بالأفعال لا بالأقوال

بالأفعال لا بالأقوال

17 ديسمبر 2017
لهن حقوقهن (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
في جردة لحقوق النساء وأوضاعهن لهذا العام في لبنان، يطالعنا الإنجاز القانوني الأبرز الذي أحرزته الحركة النسائية لجهة إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني. ففي آب/ أغسطس 2017، قام مجلس النواب بالتصويت على إلغاء المادة 522 التي تقضي بأنه إذا تزوج المغتصب من الضحية في حال الاعتداء الجنسي وكان الزواج صحيحاً واستمر لثلاث سنوات، فإنه يتم توقيف الملاحقة بحقه.

وفي السياق القانوني أيضاً، تم في شهر أكتوبر/ تشرين الأول تعديل قانون الأحوال الشخصية لدى طائفة الموحّدين الدروز حيث تم رفع سن الحضانة للصبي من عمر 7 إلى 12 سنة وللبنت من عمر 9 إلى 14 سنة. لم يتم توحيد سن الحضانة بين الصبيان والبنات، لكن رفع السن يعدّ بحد ذاته إنجازاً كونه يأخذ مصلحة الطفل الفضلى بعين الاعتبار.

في مقابل هذه التطورات الخجولة على المستوى القانوني وطيلة مسار عام كامل، لا سيما بعد صدور تقرير الفجوة الجندرية في أواخر عام 2016 والذي احتل فيه لبنان المرتبة التاسعة من أسفل القائمة، جاءت جملة من التحديات والعقبات لتعيق وصول النساء إلى المساواة وحقوق المواطنة الكاملة ولتثبت أن الطريق نحو العدالة الجندرية لا يزال طويلاً، وطويلاً جداً.

لعل أبرز هذه التحديات يأتي ضمن السياق الثقافي والمجتمعي في لبنان والذي لا يزال يبث الثقافة الأبوية والبطريركية الرافضة لتطوير أوضاع النساء. جاء خطاب أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في ترويجه للزواج المبكر، لتتبعه خطابات وفتاوى الشيوخ وعلى رأسهم سامي خضرا ونظرته الدونية للنساء، وصولاً إلى الحوادث والجرائم التي لا تنفك تحدث بشكل شبه يومي أو أسبوعي لجهة جرائم التعنيف والقتل المنزلي والأسري بحق النساء. هذه التوجهات والسلوكيات التي تقع على الحد الفاصل بين الفردي والمجتمعي تعد مؤشراً بأن العمل على المستوى الثقافي الشعبي يشكل أمراً أساسياً إذا كنا نسعى فعلياً إلى تطوير أحوال وأوضاع النساء.

يحتاج تطوير أوضاع النساء في لبنان وتحقيق المساواة والعدالة الجندرية إلى الكثير من الخطوات ليرتقي إلى مكانة بلد يحترم كرامات المواطنات ومكانتهن. من هذه الخطوات ربما وجود إرادة سياسية لا تسعى إلى استخدام حقوق النساء كمطية ولأهواء سياسية. كما أنها بحاجة إلى استراتيجية وطنية تتحوّل إلى خطة عمل ذات أهداف محددة وتوقيت زمني وتخصيص موازنة لها. هي بحاجة إلى عدة أمور قد لا يُتاح إدراجها هنا. لكن ما ليست بحاجة له النساء بالتأكيد، هو تخصيص يوم وطني لهن، كما حاولت وزارة الدولة لشؤون المرأة القيام به. كما أنهن لسن بحاجة إلى تلوين القصر الجمهوري باللون البرتقالي تضامناً معهن.

*ناشطة نسوية

المساهمون