طلاب عراقيون يدرسون فوق أنقاض مدارسهم المدمرة

طلاب عراقيون يدرسون فوق أنقاض مدارسهم المدمرة

28 نوفمبر 2017
يتابعون الدراسة تحت أنقاض المدارس المدمرة (فيسبوك)
+ الخط -

تعاني المدن العراقية المحررة من تردي الواقع التعليمي، بعد نحو أربع سنوات من الحرب التي أسفرت عن تدمير آلاف المدارس كلياً أو جزئياً، وعشرات المعاهد والعديد من الجامعات في الموصل والأنبار وصلاح الدين وديالى، ومناطق أخرى من شمال وغرب البلاد، ما دفع الطلاب إلى تلقي دروسهم فوق أنقاض هذه المدارس.

ويشكّل نقص الأبنية المدرسية الصالحة للدراسة عقبة رئيسية أمام التعليم في تلك المدن، بعد الدمار الذي لحق بنحو 3 آلاف مدرسة نتيجة الحرب وعمليات القصف الجوي والبري والتفخيخ، وعدم الشروع بتأهيلها مجدداً بعد التحرير.

وقال رئيس منظمة السلام لحقوق الإنسان، الدكتور محمد علي، إن نحو 3 آلاف مدرسة في مدن شمال وغرب ووسط العراق خرجت عن الخدمة بفعل العمليات العسكرية والإرهابية، بينها ما هو مدمر بالكامل، وما هو بين دمار جزئي وحرق أو إتلاف وسرقة المعدات المدرسية فيه.

وبيّن في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "جهود الحكومة في إعادة تأهيل المدارس تكاد تكون معدومة، وحاليا هناك جهود فردية من قبل المحافظات وناشطين ومنظمات دولية، لكنها غير قادرة على مواجهة تحدي بنى التعليم المدمرة بالمناطق العراقية المحررة".

وأوضح المستشار التربوي حسن الجبوري، أنّ " طلاب المراحل الدراسية كافة يعانون كثيراً في المدن المحررة بسبب نقص الأبنية المدرسية، بعد تدمير مئات المدارس جراء الحرب وغياب خطة حكومية واضحة لإعادة تأهيلها، مما اضطر أغلبهم لمتابعة الدراسة على أنقاض المدارس المدمرة".



وأشار لـ"العربي الجديد" إلى أن المشكلة تكمن في عدم وجود خطط حكومية لإعادة تعمير وتأهيل المدارس المدمرة، وعدم رصد أموال لعمليات إعادة الإعمار المرتقبة، ما يسبب مشاكل عديدة، منها اكتظاظ الصفوف الدراسية بالطلاب لحوالي الضعف".

كما بيّن أن "إدارات التربية اتبعت خطة جديدة من خلال دمج كل ثلاث مدارس مدمرة بمدرسة واحدة، وتوزيع الحصص بين الثامنة صباحا والحادية عشرة وبين الحادية عشرة والنصف والثالثة وبين الثالثة والنصف والسادسة والنصف لطلاب الإعدادية، وتقليص وقت الحصة لنصف ساعة فقط بلا فسحة للطلاب، كما أن الصف الواحد بات يضم أكثر من 40 طالبا.

وفي السياق، كشف مهندسون عن حجم الدمار الذي لحق بالأبنية المدرسية في المدن المحررة خلال الأربع سنوات الماضية، من الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي.

ويقول المهندس الاستشاري فرقد الزبيدي، إنّ" حجم الدمار الذي لحق بالمدارس كان هائلاً، فقد دمرت أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة في المدن المحررة نتيجة الحرب، نصفها في محافظة الأنبار غربي العراق".

ولفت إلى أنه "في الأنبار هناك 1500 مدرسة مدمرة، وبالموصل أكثر من 300 مدرسة مدمرة، وديالى نحو 120 مدرسة، وفي صلاح الدين أكثر من 360 مدرسة مدمرة بشكل كلي أو جزئي، فضلاً عن مناطق أخرى".

بدورهم، اشتكى المدرسون من اكتظاظ الصفوف الدراسية بالطلاب نتيجة نقص الأبنية المدرسية، ما جعل نسبة الطلاب في كل صف ترتفع إلى أكثر من ضعف العدد المسموح به ليستطيع الطلاب فهم الدروس.

ويقول المدرس جابر الدليمي، "إنّ نقص الأبنية المدرسية والدمار الذي لحق بآلاف المدارس اضطر مديريات التربية في المحافظات المحررة إلى رفع عدد الطلاب في الصفوف الدراسية، فبدلاً من أن يضم الصف الواحد مثلاً 30 طالباً أصبح يضم أكثر من 40 أو 50 طالباً، وهذا عدد كبير جداً يرهق المدرسين والطلاب ويضعف التعليم".

ويوضح الدليمي لـ"العربي الجديد"أنه " نتيجة عدم استيعاب الصفوف الدراسية لعدد أكبر، اضطر آلاف الطلاب للعودة إلى مقاعد الدراسة تحت أو فوق أنقاض مدارسهم المدمرة التي لم تبدأ فيها عمليات إعادة التعمير حتى الآن".

ونشر إعلاميون صوراً لطلاب وهم يدرسون فوق أنقاض مدارس طاولها القصف، خلال عمليات التحرير التي استغرقت أكثر من ثلاثة أعوام.

 الإعلامي شاكر المحمدي، نشر على صفحته صور طلاب من إحدى المدارس في منطقة الكرمة شرقي الفلوجة، وكتب المحمدي: "أتحدى جميع رسامي العالم أن يصنعوا لوحة بهذا الجمال والواقع".

فيما تفتقر بقية المدارس التي لم تتعرض للدمار إلى المقاعد الدراسية اللازمة لجلوس التلاميذ، ما يضطر أغلب الطلاب إلى الجلوس على الأرض في الصفوف الدراسية، رغم برودة الجو الشديدة.

كذلك الأمر بالنسبة لطلاب الموصل وصلاح الدين وديالى الذين اضطروا للمباشرة بالعام الدراسي الجديد تحت أنقاض المدارس المدمرة، رغم خطورتها لعدم وجود بدائل.

ويقول الخبراء إن العراق بحاجة إلى أكثر من 20 ألف مدرسة لسد النقص الكبير في الأبنية المدرسية، وإلغاء ما يعرف بالدوام المزدوج في المدارس، واكتظاظ الصفوف الدراسية بعدد يفوق ضعف العدد الطبيعي للطلاب.

وتواجه الحكومة العراقية ووزارة التربية انتقادات لاذعة بخصوص الأبنية المدرسية المدمرة خلال الحرب في المدن المحررة، ومطالبات مستمرة بضرورة وضع خطة شاملة بالاستعانة بالأمم المتحدة لإعادة تعمير وتأهيل المدارس التي دمرتها الحرب.

المساهمون