مأساة المهاجرين التونسيين في إيطاليا

مأساة المهاجرين التونسيين في إيطاليا

14 ديسمبر 2017
ينتظرون تحديد مصيرهم (ألبيرتو بيزولي/ فرانس برس)
+ الخط -
منذ سنوات، تحاول السلطات التونسية، وبما أتيح لها من وسائل، إمساك الخيط الأول الذي قد ينهي مأساة أبنائها الموجودين في إيطاليا. وهؤلاء إما مهاجرون سريّون موقوفون في مراكز خاصة، أو مسجونون موزعون على أكثر من مدينة إيطالية، أو مفقودون لا أثر لهم. ولا تُبدي السلطات الإيطالية جدية واضحة لتقديم معلومات وافية لشبكات المجتمع المدني التونسية والإيطالية، التي تسعى من دون جدوى إلى وضع حد لهذه المأساة المستمرة منذ سنوات، علماً أنها قضية خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان وترتبط بالقانون الدولي. وقد تجاوزت السلطات الإيطالية القانون بحسب مراقبين تونسيين، من دون أي دور للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، رغم أن أحداثاً مماثلة جنّدت الرأي العام الدولي لمصلحتها.

ولا يتعلّق الأمر بعشرات أو مئات التونسيّين، بل بالآلاف منهم، الذين ألقت بهم أوهام أوروبا في جحيم السجون ومراكز التوقيف، من دون أي اعتبار أو اهتمام بالمفقودين. وكانت عائلات المفقودين التونسيين في إيطاليا قد هددت ببدء إضراب عن الطعام. وتؤكد عضو اللجنة الوطنية للبحث عن حقيقة المفقودين في إيطاليا، منيرة بن شقرا، أن الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن يبلغ عددهن 504 أمهات، ستة منهن حاولن الانتحار من خلال حرق أنفسهن، وقد توفيت اثنتان.

وتؤكّد المنظمة الدولية للهجرة أن عدد المهاجرين الذين يغادرون تونس إلى إيطاليا شهد نهاية الصيف الماضي زيادة كبيرة، مؤكدة وصول1357 تونسياً إلى الساحل الإيطالي، في حين أن أكثر من 1400 وصلوا خلال شهر سبتمبر/ أيلول وحده.

وكانت رئيسة لجنة التونسيّين في الخارج، ابتسام الجبابلي، قد أكدت أن إحصائيات وزارة الخارجية تشير إلى وجود 2037 تونسياً في السجون الإيطالية. ودعا وزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، في لقاء مع رؤساء البعثات القنصلية المعتمدين في إيطاليا، إلى مزيد من الاهتمام بالسجناء التونسيين في إيطاليا، وضرورة الإحاطة بهم من خلال تسخير محامين للدفاع عن مصالحهم، والسماح لهم بالاتصال بعائلاتهم في تونس.

وتوجّه وفد تونسي رسمي إلى إيطاليا يضم أعضاء البرلمان الممثلين عن دائرة إيطاليا وكاتب الدولة للهجرة لبحث هذا الملف. يقول النائب عن حزب نداء تونس وممثل الجالية التونسية في إيطاليا، والمتحدث باسم البرلمان التونسي، محمد بن صوف، لـ "العربي الجديد": "زيارة إيطاليا التي تستمر ثلاثة أيام تأتي في إطار متابعة أوضاع المهاجرين التونسيين غير النظاميين والوافدين بوسائل غير شرعية إلى السواحل الإيطالية في الآونة الأخيرة".

وتشمل الزيارة لقاءات مع وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي، ومساعد وزير الخارجية وعدد من المسؤولين الإيطاليين للوقوف على أوضاع المهاجرين التونسيين العالقين لدى السلطات الإيطالية في مراكز الإيواء. ويفترض بحث علاقات التعاون بين روما وتونس في مجال الهجرة غير الشرعية، والدور الذى تلعبه تونس في إدارة تدفق المهاجرين وسبل حماية الحدود البحرية التونسية.

ويقول بن صوف إن معالجة الهجرة غير الشرعية لا يمكن حلّها أمنياً من خلال تحصين الحدود وتشديد الرقابة وملاحقة المهاجرين، بل في إطار اجتماعي اقتصادي يراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي ينتمي إليها غالبية المهاجرين الذين فقدوا الأمل والثقة، ويبحثون في قوارب الموت عن سبل لتحسين ظروف العيش، حتى لو كلفهم ذلك حياتهم. ويقول بن صوف إن وضع المهاجرين غير قانوني، لكن يجب أن تدفع السلطات الإيطالية إلى الاستثمار في تونس بصفة مباشرة أو عبر موقعها المميز في الاتحاد الأوروبي، بهدف تحقيق التنمية وتأمين فرص عمل، الأمر الذي يساهم في الحد من عدد الوافدين الباحثين عن عمل خارج بلدانهم.

ويؤكد بن صوف أن الجانب الإيطالي متفهم، وقدّم وعوداً لدفع الاستثمار في تونس. والدليل على ذلك النية في دعم برنامج توسيع مشروع ديوان "رجيم معتوق" في الجنوب التونسي. ويهدف هذا المشروع إلى تنمية المنطقة الصحراوية وتحصين الحدود التونسية من خلال إعمارها وتنميتها.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قال رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمان الهذيلي، خلال ندوة صحافية انعقدت في العاصمة، إن نحو 35 ألف مهاجر بطريقة غير شرعية عبروا البحر المتوسط انطلاقاً من الشواطئ التونسية باتجاه أوروبا منذ اندلاع الثورة، مشيراً إلى أن الحكومة تؤكد أن عدد المهاجرين التونسيين غير النظاميين يبلغ 20 ألف شخص فقط.

المساهمون