لا أريد أن أقرأ الكتب

لا أريد أن أقرأ الكتب

28 نوفمبر 2017
مكتبة تيانجين بنهاي العامة في الصين (فريد دوفور/فرانس برس)
+ الخط -
يقول الخبر إنّ الصين افتتحت مكتبة عامة تصل مساحتها إلى 34 ألف متر مربع، وتضم مليوناً و200 ألف كتاب في مختلف المجالات. هو إذاً انتصار من الانتصارات القليلة للكتاب في السنوات الأخيرة. ففي عالم باتت الشاشات فيه تحلّ محل الطباعة والورق يفقد الكتاب أهميته كوسيلة أساسية لتحصيل المعرفة.

تشدد تقارير كثيرة حول العالم على تراجع طباعة الكتب واقتنائها، وبينما يرتبط التراجع بالتقدم التكنولوجي الحاصل على صعيد الكومبيوترات اللوحية والهواتف الذكية وما فيها من تقنيات وأدوات "تغني عن الكتب" فإنّ هناك تساؤلاً عمّا إذا كانت تلك الأجهزة والتقنيات والأدوات تغني عن الكتب فعلاً، أم أنّ استخدامها هو لأمور أخرى تبتعد عن تحصيل المعرفة.

إذا خضنا في هذا التساؤل دخلت على الخط إشكالية جديدة تتعلق بالقارئ المفترض هذه المرة واستمرار بحثه عمّا يقرأ من مؤلفات تبني ثقافته الخاصة وتغني تجربته وتزيد في تحصيله المعرفي من خلال تلك الأجهزة والتقنيات والأدوات، خصوصاً أنّ كثيراً من مستخدمي تلك الأجهزة يزعمون أنّهم يقرؤون الكتب الإلكترونية عبرها مثلاً. فهل يفعلون ذلك بحق، أم ينساقون إلى نمط تسطيحي يظهر بوضوح في وسائل التواصل الاجتماعي والآراء والمواقف والأفكار اليومية التي تعرض على صفحاتها وحساباتها وتجد شعبية واسعة تثبتها الإعجابات والتعليقات عليها. وهي منشورات أقلّ ما يقال فيها إنّها غير ناضجة؟

في استفتاء سريع شمل 127 صديقاً ومتابعاً، أعلن 50 في المائة منهم أنّهم لم يقرؤوا أيّ كتاب (ورقي أو إلكتروني) أو قرأوا كتاباً واحداً فقط (من خارج المنهج الدراسي) خلال العام الجاري 2017، بينما لم تتجاوز نسبة من قرأوا 10 كتب أو أكثر 18 في المائة من المستطلعين. هو ليس أكثر من استفتاء بسيط لكنّ الملاحظة الأهم فيه هي أنّ معظم أفراد عيّنته باختلاف جنسياتهم العربية هم من الطلاب الجامعيين أو المتخرجين. فهل يعقل أنّ إنساناً متعلماً لا يقرأ كتباً؟ نعم هو يجد الأعذار لذلك دائماً، وأعذاره متباينة تمتد من عدم توفر الوقت، إلى الاكتفاء بقراءة الأخبار والمواد الصحافية والتحليلات السياسية والاجتماعية اليومية، وتمرّ بالإنتاج الثقافي والطباعة المتراجعين، وقد تصل إلى حدّ إلقاء حقيقة فجة في وجه جميع المدافعين عن القراءة: "وما فائدة الكتب أساساً؟".

تلك الذريعة الأخيرة هي الأكثر واقعية. لكنّ سؤالاً من هذا النوع البلاغي، الذي يعلنها صريحة: "لا أريد أن أقرأ الكتب" لا يتطلب إجابة عليه هو نفسه بل على سلسلة من القضايا التربوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي سمحت بالوصول إلى مثل هذا الإعلان.

للتذكير فقط، يصادف بعد غد الخميس افتتاح "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب" في نسخته السنوية رقم 61، ليستمر طوال أسبوعين.

المساهمون