هكذا يحيي الجزائريون ذكرى المولد النبوي

هكذا يحيي الجزائريون ذكرى المولد النبوي

30 نوفمبر 2017
مفرقعات للبيع بمناسبة المولد النبوي (أحمد كمال)
+ الخط -

عشيّة ذكرى المولد النبوي، برز في الجزائر جدال حول مدى شرعية الاحتفال بهذا العيد، وهو ما اعتاد الجزائريون عليه منذ عقود، وحتّى خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وذلك بعد نشر مجموعات سلفية متشددة بيانات ومنشورات تعتبر ذلك من صميم البدع التي أدخلت على الإسلام.

إلّا أنّ وزارة الشؤون الدينية رفضت هذا السجال، وحذّرت ممّا اعتبرته محاولات مجموعات متطرّفة لنقل النقاش حول مواضيع دينيّة عدة إلى الجزائر. وقال وزير الشؤون الدينية محمد عيسى: "لطالما عاش الجزائريون كإخوة لا يفرقون بين صوفي ووهابي. عاشوا مسلمين يؤمنون بالله ورسوله، وهو ما علمه لنا أجدادنا، وما سنعلمه للأجيال المقبلة". وأضاف أنّ الجزائريين ليسوا في حاجة إلى فتوى للاحتفاء بالمولد النبوي، وأفضل طريقة لمحاربة هذه الحركات المتطرفة هي الاحتفال بالمولد النبوي الذي يشكل فرصة لاستحضار قيم ومبادئ الرسول، كما أن محبة الجزائريّين لرسولهم لا تحتاج إلى فتوى.

بعيداً عن هذا الجدال الديني الذي يتّسع في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، لا يبدو أن المواطنين على استعداد لمناقشة تفاصيل وطقوس تتعلّق بعادات تُساهم في لمّ شمل العائلة وتسلية الأطفال واستذكار النبي. وتعدّ ليلة المولد فرصة للفرح، وإن اختلف الاحتفال بين الماضي والحاضر، وإن تباين من منطقة لأخرى. بالنسبة للحاج علي (76 عاماً)، فإن الثابت الوحيد هو الفرح الذي يدخل القلوب.

وتنتظر العائلات الجزائريّة المولد النبوي للاحتفال و"الخروج عن المألوف". وعادة ما تشتري اللحوم والدجاج وغيره لإعداد العشاء، إضافة إلى الشموع والحنة، وهذان تقليد أساسي ليلة المولد. تقول فاطمة بلعربي لـ "العربي الجديد" إنّ الاحتفال بالمولد النبوي مقدّس، ولا يمكن أن يمرّ مرور الكرام. تضيف أن النساء يحضّرن كلّ مستلزمات العشاء الخاص بالمولد، إلا أن التحضيرات تختلف من منطقة إلى أخرى. في كلّ الأحوال، تجتمع العائلة وتتناول العشاء مع بعضها بعضاً. وعادة ما يكون الكسكس حاضراً كطبق رئيسي، إما باللحم أو الدجاج، إضافة إلى الخضار والحمص. بالنسبة للجزائريّين، فإنّ هذا الطبق يجمع العائلات في المناسبات والأفراح. وفي شرق الجزائر، يبقى طبق "الشخشوخة والتريدة" أساساً لعشاء المولد.



ليلة الاحتفال بالمولد، تُحضّر النساء الشاي والقهوة والمشروبات والعصائر والحلويات، أهمها "الطمينة" أو "البسيسة"، وهي من أهمّ الحلويات التي تقدّم في احتفالات مولد النبي. وتشمل مكوناتها القمح والعسل والزبدة والجوز واللوز إضافة إلى مكونات أخرى، وتعدّ بداية عام "الوفرة والخير". وتبقى الحنة والأغاني من أهم طقوس الاحتفالات. وعادة ما يُنشد الأطفال ما يُمجّد النبي محمد. وفي بعض المناطق، يُشعل الأطفال الشموع الموضوعة في علب فارغة، ويمرون على بيوت الحي ويطلبون الحلويات من أصحابها. وحين يحصلون على نصيبهم، يرددون "بيت الخير".

من جهة أخرى، ثمّة ظاهرة ترتبط بالاحتفال بالمولد النبوي في الجزائر، وهي المفرقعات. ويصعب تحديد متى بدأ الناس يعبرون عن فرحهم من خلال المفرقعات. إلّا أن غالبيّة المدن وشوارع البلدات الجزائرية تتحوّل إلى ساحة حرب، خصوصاً أنها تُحدث صدىً مدويّاً، ويجد الشباب العاطلون من العمل في بيع المفرقعات فرصة لكسب المال.

وعادة ما يتوزّع الباعة في شارع محمد بلوزداد وحي باب الواد العتيق، ويبيعون أنواعاً مختلفة من المفرقعات، ويصل سعر بعضها إلى نحو 50 دولاراً. رغم الأزمة، يُقدم الجزائريّون على شرائها، وهو ما يعدّه بعضهم هدراً للمال. إلا أن احتفالات الجزائريين بالمولد النبوي تحوّلت إلى تنافس شديد بين الأطفال والشباب على شراء المفرقعات كجزء من الفرح، علماً أنّها قد تُعرّض الأطفال للأذى في بعض الأحيان. وخلال العام الماضي، سُجّل تعرّض بعض الأطفال لإصابات في العيون وحروق، بسبب الاستعمال السيئ للمفرقعات. وتعجز السلطات الجزائرية في كل عام عن التوقّف عن استيراد المفرقعات من الصين، وتكتفي بحجز كميات منها، في ظل البيع العشوائي، وقلة الوعي حول كيفيّة استخدامها.

تجدر الإشارة إلى أن المسلمين يحتفلون في عدد من الدول الإسلامية الأخرى بولادة نبيهم، من خلال إقامة الموالد والمجالس التي تنشد فيها قصائد مدح النبي، إضافة إلى ذكر سيرته. ولا ينسى المسلمون تقديم الحلويات بهذه المناسبة.