قرى عربية يجتاحها السرطان.. فلنتعرّف إلى المأساة

قرى عربية يجتاحها السرطان.. فلنتعرّف إلى المأساة

24 ديسمبر 2017
+ الخط -

في روايته "العمى"، يتخيّل الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو مدينةً يستفيق أهلها، ذات يوم، ليجدوا أنفسهم قد فقدوا بصرهم. في بلداننا العربية، يحدث أمرٌ مشابهٌ مع فرق ضئيل؛ إذ تستفيق كثير من القرى لتجد مرض السرطان يتفشّى بين سكّانها، ويفتك بها.

أسبابٌ كثيرة تقف وراء الأمر؛ أبرزها هو تلوّث مياه الشرب واختلاطها بمخلفّات صناعية سامة، وضعف خدمات الصرف الصحي، إلى جانب إلقاء بعض المصانع لنفاياتها قرب القرى ومنابع الماء وآبارها.

طبعاً، في بلدان مثل العراق واليمن وفلسطين، يلعب الأميركيون والاحتلال دوراً في ذلك. ففي العراق، خلّف الاحتلال الأميركي، إلى جانب الدمار، مواد إشعاعية نتاج اليورانيوم المنضّب الذي استخدمه في الأسلحة، وكذلك الأمر في اليمن. في فلسطين، مخلّفات مصانع الاحتلال، ومفاعل ديمونا، يلعبان دوراً رئيساً في انتشار مرض السرطان في عدّة مناطق في الضفة الغربية.

وبينما تقف بعض البلدان حيال هذه المأساة مكتوفة الأيدي؛ إذ يغيب المسؤولون عن المشهد، وكل ما يُذكر حولهم هو تلك النداءات اليائسة من قبل الأهالي، تحاول بعض البلدان احتواء الأزمة وحلّها، لكنها تجد نفسها في مواجهة عوائق مادية ولوجستية.

هنا، عرضٌ لأبرز القرى العربية التي يتفشّى فيها المرض.




قرية السرطان في مصر
إلى جانب البلهارسيا، ينتشر مرض السرطان في قرية مشلة، التابعة للمحافظة الغربية في مصر. يُطلق عليها اسم "قرية السرطان"؛ إذ تُعاني إهمالاً شديداً من قبل المسؤولين والدولة. تشهد القرية، التي يقطنها ما يزيد عن 30 ألف نسمة، تلوثاً كبيراً في مياه الشرب، وضعفاً في خدمات الصرف الصحي.

ما يرويه أهل القرية، أن هناك أكثر من 100 فدّان في القرية، رُويت مزروعاتها بمياه الصرف الصحي المخلوطة بمخلّفات صناعية سامّة. في تصريح سابقٍ له، كشف مدير معهد أورام طنطا، عصام الشيخ، أن قرى المحافظة الغربية إجمالاً تُعاني من نفس ما تعاني منه مشلة، التي بلغت إصابات السرطان فيها في آخر ثلاثة أعوام قرابة الـ 100. ومجموع ما يعاينه المعهد سنوياً من قرى الغربية كلها، قرابة 80 ألف حالة.


هضبة الموت في الجزائر
في عام 1975، أُلقيت مئات الأطنان من مادة الأميانت (الأسبَسْت) في منطقة مرتفعة من قرية سيدي حماد الجزائرية، الواقعة على بعد 5 كيلومترات من بلدية مفتاح.

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن "جميع أنواع الأسبست تسبب سرطان الرئة، وورم المتوسطة، وسرطان الحنجرة والمبيض، وداء الأسبست (تليف الرئتين)".

وتوضح المنظمة في هذا السياق: "يحدث التعرض لمادة الأسبست من خلال استنشاق ألياف موجودة في الهواء في بيئة العمل، أو الهواء المحيط في منطقة مجاورة لمصادر تلوث – مثل: المصانع التي تتعامل بالأسبست - أو الهواء الداخلي في المساكن والمباني التي تحتوي على مواد أسبستية قابلة للتفتيت (متفتتة)".

يتعرّض لهذه المادة في قرية سيدي حمّاد المئات من الأطفال واليافعين. يظنّون أنها مجرّد مادة مسلية، فيلعبون بها من دون معرفة بمخاطرها. في عام 2009، شرعت السلطات المحلية ببناء 4000 وحدة سكنية تبعد فقط 200 متر عن "هضبة الموت" تلك، التي يُلقى فيها أكثر من 500 طن من مادة الأسبست.

منطقة جزائرية أخرى، هي رقّان، يتهدّدها مرض السرطان أيضاً. في عام 1960، أحدث الاستعمار الفرنسي تفجيرات نووية في منطقة اسمها حموديا تابعة لـ رقّان. سنوياً، يتعرّض قرابة 50 شخصاً من حموديا إلى الإصابة بالسرطان جرّاء مخلّفات تلك التفجيرات؛ إذ ما زالت نسبة الإشعاع النووي مرتفعة هناك، ما يؤثر بخطورة على البيئة والإنسان.


