السلطات التونسية تستنفر قواها الحية في حربها على الفساد

السلطات التونسية تستنفر قواها الحية في حربها على الفساد

08 ديسمبر 2017
إشراك جميع الفاعلين في مكافحة الفساد (العربي الجديد)
+ الخط -
انطلقت، اليوم الجمعة، فعاليات المؤتمر الوطني الثاني لمكافحة الفساد بالعاصمة تونس على امتداد يومين ويشرف على افتتاحها رئيس البرلمان، محمد النار، فيما يختتمها رئيس الحكومة، يوسف الشاهد.

وفي كلمته بالمناسبة، انتقد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، العميد شوقي الطبيب، عدم إصدار الحكومة للأوامر التنفيذية حول القوانين التي أصدرها البرلمان، معتبرا أنها ضرورية لتفعيل النصوص وتطبيقها، وانتقد كذلك القانون الخاص بهيئة مكافحة الفساد والقانون المنظم للهيئات الدستورية اللذين أصدرهما البرلمان مؤخرا، مشيرا إلى أنهما لا يخدمان مسار الحرب على الفساد ويمثلان تراجعاً دستورياً خطيراً يجب تجاوزه.

وأكد رئيس البرلمان التونسي، محمد الناصر، ضرورة استنفار جميع القوى الحية في البلاد لإنجاح خطة مقاومة الفساد، داعيا النخب والفنانين وقادة الرأي والإعلام إلى المساهمة في الحرب على الفساد وعدم الاكتفاء بجهود السلطات والجهات الرسمية.

وبيّن الناصر أن هذه الظاهرة خربت المجتمع وأجهضت مسالك الإنتاج والإصلاح، مؤكداً أنها أولوية وطنية قصوى ويجب أن تشارك جميع القوى في إنجاح الخطة الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وأن يتم تنفيذها بصرامة.

وقال الناصر في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الفساد أصبح عالماً للإبداع الإجرامي تجاوز ممارسات الإثراء غير المشروع، كما أنه يهدد الحقوق المشروعة والمكاسب الفردية والجماعية، ويستوجب توحيد وتنسيق الجهود على مستوى كلّ من التشريع، والقضاء، والأمن، والإدارة، والثقافة، والإعلام، والتربية، والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.



ولفت الناصر بمناسبة اليوم الوطني والعالمي للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، إلى أن البرلمان أعد الأرضية التشريعية لحكومة الوحدة الوطنية عبر إصدار ترسانة من القوانين تساعد الشاهد في الحرب على الفساد. 

وصادق البرلمان، حسب الناصر، على قانون التبليغ على الفساد وحماية المُبلِّغين عنه، وقانون الحق في النفاذ إلى المعلومة وقانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومُكافحة الفساد، وينظر حاليا في قانون التصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام.

وفي سياق متصل، قال الرئيس التونسي الأسبق، فؤاد المبزع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ تونس بعد الثورة قطعت أشواطا في مكافحة الفساد، بل إن عددا من التشريعات الصادرة  تعد مفخرة على المستوى الإقليمي وحتى الدولي، في مجالات التبليغ عن الفساد ومكافحة جرائمه، وتكرس الشفافية والنزاهة، مبينا أن هذه العوامل والمؤشرات تساعد تونس على تحسين موقعها ومركزها الدولي.

ولقيت الحملة التي شنها رئيس الحكومة على عدد من رموز الفساد في البلاد وإحالتهم على القضاء، استحسانا لدى الرأي العام الدولي الذي يتابع تقدم الحرب على الفساد باهتمام كبير.

وتعتبر منظمة الشفافية الدولية أن تونس من بين الدول العربية، التي أبدت تحسنا طفيفا في مؤشر مدركات الفساد باحتلالها المرتبة 75 عالميا، مشيرة في تقريرها إلى أن التحسن يعود لعدة إجراءات اتخذتها تونس لمحاربة الفساد، أهمها إقرار قانون حق الحصول على المعلومة والذي يعتبر من أفضل القوانين الموجودة في المنطقة العربية، بالإضافة إلى المصادقة على قانون لإنشاء قطب قضائي مالي مختصّ في قضايا الفساد الكبرى.

كما أشاد تقرير المنظمة الدولية بالمجتمع المدني وهيئة مكافحة الفساد وما تقوم به في الضغط لإنجاح مسار الشفافية والحوكمة ومقاومة الفساد. وأعدت الهيئة أول تقرير سنوي تقدمه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد منذ إحداثها في 2011 وأعلن رئيسها إحالة 94 ملف فساد إلى القضاء، فيما ورد عليها 9027 ملفا في 2016، من بينها 958 أحيلت إليها من رئاسة الحكومة. وتمثل نسبة العرائض التي قدمها أشخاص بمفردهم 66 بالمائة من العرائض، التي وردت على الهيئة.