خوف من عودة شلل الأطفال إلى اليمن

خوف من عودة شلل الأطفال إلى اليمن

14 مارس 2017
خلال إحدى حملات تلقيح الأطفال (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -
في وقتٍ يكاد يختفي مرض شلل الأطفال من معظم دول العالم، يكشف مصدر طبّي في اليمن، لـ "العربي الجديد"، عن ظهور هذا المرض لدى طفل في البلاد، بعدما كانت منظّمة الصحّة العالميّة قد أعلنت اختفاء المرض من اليمن قبل نحو عقد من الزمن. ويشير إلى احتمال عودة هذا المرض بعدما ساهمت الحرب، وغياب الدعم الحكومي للقطاع الصحّي، في عودة بعض الأمراض التي كانت قد اختفت لوقت طويل، منها الكوليرا وحمّى الضنك والجرب.

ويستمرّ دعم منظّمات دوليّة، على غرار منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" بهدف تحصين ملايين الأطفال تحت سن الخامسة ضد هذا المرض، وذلك من خلال حملات وطنية. لكنّ مؤخّراً، رافقت حملة التحصين التي نفّذتها المنظمتان شائعات حذّرت من خطورة التحصين، وأشارت إلى أنّ التلقيح يؤدي إلى إصابة الأطفال بأمراض في المستقبل، الأمر الذي يؤثّر على مدى فعاليّة التحصين، ما يتطلّب استجابة عالية من الأسر لضمان القضاء على أية فرص لظهور المرض.

وفي المناطق الشماليّة، واجهت الحملة الأخيرة تحديات عدّة، في ظلّ تأثّر بعض الأهالي بهذه الشائعات، وضعف الدعم الإعلامي المحلّي نتيجة استمرار انقطاع الكهرباء، وصعوبة وصول فرق التحصين إلى الأماكن الخطرة التي تدور فيها المعارك، وحيث يقيم بعض النازحين. هذه العوامل أدّت إلى انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الجلسات الاجتماعية العامّة.

إحدى الشائعات التي انتشرت عبر تطبيق "واتساب" حملت عنوان "تحذير طبي من د. بلقيس"، وأشارت إلى أنّ منظّمات الأمم المتّحدة تدعم أجندات تحارب الأمّة الإسلامية من خلال بعض النشاطات الإنسانية، منها التلقيح ضدّ شلل الأطفال. وخلا المنشور من أيّ محتوى طبي، باستثناء أن اللقاحات قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض التوحّد والسرطان وفرط الحركة".

ولم يتأثّر المواطنون وحدهم بهذه الشائعات، بل أيضاً مسؤولون صحيّون حكوميّون، أبرزهم وكيل وزارة الصحّة للتخطيط والتنمية الصحيّة، المعيّن من جماعة أنصار الله (الحوثيين)، نشوان العطاب، والذي شكّك بنوايا المنظمات. وكتب على صفحته على "فيسبوك": "من المتعارف عليه علميّاً أنّ الحملات الوطنيّة يفترض عدم تنفيذها إلّا مع انتشار الوباء في منطقة محدودة، إذ إنّ كلفتها الماليّة كبيرة، ولا تؤسّس في الواقع لأي شيء دائم، بل تدمّر، وبشكل مُمنهج، قدرة المراكز والوحدات الصحيّة الحكومية على تقديم خدماتها الأساسيّة مثل التلقيح الروتيني. خلال العقد الماضي، حرص القائمون على تحويل معظم الدعم لحملات تلقيح متتالية لا تُجدي نفعاَ، بدليل استمرار ظهور حالات شلل الأطفال كلّ عام".



وفي الوقت الحالي، بات يتردّد بعض سكان المناطق الريفيّة في تطعيم أطفالهم. في هذا السياق، يقول عبدالله الحرازي إنّه لم يسمح بتطعيم أطفاله إلّا في اليوم الثالث للحملة، بعدما أقنعه أحد أقربائه بسلامة هذه اللقاحات وعدم صحة الأخبار التي تتحدث عن أمراض تتسبب فيها. يضيف لـ "العربي الجديد": "حذّرني بعض أصدقائي من أن هذه اللقاحات تتسبّب في أمراض مختلفة، وهي مرسلة من إسرائيل وأميركا للقضاء علينا".

من جهته، يقلّل مدير التثقيف الصحّي في وزارة الصحّة، عبد السلام سلام، في حديث لـ "العربي الجديد"، من تأثير الشائعات على مدى فعاليّة الحملات، خصوصاَ أنّ المواطنين لم يواجهوا أيّة مشاكل من جرّاء حملات الأعوام الماضية. يضيف أنّه "على مدى الثلاثين عاماً الماضية، ساهمنا في توعية المجتمع حول أهميّة تحصين الأطفال، بالإضافة إلى خطورة بعض الأمراض، وأثبتت الحملات نجاحاً كبيراً. وما ظهر من رفض يعدّ أقل بكثير ممّا كنّا نواجهه خلال الحملات السابقة، بسبب وجود نظام متابعة لرافضي التلقيح".

ويؤكّد سلام أنّ البلاد ما زالت خالية من شلل الأطفال، نتيجة جهود العاملين الصحيّين ووعي الناس، لافتاً إلى ظهور حالة شلل رخو حاد في إحدى المدن، وهو ما قد يحصل في أي بلد يتعرّض لحرب بسبب انخفاض مناعة الأطفال، بالإضافة إلى عوامل أخرى، وقد أعلنت الحكومة الأمر.

أمّا مسؤول الطوارئ في منظّمة الصحة العالميّة، عمر صالح، فقد نفى اكتشاف أي حالة شلل، مؤكداً أن اليمن خالٍ من شلل الأطفال منذ عام 2006، استناداً إلى بيانات المركز الوطني للترصد الوبائي ومكافحة الأمراض. وفي ما يتعلّق بالإشاعات، يقول إنّها مؤثّرة وقد تزيد من أعداد الرافضين، لكنّنا نصرّ على سلامة اللقاحات. ويرى أنّ الأهالي يرغبون في تحصين أطفالهم، وقد استفاد 89 في المائة من الحملة الأخيرة. أمّا في المناطق التي تشهد معارك وقصفا، فقد أرجأ تنفيذ الحملة فيها جزئيّاً حتّى تستقر أوضاعها.

المساهمون