الموت يغيّب "أم هشام" والدة الأسرى والمحررين

الموت يغيّب "أم هشام" والدة الأسرى والمحررين

14 فبراير 2017
عاجلتها المنية قبل زفاف ابنها عصام (فيسبوك)
+ الخط -
لم يُمهل الموت مسعدة سعيد ذياب، أم هشام (69 عامًا)، من بلدة كفر راعي جنوب جنين شمال الضفة الغربية، وتوفيت فجر اليوم الثلاثاء، قبل 10 أيام من موعد زفاف ابنها عصام نبيل ذياب (35 عاماً). ولم تكتمل فرحة العائلة، وعمّ الحزن أنحاء المنزل مع غياب والدة الأسرى والمحررين.


مسعدة ودّعت أبناءَها ورحلت بعد طول معاناة ومشقة كابدتهما طيلة 30 عاماً. فعندما توفي زوجها ترك لها أبناءها أيتاماً. اعتقل ستة منهم مرات متفاوتة، في حين بقي أحدهم وهو عزام معتقلاً منذ 16 عاماً ومحكوماً بالسجن المؤبد. كما أصيبت بمرض السكري وضغط الدم وضعف النظر، علاوة على قلقها وعدم نومها ليلاً منذ عام وتنام في النهار، إذ تعرض إبناها بلال وبسام في السنوات القليلة الماضية للاعتقال ومداهمة منزلهما.

قبل 10 أيام أصيبت مسعدة بجلطة دماغية للمرة الثانية خلال 4 أشهر. هذه المرة لم تقدر على الكلام، وصارت تتواصل مع أبنائها بالإشارة. ويوضح ابنها عصام لـ"العربي الجديد"، أن والدته "كانت تحلم بالاستقرار وأن ترى أبناءها وخاصة عزام خارج السجن، وأن تزوجهم خصوصاً عصام الذي كان يعد لحفل زفافه في شهر مايو/ أيار المقبل". ولفت إلى أن شقيقه عصام "اضطر بعد إصابة الوالدة بالجلطة تقديم موعد زفافه إلى 24 فبراير/شباط الجاري، إلا أن الأقدار ووفاة والدته لم تدعه يفرحها، ويدخل السرور إلى قلبها".

وكانت أصعب اللحظات على الراحلة أم هشام، ذكريات معاناة ابنها بلال وقلقها اليومي على حياته، حين خاض إضرابًا مدة 78 يومًا في عام 2012 من أجل الإفراج عنه، واحتجاجًا على اعتقاله الإداري.





أمّ هشام كانت تتمنّى أن يخرج أبناؤها من السجن لتزويجهم، ويملؤون البيت ويبنون أُسراً ينعمون بالحياة إلى جانبها، لأن السجن لا يمكن أن يبقى مغلقًا على أحد. كانت تتخيلهم أمامها وتأمل أن يستمعوا إليها عبر وسائل الإعلام التي قد تصلهم.

أما ابنها الأسير عزام فحرم من تقبيل والدته أو رؤيتها وهي على فراش الموت، أو أن يشارك في جنازتها اليوم والتي شارك فيها الكثير من الأسرى المحررين فهي أمهم أيضاً، وكان وقع خبر وفاتها كالصاعقة على عزام، بحسب شقيقه عصام.

دفنت أم هشام في مقبرة كفر راعي، تاركة ألم 30 عاماً من المعاناة، وقصصاً من المكابدة والمشقة في تربية أبنائها دون الحاجة إلى أحد، وزيارة أبنائها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي. فوفاة زوجها قبل 30 عاماً ترك لها عبء تربية 12 طفلاً أكبرهم لم يتجاوز 14 عامًا وأصغرهم 8 أشهر. عملت بفلاحة أرضها لتوفير مصاريف الحياة، ثم ترك بعض أبنائها المدرسة مبكرًا لمساعدتها في مسؤولياتها.

قبل نحو عامين أجرى "العربي الجديد" مقابلة مع السيدة مسعدة في عيد الأم، وكان في السجن حينها أبناؤها عزام وبلال وبسام، وجميعهم منتمون لحركة الجهاد الإسلامي. وأفرج عن بسام وبلال قبل مدة وبقي عزام يقضي حكمه بالسجن المؤبد.