رفض حقوقي مصري لقوانين الطاقة النووية خشية تأثر البيئة​

رفض حقوقي في مصر لقوانين "الطاقة النووية"​ بالتزامن مع زيارة بوتين

11 ديسمبر 2017
بوتين في القاهرة لتوقيع عقد إنشاء المحطة النووية(ألكسي نيكولسكي/Getty)
+ الخط -

عبّر حقوقيون ونشطاء في مصر عن تخوفات من قوانين الطاقة النووية، خاصة ما يتعارض منها مع التشريعات والدستور المصري، بالتزامن مع توقيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الإثنين، عقد مشروع إنشاء أول مفاعل نووي مصري في منطقة الضبعة شمال البلاد.

وأعلنت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" اعتراضها على قوانين الطاقة النووية التي تم إصدارها أخيرًا، والتي "تتعارض مع عدد من المبادئ القانونية والدستورية، وتنتقص من استقلالية هيئة الرقابة النووية وضمانات الأمان النووي، كما تؤدي إلى إهدار موارد الدولة"، وطالبت المبادرة بضرورة مراجعة تلك القوانين، وعدم توقيع عقود المحطة النووية الآن.

كما اعترضت المبادرة على الطريقة التي تم بها إصدار هذه القوانين في عجالة، ومن دون فرصة حقيقية للنقاش، وعبّرت عن قلقها من استمرار أسلوب التعتيم الشديد والانفراد بالقرار الذي صاحب المشروع النووي منذ بدايته، وطالبت بالتروّي واتباع مبادئ الشفافية والمشاركة الشعبية.

ووافق البرلمان المصري، في جلسة عامة طارئة، بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دفعة واحدة، على ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالطاقة النووية تقدمت بها الحكومة، هي مشروع قانون بإنشاء الجهاز التنفيذي للإشراف على مشروعات إنشاء المحطات النووية لتوليد الكهرباء، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية.
وصرح رئيس البرلمان في تلك الجلسة بأن هناك حاجة إلى سرعة إصدار هذه القوانين، فيما يبدو أنه تحضير لتوقيع عقود الضبعة أثناء زيارة الرئيس الروسي المرتقبة، وبالفعل تم عرض مشروعات القوانين الثلاثة والموافقة عليها في نفس الجلسة، من دون توفر فرصة حقيقية للنقاش، وصدرت القوانين ونُشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وقالت الباحثة في مجال البيئة في المبادرة المصرية، راجية الجرزاوي، "إن الشفافية واستقلالية الهيئات الرقابية من أهم ضمانات الأمان النووي، ولكن للأسف لا يبدو أن التوجهات وراء إدارة الملف النووي، التي أدت إلى إصدار القوانين التي تقضي على استقلالية هيئة الرقابة. وتحشد ممثلي الحكومة في المنظومة النووية وتفتح الباب أمام التربّح، والتي تتصف بالاستبعاد وحجب المعلومات، ولا تأبه كثيرا لسياسات الأمان النووي، وأضافت أن الطاقة النووية شأن يخص المجتمع كله".
 
وأكدت المبادرة المصرية أن "العوار التشريعي الأخطر الذي أتت به هذه القوانين يتمثل في القضاء على استقلالية هيئة الرقابة النووية والإشعاعية. وهي الهيئة التي تتولى المسؤولية التنظيمية والرقابية المتعلقة بالأنشطة النووية، لأن ضمان كفاءة واستقلالية هيئة الرقابة شرط أساسي من شروط الأمان النووي، باعتبارها المسؤولة عن وضع شروط التصاريح وإصدار اللوائح ووضع معايير الأمان والإرشادات، وعن منح التصاريح للمنشآت النووية أو إلغائها، كما أنها المسؤولة عن التفتيش والرقابة على المرافق والأنشطة وضمان امتثالها للمعايير، وغير ذلك من سياسات الأمان النووي".

وضم مجلس إدارة الجهاز التنفيذي المنوط به الإشراف على إنشاء المحطة النووية في عضويته، ممثلًا عن هيئة الرقابة النووية، في مخالفة مباشرة للقانون نفسه؛ والذي يحظر على أعضاء هيئة الرقابة أي صلة بالمرافق التي يراقبونها، كما يخالف متطلبات الأمان التي تصدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تحظر على هيئات الرقابة ممارسة أنشطة تتعارض مع دورها الرقابي.

وملأت القوانين الثلاثة مجالس إدارات هذه الكيانات بممثلي الوزارات والجهات العامة المعنية، بما في ذلك مجلس إدارة هيئة الرقابة النووية نفسها، وهو ما يؤدي إلى سيطرة الجهات التنفيذية على الهيئة الرقابية المنوط بها مراقبة أداء هذه الجهات نفسها ويقضي على دورها الرقابي كليًّا.

وسمح تعديل قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية بإنشاء شركاتٍ لاستثمار أموالها، الأمر الذي يشكل تحديًا صعبًا حول إمكانية ضمان عدم تعارض المصالح بين المنافع الاقتصادية للهيئة وبين نزاهة واستقلالية دورها الرقابي.

وبخصوص إهدار موارد الدولة، أوضحت المبادرة المصرية أن قانون "إنشاء الجهاز التنفيذي للإشراف على المحطات النووية"، ينشئ كيانًا يتشابه ويتداخل في اختصاصاته وصلاحياته وموارده مع كيان قائم بالفعل هو "هيئة المحطات النووية"، التي من مهامها أيضا إنشاء محطات نووية، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار موارد الدولة البشرية والمادية.

كما يقدم قانون هيئة المحطات النووية حزمة هائلة من الإعفاءات والمزايا والاستثناءات المالية إلى الهيئة وإلى مشروعاتها، إذ يعفي المحطات النووية من جميع الضرائب والرسوم، ويعفي ما تستورده الهيئة من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم، كما يعفيها من كافة الضرائب على فوائد القروض الخارجية التي تعقدها، ويعفي ما تستورده الشركات والهيئات المتعاقدة مع هيئة المحطات النووية والمقاولين من الباطن من جميع الضرائب والرسوم ومن الالتزام بالحد الأدنى لنسب توزيع الأرباح، ويعفي الأجانب العاملين في مشروعات الهيئة من كافة الضرائب على المرتبات والأجور والمكافآت والمهن الحرة ومن الضريبة العامة على الإيراد، بحسب المبادرة.

ورأت المبادرة المصرية أن هذه الإعفاءات والمزايا غير المبررة تمثل إهدارًا لموارد الدولة، إذ إن مشروع المحطة النووية هو مشروع مربح، وكان ضمن مبررات إنشاء المحطة النووية أنها ستحقق أرباحًا تضمن أداء القرض الذي يبلغ 25 مليار دولار، وهو ما ينفي وجود أي مبرر لهذا الفيض من المنح والإعفاءات والاستثناءات وإضاعتها على خزانة الدولة، خصوصاً أن القانون يسمح للهيئة بتأسيس شركات لاستثمار فائض أموالها في أنشطة، قد لا تكون بالضرورة، متعلقة بالطاقة النووية.

واعترضت وزارة المالية على هذه الإعفاءات، خصوصًا أن الهيئة والجهاز التنفيذي يحصلان على مخصصات من خزينة الدولة. كما أوضحت المبادرة أن هذا الوضع يمثل تمييزًا للطاقة النووية على مصادر توليد الكهرباء الأخرى التي لا تتمتع بهذه المزايا.