أدوية مسروقة في تونس

أدوية مسروقة في تونس

15 ديسمبر 2017
في أحد مستشفيات تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تولي جهات الرقابة والسلطات المعنية في تونس اهتماماً كبيراً بملف سرقة الأدوية، خصوصاً بعدما أشارت تقارير عدّة إلى انتشار الظاهرة في عدد من المستشفيات. وأكدت تلك الصادرة عن دائرة محاسبات الجمهورية التونسية والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إضافة إلى أخرى صادرة عن وزارة الداخلية، إحباط عمليات سرقة وتهريب أدوية.

وشهد قطاع الصحّة مشاكل كبيرة في ظل تكرار سرقة أدوية ومعدات طبية. ومؤخراً، نُشر تقرير عن سرقة معدات طبية عادة ما تستعمل للختان، وأدوية لمعالجة الحروق، إضافة إلى كميات من الأدوية والمعدات الطبية من إحدى مستشفيات محافظة سليانة. وارتكب هذه السرقات ممرّضٌ حوّل بيته إلى محل لبيع المعدات.

واعتُقلت عصابة تتولّى سرقة أدوية مرضى السرطان من المستشفيات الحكومية، وبيعها إلى عدد من المصحّات وتجار الأدوية، من بينها طبيب وشخص آخر يعمل في أحد المستشفيات الحكومية في العاصمة، وآخر في مستشفى خاص. وتمكنت الجهات المعنية من اعتقالها بعد تسجيل نقص كبير في أدوية السرطان.

كذلك، فإن إحدى أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام ووسائل الإعلام في المدّة الأخيرة، كانت تلك التي أثارتها دائرة المحاسبات الجمهورية التونسية، والتي أشارت في تقريرها السنوي الصادر في عام 2016، إلى صرف أدوية من خلال استخدام أسماء أشخاص متوفين بقيمة 135 ألف دولار، وذلك منذ عام 2002 وحتى عام 2015، من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في العاصمة، والذي يتولى تسليم أدوية للمنتفعين. ويُبيّن التقرير أنّ 60 في المائة من المنتفعين أعربوا عن عدم رضاهم عن أداء المصحة. التقرير أشار أيضاً إلى التكفل بعدد من المرضى بغير وجه حق، وبالتالي تحمُّل مصاريف بقيمة 320 ألف دولار. وتُقدّر الكلفة الإجمالية للأدوية التي صرفت بوسائل غير قانونية بـ 5 ملايين دولار.

ورفعت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ملفات عدّة، هي عبارة عن شبهات فساد تتعلّق بسرقة أدوية من مختلف الجهات والمراكز الصحيّة إلى القضاء. كذلك، أشارت الهيئة إلى أن كلفة الأدوية المسروقة، والتي بيعت بوسائل غير قانونية، أو هرّبت إلى ليبيا بلغت نحو 50 مليون دولار في عام 2015، ما يؤكد أن سرقة الأدوية من المستشفيات أصبحت مشكلة كبيرة.



من جهته، يشير هشام بوغانمي، كاتب عام أعوان الصيدليات في تونس الكبرى، لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ ظاهرة تهريب الأدوية إلى ليبيا ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وهو ما أثبتته تقارير وزارة الداخلية التي بيّنت إحباط عمليات تهريب أدوية على الحدود التونسية الليبية في مناسبات عدّة، ما انعكس سلباً على توزيع الأدوية في تونس، ونقصها في بعض الجهات. وسُجّل نقص وفقدان بعض الأدوية في فترات عدة، خصوصاً أدوية بعض الأمراض المزمنة كضغط الدم والسكري.

جهات عدّة، على غرار دائرة المحاسبات وهيئة مكافحة الفساد، طالبت بفتح تحقيقات جدية، وإرساء منظومة رقابة ناجعة للحدّ من الفساد. ويقول المكلف بالإعلام في وزارة الصحة شكري النفطي، لـ "العربي الجديد"، إن مصالح الرقابة تتابع اليوم كل عمليات السرقة التي كشفت، إضافة إلى التحقيقات المتعلقة بسرقة كميات من الأدوية من بعض المستشفيات، والتي ارتكبها بعض الأعوان أو الأطباء العاملين في تلك المستشفيات. وعوقب عدد من الأطباء، سواء من خلال إنهاء التعاقد أو إيقافهم عن العمل إلى حين إنهاء التحقيقات، بالتنسيق مع عمادة الأطباء. وتتولى مصالح الرقابة متابعة المستلزمات والآلات الطبية في المستشفيات الحكومية والمصحات الخاصة والصيدليات للتثبت من مدى مطابقتها للمواصفات تجنباً لأي تجاوزات.

وزارة الصحة أعلنت من جهتها منذ أكثر من عام أنّها ستعتمد نظام الفوترة الإلكترونية، ما سيمكنها من تطوير وسائل عمل دوريات التفتيش في الصيدليات والقطاعات الطبية من أجل وقف التجاوزات التي عرفها هذا القطاع. ويفترض أن تؤدي الفوترة الإلكترونية إلى متابعة مسار الأدوية منذ خروجها من مستودعات الصيدلية المركزية إلى الصيدليات الخاصة، ثم الموزعين بالجملة، ما سيؤدي إلى الحد من ظاهرة التهريب.

يُذكر أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد أعلن الشهر الماضي عن إطلاق نظام إعلامي في الصيدلية المركزية لمتابعة مخزون الأدوية عن بُعد، مشيراً إلى التسريع في اعتماد المكننة في قطاع الصحة بسبب التجاوزات التي كشف عنها، إضافة إلى الشكاوى. أضاف أن الحكومة تسعى إلى التقدم في إرساء المكننة في كل الإدارات.

دلالات

المساهمون