربية "البيضاء" لحقوق النساء. ترى في هذه المقاربة نفحة "إنقاذية" للنساء، تستنفر رائداتها بالنظر للنساء وكأنهن كلهن ضحايا بحاجة لإنقاذ ودفاع، أو أنهن جميعاً بحاجة المخلّص "الغربي" للخلاص من واقعهن المزري. لتمكين النساء نظريات عديدة وطرائق مختلفة، لعل جذر التمكين الحقيقي يكمن في النظر لتجربة كل امرأة كتجربة فريدة، والإيمان بقدرات تلك النساء على تغيير واقعهن بأيديهن وإن بمساندة أو مساعدة معينة حسب حاجاتهن.

ليس كل من تكلّم عن حقوق النساء أو قاد حملة للدفاع عن حقوقهن يرغب بالفعل بتغيير أوضاع النساء وأحوالهن. يبدأ التغيير بأكثر أشكاله بساطة بأن يتصالح الطرح مع جملة القناعات والمواقف والسلوكيات. لا لشيء، إلا لكيلا يبدو الطرح مفصوماً.

المساهمون