خطاب البرلمان محاربة الفكر المتطرف بتونس: سيناريو مكرّر

خطاب البرلمان محاربة الفكر المتطرف في تونس: سيناريو مكرّر

29 نوفمبر 2017
الدعوة للاعتدال والوسطية(Getty)
+ الخط -
يثبت البرلمان التونسي، كلما مثل أمامه وزير للشؤون الدينية، منذ نهاية سنة 2014، أنه يتجاوز تبعات الصراعات الأيديولوجية والسياسية التي حضرت بقوة قبيل الانتخابات التشريعية والسياسية.

ويكرر مرة أخرى سيناريو مساءلة وزير الشؤون الدينية، أحمد عظوم، عن الخطاب الديني المتطرف، رغم عدم وجود قرار بانحساره وتراجعه، بمناسبة مناقشة موازنة وزارته، أمس الثلاثاء، أمام الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب.

وانشغل نواب كتلة النهضة في الحديث عن نقص التكوين لدى الأئمة والمستوى غير المرضي لخطب الجمعة، فضلاً عن نواقص أخرى شابت تنظيم عملية الحج إلى البقاع المقدسة وارتفاع معاليم (كلفة)العمرة.
في المقابل، تركزت مداخلات نواب الجبهة الشعبية، ومشروع تونس، على مساءلة وزير الشؤون الدينية عن ضعف الخطاب الديني في مواجهة الفكر المتطرف، متسائلين عن تغييب أصوات معتدلة وعرفت بضلوعها في الفقه الإسلامي ودعوتها للاعتدال والوسطية.

وبدت مداخلة النائبة عن الجبهة الشعبية، مباركة عواينية، الأكثر حدة، إذ توجهت للوزير بجملة من الأسئلة اللاذعة. واعتبرت أنه لا ضمانة، اليوم، بألا تكون بعض المساجد مهداً لخلايا الفكر الإرهابي النائمة. وأشارت إلى أن قدوم شيوخ تكفيريين إلى تونس، وإشاعتهم الفكر المتطرف لا يزال صداه يتردد إلى اليوم في بعض المساجد، على الرغم من أن ما بشرت به وزارة الشؤون الدينية عن برنامج لمكافحة الفكر المتطرف عنوانه "غداً أفضل" لم يترك أثراً ولو صغيراً بادياً للعيان.

وعلى ذات الحجج، بنت النائبة عن آفاق تونس، هاجر بالشيخ أحمد، مداخلتها على تبيان أن دستور البلاد لم يُحترم في أكثر من واقعة، وإن الفكر المتطرف تجاهل غالباً في أكثر من مناسبة مبادئ دستور عام 2014 وفي مقدمتها حرية الفكر والضمير والمعتقد.
أما كتلة مشروع تونس، أبدت قلقها من ضعف موازنة الوزارة المعنية بالشأن الديني، وضمان حياد المساجد ونشر الخطاب الوسطي. وأفاد النائب حسونة الناصفي، أن مساجد دعت ولا تزال إلى الجهاد والنفور نحو بؤر التوتر، وإن منها من يكفّر مواطنين تونسيين، في حين لم يفرض الخطاب الديني الرسمي فكره الوسطي المعتدل عبر إصدارات وكتب تروج له.

ورد وزير الشؤون الدينية أحمد عظوم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن ميزانية الوزارة قاربت 105 ملايين دينار تونسي تذهب في الجزء الغالب منها لتأجير الإطارات والأئمة والوعاظ. وأكدت مداخلات بعض النواب وجود أئمة متطرفين يقدمون خطباً تدعو للعنف أو تنتهك الحقوق والحريات وتدعو لقمعها.

وذكر عظوم أن في البلاد اليوم 5700 مسجد يتابع شؤونها قرابة خمسة آلاف إمام معينين من قبل الوزارة، ولا وجود لمساجد خارج سيطرة الوزارة اليوم. وأبرز المتحدث ذاته أن أي مسجد يؤم المصلين فيه إمام معين من وزارة الشؤون لا يمكن إلا أن يكون تحت السيطرة. أما بشأن الإخلالات، فإن الأمر يقتصر على بعض التجاوزات التي يجري التفطن إليها سريعاً ومعالجتها.

وأوضح أنه إضافة إلى الوعاظ وفرق مراقبة الأئمة فإن عدة مؤسسات تراقب الخطاب الديني الرسمي، ومنها وزارة الداخلية التي تتدخل متى كان الخطاب، داعياً للفكر التخريبي، أو متى أثيرت فوضى داخل بيوت الله. ورأى أن وسائل الإعلام تساهم أيضاً في فضح القائمين بإخلالات، ولفت نظر السلطة المختصة لتأديبهم أو عزلهم متى اقتضى ذلك.

وعرج على مداخلات النواب التي اعتبرت أن الوزارة المكلفة الشؤون الدينية لم تقدم خطوات تذكر في مجال مكافحة الإرهاب والخطاب المتطرف، مبدياً تفهمه لهذه الآراء نظرًا لأن بعضهم ينتظر نتائج معالجة الخطاب المتطرف رغم أنها تستغرق أجيالاً. وقال في هذا السياق إن "الدولة والوزارة يواجهان فكراً عنيفاً ومتطرفاً، وهو تحد على غاية من الصعوبة إذ إن مواجهة الفكر لا تكون إلا بالفكر، وهي مسألة تبرز نتائجها للعيان مع الوقت".



المساهمون