شيخ الأزهر: التطرّف المسيحي واليهودي بسلام والإسلامي بقفص الاتهام

شيخ الأزهر: التطرّف المسيحي واليهودي بسلام والإسلامي بقفص الاتهام

28 فبراير 2017
الفهم الخاطئ للدين سبب الإرهاب (الأناضول/Getty)
+ الخط -

وجّه شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، اليوم الثلاثاء، انتقادات غير مسبوقة لازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع الإرهاب المتمثل بالتطرّف الديني، مدافعا عن الدين الإسلامي الذي بات متهما بالإرهاب في دول الغرب.

وقال الطيب في كملته بالمؤتمر الدولي "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، الذي ينظمه الأزهر بمشاركة وفود أكثر من 50 دولة، إن "التطرّف في الديانتين المسيحية واليهودية يمر برداً وسلاماً، فيما يحبس الإسلام بقفص الاتهام".

وأضاف أنّ "المؤتمر بالغ الأهمية، ويُعقد في ظروف استثنائية وفترة قاسية تمر بها المنطقة والعالم كلّه، بعد أن اندلعت نيران الحروب في منطقتنا العربية والإسلامية، دون سبب معقول أو مُبرر منطقي واحد يتقبله إنسان القرن الواحد والعشرين. من المدهش، بل من المحزن والمؤلم، تصويرُ الدِّين الإسلامي في هذا المشهد البائس، وترويج أن الإسلام هو أداة التدمير التي انقضت بها جدران مركز التجارة العالمي، وفُجر به مسرح الباتاكلان ومحطات المترو، وسحِقَت بتعاليمه أجساد الأبرياء في مدينة نيس وغيرها من مدن الغرب والشرق".

وأضاف: "حسبك أن تُمعن النظر في هذه الشرذمة وفي أمرها العجيب حين ترفع راية واحدة هي راية الإسلام، ثم لا تلبث أن يكرَّ بعضها على بعض بالتخوين والتكفير، لتعلم أن القضية برُمَّتها ليست من الدين لا في كثير ولا قليل، وأنَّ المسألة هي توظيف للإسلام في هذه الدماء توظيفات شتَّى تذهب فيه من النقيض إلى النقيض".

وأضاف شيخ الأزهر: "المتأمل المنصف في ظاهرة الإسلاموفوبيا لا تخطئ عيناه هذه التفرقة اللامنطقية، أو هذا الكيلَ بمكيالين بين المحاكمة العالمية للإسلام من جانب، وللمسيحية واليهودية من جانب آخر، رغم اشتراك الكل في عريضة اتهام واحدة، وقضية واحدة هي قضية العنف والإرهاب الديني، فبينما مرَّ التطرُّف المسيحي واليهودي بردًا وسلامًا على الغرب دون أن تُدنَّس صورة هذين الدينين الإلهيين، إذا بشقيقهما الثالث يُحبَسُ وحده في قفص الاتهام، وتجري إدانتُه وتشويه صورتهِ حتى هذه اللحظة".


وقال: "لقد مرت بسلام أبشع صور العنف المسيحي واليهودي في فصلٍ تامٍ بين الدِّين والإرهاب، ومنها على سبيل المثال اعتداءات مايكل براي بالمتفجرات على مصحات الإجهاض، وتفجير تيموثى ماكْفي للمبنى الحكومي بأوكلاهوما، وديفيد كوريش وما تسبب عن بيانه الديني من أحداث في ولاية تكساس. دع عنك الصراع الديني في إيرلندا الشمالية، وتورط بعض المؤسسات الدينية في إبادة واغتصاب ما يزيد على مائتين وخمسين ألفًا من مسلمي ومسلمات البوسنة".




وأضاف "إذا لم تعمل المؤسسات الدينية في الشرق والغرب معًا للتصدّي لخطر الإسلاموفوبيا، فإنها سوف تطلق أشرعتها نحو المسيحية واليهودية عاجلاً أو آجلاً، ويومها لن تنفع الحكمة التي تقول: (أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّورُ الأَبيَض)"، منتقدا عددا من الفئات التي يراها خطرا على جميع المجتمعات "وبينها: المتربصون بالأديان من الملحدين، والمعلنين موتَ الإلهِ، والمروّجين للفلسفات المادية، والآتين من أقبية النازية والشيوعية، والداعين لإباحة المخدرات، وتدمير الأسرة، وقتل الأجنّة في بطون أمهاتها، والتشجيع على الإجهاض وحق التحول إلى ذكر وأنثى حسبما يريد المتحول ومتى يشاء، والعاملين على إحلال العولمة محل القوميات، والداعين للعولمة، وإزالة الفوارق بين الشعوب، بعد القضاء على ثقافاتها، والقفزِ على خصائصها الحضارية والدينية والتاريخية".

وتابع "النداء ينمو اليوم ويتطور. كل هذه الدعوات وغيرها كثير، قادمة بقوة، وسوف تكتسح في طريقها أول ما تكتسح الأديان الإلهية، لأنها في نظرهم مصدر الحروب، فالمسيحية ولَّدت الحروب الصليبية، والإسلام ينشر الإرهاب والدماء، ولا حل إلَّا إزالة الدين من على وجه الأرض. وهؤلاء يصمتون صمت القبور عن قتلى الحروب المدنية التي أشعلها الملحدون وغلاة العلمانيين في مطلع القرن الماضي ومنتصفه، ولم يكن للدين فيها ناقة ولا جمل، مع أن أي تلميذ في مراحل التعليم الأولى لا يعييه أن يستعرض قتلى المذاهب الاجتماعية الحديثة ليتأكد من أن التاريخ لم يَحْصر من ضحايا الأديان منذ أيام الجهالة إلى العصر الحاضر عُشر معشار الضحايا الذين ضاعوا بالملايين قتلًا ونفيًا وتعذيبًا في سبيل نبوءات كاذبة لم تثبت منها نبوءة واحدة، بل ثبت بما لا يقبل الشك أنها مستحيلة التطبيق".

في المقابل، قال بابا الإسكندرية، تواضروس الثاني، في كلمته خلال المؤتمر، إن "التسامح والتعايش بين الأديان أصبح ضرورة قصوى من أجل ضمان الاستقرار والأمان بين كل البشر".

وقال البابا إنّ الفهم الخاطئ للدين الإسلامي تسبب في التطرف والإرهاب، مضيفًا: "قبِلنا هدم الكنائس مقابل بقاء الوطن"، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن الدين حل للمشكلة وليس جزءا منها. مضيفًا: "نحن نشجع ثقافة الحوار الدائمة ونريد أن نبنى القيم الجميلة المتمثلة في الاختلاف، والتنوع، واحترام الآخر".

ويعقد المؤتمر على مدار يومين، ومن المُقرر أن يصدر عنه "إعلان الأزهر للعيش الإسلامي المسيحي المشترك"، والذي يقتضي العيش بين المصريين في ظل المواطَنة والحرية والمشاركة والتنوع.