على مقربة من مكّة السعودية
على بُعد 200 كيلومتر من مدينة مكّة، تقع قرية حقّال التي يُعاني أهلها من نسب وفيات مرتفعة بسبب مرض السرطان. فحتى عام 2011، بلغ عدد الوفيات فيها 82 شخصاً بسبب السرطان الذي يتأتّى من المياه الملوثة؛ إذ تحوي القرية أكثر من 42 بئراً غير صالحة للاستخدام البشري.


قرية ومدينة في العراق
في محافظة ذي قار العراقية، ثمة قرية اسمها النواشي، شهدت قبل أعوام تفجيرات لمخازن الأسلحة في منطقة مجاورة للقرية تُدعى الخميسية. قبل أيام، أُعلن أن هناك 15 مصاباً بالسرطان جرّاء تلوّث المياه والتربة بسبب تلك التفجيرات.

خلّف الاحتلال الأميركي للعراق، في البصرة، إلى جانب الدمار الذي لحق بالمدينة، داء السرطان أيضاً؛ فمن كل 100 ألف نسمة من سكّان المحافظة، هناك سبعون حالة تعاني من المرض. ففي حربي 1991 و2003، ألقت قوات الاحتلال 400 طن من أسلحة اليورانيوم المنضّب.

 

مخلّفات الأميركيين في اليمن
يبدو أن الأميركيين لم يتركوا مكاناً من دون أن يخلّفوا فيه الأمراض. ففي قرية المصينعة، جنوب اليمن، وبعد غارات شنّتها الطائرات الأميركية قبل أعوام، بدأ السرطان يتفشّى بين أهل القرية.

الأسلحة التي استخدمتها الطائرات يوجد فيها مواد مشعّة، طاولت آبار المياه التي يعتمد عليها سكّان القرية من أجل الشرب. في الثلاثة أعوام الأخيرة، شهدت المصينعة (6000 نسمة) أكثر من 100 حالة إصابة بالمرض، رحل على إثرها على الأقل 65 شخصاً.

ليست المصينعة وحدها في اليمن؛ فهناك أكثر من 2000 مصاب بالسرطان في مدينة إب. وإجمالاً، يبلغ عدد مرضى السرطان في اليمن قرابة عشرة آلاف مريض، يعانون، إلى جانب الداء، شحّاً في الدواء، والمصاريف التي تغطّي العلاج.


مصانع الاحتلال ومفاعل ديمونا في فلسطين
قرب مدينة نابلس الفلسطينية، ثمة قرية تضم قرابة 2500 نسمة. يقابل القرية، من الجهة الغربية، عدد من المصانع الإسرائيلية التي تُنتج مواد ومخلّفات كيميائية، أما إن نظرنا إلى شرقيّها، فنرى مصنعاً لتعبئة الغاز، وآخر للألمنيوم. في الأعوام الأربعة الأخيرة، تجاوز عدد الإصابات فيها الـ 30 شخصاً، رحل ستة منهم على الأقل.

من قوصين، نذهب إلى جنوب الخليل؛ حيث يبتعد مفاعل ديمونا عن المدينة الفلسطينية عشرة كيلومترات. المخلفات النووية التي يُنتجها المفاعل، يدفنها الاحتلال في مناطق قريبة جداً من جنوب الخليل الذي يشهد سكّانه عدد إصابات مرتفعاً بالسرطان؛ إذ تعاني تلك المنطقة قرابة 25 إلى 30 بالمئة من إجمالي نسبة الإصابات بمرض السرطان في الضفة الغربية.

(العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
وقفة تضامنية لإنقاذ مرضى السرطان (تويتر)

مجتمع

شارك طلاب أحد المعاهد الصحية في منطقة "درع الفرات" بريف حلب الشمالي الشرقي، ضمن مناطق سيطرة المعارضة شمالي سورية، في وقفة تضامنية تحت عنوان "أنقذوا مرضى السرطان"، اليوم الجمعة.
الصورة
جزيء الأسبرتام المحلي الصناعي (Getty)

مجتمع

أفادت منظمة الصحة العالمية بأنّ الأسبرتام، المُحَلّي الصناعي غير السكّريّ الذي يُستخدَم في المشروبات الغازيّة، "من المحتمل أن يكون مسرطِناً للبشر"، لكنّ الجرعة اليومية التي تُعَدّ آمنة لم تتغيّر.
الصورة

مجتمع

قال مصدران مطلعان إن الوكالة الدولية لبحوث السرطان بصدد إعلان أن أحد أكثر المُحليات الصناعية شيوعاً في العالم مادة مسرطنة محتملة، الشهر المقبل، ما يضع الوكالة التابعة لمنظمة الصحة العالمية في مواجهة مع صناعة الأغذية والجهات التنظيمية.
الصورة

مجتمع

بات رجل يُعرف بلقب "مريض دوسلدورف"، ثالث شخص يُعلَن شفاؤه من فيروس نقص المناعة البشرية  نتيجة خضوعه لعملية زرع نخاع عظمي، ساهمت كذلك في معالجته من سرطان في الدم كان مُصاباً به، على ما أفادت دراسة في مجلة "نيتشر ميديسن" نُشرت، الإثنين.