"تجنيد" المرأة الخليجية في الأجهزة الأمنية

"تجنيد" المرأة الخليجية في الأجهزة الأمنية

28 ديسمبر 2017
نساء في قطاع الشرطة بالكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

تثير مسألة تجنيد النساء في الأجهزة الأمنية المتعددة في دول الخليج جدلاً واسعاً هذه الأيام بسبب الطبيعة المحافظة التي تعتبر عمل المرأة في هذه الوظائف معيباً لها ولأهلها.

نساء الخليج يتجهن إلى التجنيد في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الرسمية المختلفة، بالرغم من اعتراضات كثيرين. فقد فضلت دول خليجية عدم الالتفات للاعتراضات التي صدرت من بعض التيارات المحافظة في بلادها واتخذت خطوات جادة لتجنيد النساء اختيارياً أو دمجهن في الأجهزة الأمنية طوعياً وهو ما حدث أولاً في الإمارات التي أقرت قانون التجنيد الإجباري للذكور والاختياري للإناث عام 2014.

هناك شروط عدة، حتى تسمح الحكومة الإماراتية للمرأة بدخول فترة التجنيد، التي تمتد 9 أشهر، هي أن يكون عمرها ما بين 18 عاماً و30، وأن تأخذ موافقة ولي الأمر على دخولها، إذ يجري تدريبها في معسكر منفصل عن معسكر الذكور، بالإضافة إلى توفر مدربات ومشرفات وطاقم عمل كامل من الإناث. وأعطت السلطات الإماراتية المجندات فرصة السماح بالتراجع أو الانسحاب من الدورة العسكرية إذا ما رأين ذلك في مصلحتهن، وذلك بخطاب خطي يقدمنه للجهة المختصة، وهي ميزة غير متوفرة للذكور.

شهد الإقبال النسائي على التجنيد في الإمارات تشجيعاً من الجهات العليا إذ اشتركت ابنة ولي عهد أبوظبي، حصة بنت محمد بن زايد، في إحدى الدورات التدريبية العسكرية التي يقيمها الجيش الإماراتي، وذلك لتقديم صورة مغايرة لا تعكس الواقع أمام المنظمات الدولية وحقوق الإنسان في مسألة مساواة المرأة بالرجل.

وكانت الدعاية المبالغ فيها قد روجت كذلك للطيارة، مريم المنصوري، التي شاركت في طلعات جوية للتحالف الدولي لمحاربة "داعش"، كما شاركت في الحرب على اليمن المسماة بـ"عاصفة الحزم". وقالت الصحف الإماراتية، آنذاك، إنّ وجود امرأة إماراتية يوضح مقدار التطور الذي تعيشه الإمارات مقارنة بجيرانها متجاهلة السجل السيئ للبلاد في حقوق الإنسان.

وفي السعودية التي تعد البلد الخليجي الأكثر محافظة، كان الحديث عن عمل النساء في الجيش يعد كبيرة من الكبائر، خصوصاً عند المؤسسات الدينية التابعة للحكومة، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء (أكبر جهة دينية رسمية في البلاد) كما أنّ خروج المرأة للعمل في الوظائف المدنية كان من الأشياء التي لا تستساغ من قبل أعضاء المؤسسة الدينية أصلاً. لكنّ وزير الحرس الوطني السابق، الأمير متعب بن عبدالله آل سعود طرح فكرة التجنيد النسائي للمرة الأولى عام 2012 إذ قال إنّ هناك دراسات مقدمة من عدة لجان في الحرس الوطني لضم النساء إلى السلك العسكري.

لكنّ المسألة لم تطرح من جديد إلاّ أخيراً، إذ سرت شائعات كبيرة في الأوساط المقربة من ولي العهد الحالي والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان للسماح للمرأة بالدخول إلى التجنيد العسكري اختيارياً. ويقود محمد بن سلمان البلاد للتخلص من هيمنة التيار المحافظ عبر عدة قرارات أبرزها قيادة المرأة السيارة والسماح بتنظيم الحفلات الغنائية عبر إنشاء ما سمي بهيئة الترفيه.

في الكويت، ازدادت حدة الجدل بعد تصريحات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع المعين حديثاً الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، أنّ هناك دراسات جارية جادة للسماح للمرأة الكويتية بالمشاركة في الخدمة الوطنية العسكرية جنباً إلى جنب مع الرجل وذلك تطبيقاً لرؤية 2035 التنموية التي تعمل الكويت على تطبيقها، مشيراً إلى أنّ التعديلات التي من الممكن تقديمها على قانون تجنيد الذكور الذي صدر عام 2015 سترفع إلى القيادة العليا حال جهوزيتها.



أثار التصريح موجة جدل كبرى في الكويت، إذ اتهم نواب إسلاميون في البرلمان وزير الدفاع بالانشغال بالأمور التافهة بدلاً من الالتفات إلى قضايا أهم، فيما أيدت التيارات الليبرالية هذا التصريح مؤكدة على المساواة التامة بين الرجل والمرأة.

وعلقت النائب صفاء الهاشم أنّها ستقدم بنفسها قانون التجنيد الخاص بالنساء، وستطالب البرلمان والحكومة بالتصويت عليه في القريب العاجل، وسيكون التجنيد النسائي إلزامياً على عكس التجنيد النسائي الاختياري في الإمارات. ورد النائب الإسلامي محمد هايف: "قرار مشاركة العنصر النسائي في الجيش الكويتي والقطاعات العسكرية لا يمكن اتخاذه ارتجالياً، فهوية المجتمع وعاداته وتقاليده المستمدة من الشريعة الإسلامية الغرّاء تحرّم ذلك، وهناك آلاف من الشبان المنتمين إلى فئة البدون ممن استكملت ملفاتهم لدى الجهات العسكرية وهم أولى وأكثر فائدة للانضمام للجيش".

ويضم قطاع الشرطة في الكويت عناصر نسائية لكنّ هذه العناصر لا تشارك إلاّ في الأمور التنظيمية الخاصة بالسيدات، بالإضافة إلى إدارة بعض المكاتب التابعة لوزارة الداخلية من دون وجود قوة حقيقية على الأرض.

بدوره، يقول الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت، خليل خالد، لـ"العربي الجديد": "لا اعتراض لديّ كباحث، على التجنيد النسائي، بل لديّ اعتراض على فكرة التجنيد بالكامل التي تحول الأشخاص إلى آلات لا تفكر بل تعمل وفق مبدأ الطاعة الكاملة، وهو أمر كان مقبولاً في الدول الفاشية التي كانت تعيش حروباً طاحنة ولديها جيوش حقيقية كبيرة". يتابع: "التجنيد يحطم الروح المعنوية للرجل ويجعله عرضة للانكسار طوال فترة الدورة، فما بالك بالمرأة الكويتية التي تعيش في مجتمع استهلاكي، وتتوفر عندها كلّ احتياجاتها منذ طفولتها بسبب الرخاء النسبي وارتفاع الرواتب وتوفر الأموال!؟".

المساهمون