اهتزاز الأرض والثقة

اهتزاز الأرض والثقة

26 نوفمبر 2017
التهديدات حقيقية (زكريا أبو بكر/ فرانس برس)
+ الخط -
عندما أثرنا المخاوف هنا في هذه المساحة (7 ديسمبر/ كانون الأول 2014) وقلنا إنّ سدّ النهضة يقع في منطقة الأخدود الأفريقي الشرقي المعروف بنشاطه الزلزالي العالي، تصدى لنا كثيرون مؤكدين أنّ المنطقة ليست منطقة زلازل، ومشى على دربهم أحد المسؤولين، قبل أن تكذّبهم الهزة الأرضية التي ضربت جنوب شرق السودان في الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

سبق حديث المسؤول رفض الحكومة السودانية التوقيع على التقرير الاستهلالي الخاص بتوضيح الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للسد. وبحسب مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، فإنّ التقرير الاستهلالي يؤكد حقيقة تعرض السودان لآثار سلبية، ويحث الحكومة على تداركها. ويبرر المسؤولون تحفظ السودان على التقرير بأنّ هناك خروقات في الاتفاق مع الشركة الفرنسية المتعاقد معها، ما يمكن تفسيره بالخروج على الوصف الوظيفي.
يعتبر الخبير المهندس حيدر يوسف الأمر تعطيلاً تكتيكياً لإعلان نتائج الدراسة التي اتفق على إجرائها بالتزامن مع عملية الإنشاء، الأمر الذي يمنح الإثيوبيين حق مواصلة العمل، من دون انتظار النتائج، وذلك ما يبرر تحفظهم. فعلام يتحفظ الجانب السوداني؟

المنطقة التي أفاد المسؤول نفسه أنّها ليست منطقة زلازل، حين قال إنّ السدّ يبعد عن مناطق الزلازل بنحو 600 إلى 800 كيلومتر، أثبتت الوثائق أنّه جرى جمع بيانات نحو 10 آلاف زلزال تفوق قوة أحدها نحو أربع درجات بمقياس ريختر، حدثت جميعها بالقرب من الموقع خلال الفترة الزمنية من عام 1970 حتى 2013، مما يؤكد أنّ هذا التاريخ الزلزالي مرشح للزيادة في العدد والقوة إذا ما أُنشئت بحيرة أمام سد النهضة بهذا الحجم. يؤكد خبير الزلازل رشاد القبيصي من جهته، أنّ بحيرة السدّ سوف تتسبب في حدوث زلازل كبيرة وصولاً إلى 5.6 درجات على مقياس ريختر، مما يهدد سلامة السدّ، حينها ستندفع مياه البحيرة، لتغرق ما أمامها، بدءاً من السودان.

الهزة التي ضربت الدمازين والروصيرص بولاية النيل الأزرق (132 كيلومتراً من السد) قدّرتها وسائل الإعلام بـ4.3 درجات على مقياس ريختر، وتزداد المخاوف إذا علمنا أنّ وزن هيكل السد، مع وزن المياه (74 مليار طن من المياه) مع الطمي المتراكم، يزيد من احتمال حدوث هزات، بحسب يوسف.

على إحدى القنوات الفضائية، تساءل المسؤول حين ووجه بسؤال حول احتمال انهيار السد: "لماذا ينهار سد النهضة، ولَم ينهر قبله السد العالي مع أنّه بُني بتقنية روسية متخلفة؟ فالتصميمات روجعت، وعُدّلت بما يطمئن الجانبين الإثيوبي والسوداني". لكنّه لم يوضح لماذا تحفظت الدولتان على التقرير الصادر من الجهة التي وثقوا بها قبل ذلك، فهل اهتزت الثقة مثلما اهتزت الأرض؟

*متخصص في شؤون البيئة

المساهمون