الطفل الفلسطيني جبر بدوي يحكي عن وجع الزنازين

الطفل الفلسطيني جبر بدوي يحكي عن وجع الزنازين

01 فبراير 2017
تعرض للضرب المبرح واللكم والشتم أثناء التحقيق(فيسبوك)
+ الخط -
"كنت عند قبر جدي أقرأ الفاتحة على روحه، فجأة هاجمني جنود من الوحدات الخاصة، ولم أعرف ما الذي يحدث" بهذه الكلمات يستعيد الطفل الفلسطيني جبر بدوي سلسلة الأحداث التي حصلت معه لحظة اعتقاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، عند مدخل مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين شمالي مدينة الخليل.


حاول جبر ابن الثالثة عشر عاماً وسط اللكمات التي يسددها جنود الاحتلال الإسرائيلي على رأسه وأنحاء جسده أن يستوعب ما يحدث معه. وتبين عندما حضر المزيد من جنود الاحتلال الإسرائيلي أنه رهن الاعتقال، بدون أن يدري ما السبب في ذلك.


الفتى الصغير كان عائداً من مدرسته لحظة اعتقاله، فتربص له عدد من جنود الوحدات الخاصة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي واعتقلوه واعتدوا عليه بالضرب المبرح على رأسه ووجهه بشكل خاص حتى نزف وجهه وأذناه. ثم سلموه لجنود الاحتلال الإسرائيلي الذين ضربوه أيضاً أثناء اقتياده إلى معسكر "غوش عتسيون" الذي يقيمه الاحتلال على أراضي الفلسطينيين جنوبي مدينة بيت لحم جنوب الضفة.


هناك في "عتسيون" يقول جبر لـ"العربي الجديد" إنه تعرض للمزيد من الضرب واللكمات بأحذية الجنود وأعقاب بنادقهم. شعر بخوف كبير وسط حالة من الذهول، وقلقه من المجهول الذي يترقبه، ثم عُرض على محققين تبادلوا ضربه وشتمه بكلمات بذيئة، والتحقيق معه بتهمة رشق الحجارة رغم أنه لم يفعل ذلك.


"لم أكن أعرف ما الذي يحدث، المحققون يشتمونني، وكنت خائفاً" يحكي جبر قصته المؤلمة، ويحاول جاهداً أن يستعيد بعض الأحداث. نُقل بعد ذلك إلى سجن عوفر العسكري في رام الله، حيث حكمت المحكمة بسجنه مدة 31 يوماً أمضى منها 17 يوماً في الزنزانة، قال إنها أقسى أيام حياته.





سجنت قوات الاحتلال الإسرائيلي الطفل البدوي مع الأشبال في سجن عوفر، وكان أصغرهم هناك. وهو اليوم يعاني من الأجواء الباردة، ومرارة السجن، ولوعة الاشتياق إلى فراشه الدافئ وحضن أمه الحنون، وصفّه السابع في مدرسة المخيم.


"أكثر شيء كنت أفكر فيه في السجن هو بيتنا وأمي واللعب مع الأصدقاء"، هكذا يصف بدوي شعوره المؤلم في السجن. لكن عذابات السجن كانت أكبر من لوعة اشتياقه، وأشد ألماً، إذ كان يحلم بالنوم ليلة هادئة بعيداً عن اقتحام السجانين لزنزانته من أجل العدّ في الثانية فجراً أو في ساعات الصباح الأولى، ما يرهب الأسرى الفلسطينيين الذين يتوقون لساعة نوم هادئة.


كان يحلم بحضن أمه الدافئ في زنزانته (العربي الجديد) 


ويضيف: "يشعر الأسرى بالبرد كثيراً، فغرف السجن رطبة وغير ملائمة لأجسادهم وهم في ريعان شبابهم. وعند ساعات الليل والفجر يشتد البرد ويتألم بعض الأسرى من شدّته".


يتعمد جنود الاحتلال الإسرائيلي إيلام الأسرى الفلسطينيين في السجن، بحسب البدوي. فساعات الإرهاق والإزعاج التي يتعمد السجانون إجبار الأسرى على عيشها طويلة جداً، ينغصون حياتهم قدر المستطاع، تلك الحياة التي تفتقد كافة مقومات الحياة.


"17 يوماً كانت طويلة جداً" يقول البدوي. ويضيف: "كنت أعدها بالدقائق، لا يوجد أحد يمكنه أن يكون سعيداً داخل الزنزانة. العلاقات جيدة بين الأسرى، ويهتمون بعضهم ببعض لكن الحرية أجمل بكثير".


حلم الطفل الصغير بأنه في منزله أكثر من مرة، لكنه يستيقظ في كل ليلة على أصوات السجانين من أجل رحلة "العد"، وهو إحصاء الأسرى اليومي.


الآن عندما نال جبر الحرية من تهمة لم يرتكبها، أصبح حلمه أن يخرج الأسرى الفلسطينيون جميعهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعودوا إلى منازلهم لتنتهي معاناتهم التي لم يجد لها هذا الطفل وصفاً، من حجم وجعها وقساوة السجانين وسذاجة المحققين.