أبو نهاد.. عاصر الانتداب البريطاني لفلسطين وانخرط بالمقاومة يافعاً

أبو نهاد جاد الله.. انخرط في مقاومة الانتداب البريطاني لفلسطين وعايش الثورة

02 نوفمبر 2017
انخرط في المقاومة وآمن بحق الشعب الفلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -
ولد الحاج محمد جاد الله (أبو نهاد)، من بلدة صور باهر، جنوب القدس المحتلة، بعد أربع سنوات من وعد بلفور المشؤوم بـ2 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1917 القاضي بمنح اليهود وطنا في فلسطين، وحين احتدام الصراع في فلسطين بين كافة "العصابات الصهيونية" المدعومة من الإنكليز كان الطفل محمد آنذاك يكبر ويشتد عوده.


مع تقدمه في السن حتى الثورة الفلسطينية الشهيرة في عام 1936 انخرط في مقاومة الانتداب – رغم صغر سنه – حيث عاش الثورة وإضرابها آنذاك بتفاصيلها، وقد قدّر له أن يكون واحدا من شهود تلك المرحلة ومن أبرز مقاومي الانتداب وعصابات الإرهاب الصهيونية، في وقت كان الشعب الفلسطيني يواجه مؤامرة الانتداب البريطاني ووعدها المشؤوم، وكانت بريطانيا، وهي إحدى دول الحلفاء، تزود الإرهابيين اليهود بأحدث أنواع السلاح ليواجهوا شعبا بالكاد يحوز من السلاح إلا قديمه.

ويروي الحاج المقدسي محمد جاد الله، وهو من مواليد 1921، لـ"العربي الجديد"، بمناسبة ذكرى وعد بلفور المشؤوم التي تحل اليوم، بعضا من تاريخ نضال وتضحية لا زال شعبه الفلسطيني يخوضه مع أعتى قوة احتلالية في العالم يدعمها الغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، التي تستقبل، اليوم، رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، رغم الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في زمن الانتداب بحق الإنكليز أنفسهم من خلال تفجيرها فندق الملك داوود الذي كان مقرا لقوات الانتداب في حينه.



يقول أبو نهاد: "لم تقتصر مقاومتنا على تلك العصابات الإرهابية، بل امتدت أيضا إلى قوات الانتداب التي ما إن انسحبت من معسكراتها في صرفند وغيرها حتى تركت لها كامل أسلحتها وذخيرتها لتستخدم لاحقا في ارتكاب المجازر ضد شعبنا.. بل أكثر من ذلك كانت قوات الانتداب التي قاومها شعبنا، توفر الحراسة للقوافل اليهودية المسلحة، وغير المسلحة".


عاصر الانتداب وانخرط في مقاومته (العربي الجديد)


ويعود بذاكرته لواحدة من أشهر المعارك التي خاضها المقاومون أيام الانتداب في العام 37 في منطقة "واد الحوض"، إلى الشرق من القدس المحتلة، قائلا: "كان لليهود مصنع للبوتاس على ضفاف البحر الميت ينقلون منه هذه المادة إلى ميناء حيفا مرورا بهذا الواد القريب من بلدتي العيزرية وأبو ديس وتحيط به سلاسل جبلية مرتفعة، وفي هذا الواد وقعت معركة شهيرة تم خلالها القضاء على من كان في القافلة، بمن في ذلك حراسها من الجنود الإنكليز، بينما ارتقى شهداء وجرحى من المجاهدين، من بينهم الشهيد موسى محمود حامد، من صور باهر".

يتذكر أشهر المعارك التي خاضها المقاومون (العربي الجديد)



ويتابع "نتيجة المعركة كانت نصرا كبيرا خطط له جيدا من قبل المجاهدين، الذين قسموا أنفسهم إلى مجموعات، إحداها تولت إسقاط قلاع وحجارة ضخمة باتجاه الطريق الذي كانت تسلكه القافلة فقطع طريقها وحوصرت هناك، فيما تولى مقاتلون تصفية من كان في القافلة".

ويضيف أن شعب فلسطين الذي شرّد من أرضه بسبب وعد بلفور سيئ الصيت، لم يكن ليرفع الراية البيضاء، قائلاً: "لقد قاتلنا بشرف وشجاعة وببطولة نادرة، لكن أسلحتنا المتواضعة والبسيطة لم تكن بمستوى حداثة أسلحة الإنكليز التي منحت للعصابات الصهيونية مجانا.. وعلى مدى سنوات الاحتلال، كانت بريطانيا ولا تزال عدوا لشعبنا الفلسطيني تدعمه بالمال وبالسلاح وبمواقفها السياسية المشينة، والتي كان آخرها قرار حكومتها بالاحتفال في ذكرى وعد وزير خارجيتها بلفور".

مسيرة وحياة نضالية لأبو نهاد (العربي الجديد)

لم تتوقف سيرة حياة هذا الرجل النضالية والتي ابتدأها فتى وشابا يافعا في زمن الانتداب، بل ظلت مشاركته في مقاومة الاحتلال متواصلة، حين لازم الشهيد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل، وكان إلى جانبه ليلة قبل استشهاده برفقة مجموعة من المجاهدين، الذين التحقوا بـ"الجهاد المقدس" وكانوا من جنوده المقاتلين.

عن علاقته بالشهيد الحسيني في تلك الفترة، يقول أبو نهاد: "البداية كانت حين كنت في سورية حيث شارك الشهيد هناك في تخرجي باحتفال أقيم في معسكر (قطنا)، وحين عدت من هناك انضممت إلى صفوف مقاتليه إلى أن تمكنت العصابات الصهيونية من احتلال قرية القسطل، غرب القدس، دارت هناك معركة قاسية غير متكافئة بالعدد والعدة، وفيها ارتقى عبد القادر شهيدا بقذيفة مدفعية سقطت بالقرب منه، واستطعنا نقل جثمانه إلى القدس حيث جرت له هناك مراسم تشييع حاشدة شارك فيها الآلاف من أبناء شعبنا".

وعن إحياء الذكرى اليوم، بعد هذه السنوات الطويلة ومطالبة بريطانيا الاستعمارية بالاعتذار لشعب فلسطين لتسببها بنكبته، يقول أبو نهاد: "ماذا سيفيدنا هذا الاعتذار. هل سيعيد شعبنا في الشتات والمهجر إلى دياره؟ هل سيعوض مئات آلاف الشهداء الذين ارتقوا عبر مسيرة كفاح وثورة ممتدة منذ نحو مائة عام؟.. لا زالت بريطانيا هي الدولة ذاتها بروحها الاستعمارية المقيتة.. لهذا تحتفل بذكرى الوعد المشؤوم وتفتح ذراعيها لنتنياهو.. وتصر على رفضها تقديم أي اعتذار لشعبنا".

مع ذلك، يؤمن أبو نهاد إيمانا راسخا، وهو الذي عايش ثورة شعبه في جميع محطاتها ومراحلها، بأن الشعب الفلسطيني سينتصر في النهاية، وسيعود لأرض وطنه، طال الزمان أم قصر.. وأن التنازل عن 87 في المائة من فلسطين التاريخية لا يعني له ولا للاجئين المهجرين والنازحين أي شيء.