أم عزباء

أم عزباء

10 فبراير 2017
ما المطلوب من النساء؟ (فيجاي فيلافرانكا/ Getty)
+ الخط -
تواجه النساء تناقضات بالجملة في ما خصّ حريتهنّ باتخاذ قرارات خاصة بهنّ تتعلق بجنسانيتهنّ. في قرارات إنجاب أطفال خارج إطار الزواج على سبيل المثال، جملة من الشحنات الثقافية والقانونية المتناقضة، من المفيد التوقّف عندها.

"الأمّ العزباء" في لبنان "محظيّة"، قانونياً على الأقلّ. في هذه الحالة، ينطبق الشرط الوحيد لمنح الأم جنسيتها لأولادها. المادة الأولى من قانون الجنسية اللبنانية تنصّ على منح الطفل المولود لأم من أب "مجهول الهويّة"، الجنسية اللبنانية. في إمكان الأم العزباء أيضاً أن تعطي الطفل اسم عائلتها، ويمكنها أن تكون ممثلته الرسمية أمام المحاكم. غريب أمر القانون في لبنان. يجب أن تُمنح هذه الحقوق لجميع النساء، لكنّ الأم العزباء فقط تحصل عليها.

هذه هي الحال أمام القانون، فيما تختلف أمام المجتمع ومؤسساته (الأسرية والدينية) تماماً. إذا كان مفهوم الجنس خارج الزواج ما زال أمراً غير مقبول في مجتمعات كثيرة في لبنان، كيف يمكن أن يكون موضوع الحمل خارجه؟ تناقض قانوني - مجتمعي غير مفهوم. ما إن تدخل المرأة المنظومة الزوجية في لبنان، كما في معظم البلدان العربية، تصبح حقوقها في خطر. حقوقها منقوصة إن لجهة تأمين الحماية من زوج عنيف، أو لجهة الحق في منح الجنسية، أو لجهة تقرير عدد الأطفال مثلاً أو الفترة الزمنية بين حمل وآخر. في اختصار، لا ضمانات في مجال الحقوق المدنية والدينية والمواطنية وحقوق الصحة الإنجابية للنساء في إطار الزواج.

ثمّة تناقض مجتمعي - ثقافي آخر مخيف، في ما خصّ النظرة إلى النساء. المسؤولية لدى النساء في نظر المجتمع، مفهوم نسبيّ مضروب. المرأة غير مسؤولة عن نفسها، إذ هي في حاجة إلى "وليّ أمر". وهي غير مسؤولة عن قرارات تتعلق بمؤسسات كالأسرة أو التنظيمات المجتمعية، إذ إنّها "عاطفية". لكنها مسؤولة بصورة مباشرة إذا تعرّضت للعنف مثلاً، أو إذا تعرّضت للاغتصاب!

التناقض الإضافي غير المفهوم يأتي في القطاع الصحي، في تقاطعه مع النصوص القانونية. الإجهاض مثلاً مخالف للقانون، مهما كانت أسبابه. والجنس خارج الزواج غير مسموح. والحمل خارج الزواج غير مقبول. وإذا حصل الثلاثة معاً، فإنّ النبذ المجتمعي هو سيّد الموقف. ما المطلوب من النساء إذاً في ظلّ هكذا منظومة؟

لعلّ أكثر نموذج معبّر لنفحات الذكورية المتفاقمة في التعامل مع قرار المرأة بالإنجاب خارج إطار الزواج، هو ردود الفعل التي صدرت حول قرار هدير مكاوي، المرأة المصرية الشابة التي قرّرت الاحتفاظ بطفلها. هل مطلوب من النساء أن يبقينَ في كنف أب أو أسرة تمنع عليهنّ ممارسة حريتهنّ وجنسانيتهنّ؟ لا غرابة في ذلك في مجتمع يعدّ النساء طالما أنهنّ لم يتزوّجنّ، وحتى ولو بلغنَ الستّين من عمرهنّ، "بنات".

* ناشطة نسوية

المساهمون