مساعدون اجتماعيون لرصد التطرف في بلجيكا

مساعدون اجتماعيون لرصد التطرف في بلجيكا

15 نوفمبر 2017
الشرطة في مكان الاعتداء (أورور بيلوت/ فرانس برس)
+ الخط -
يسعى وزير العمل الاجتماعي في بلجيكا، دينيس دوكارم، إلى فرض دليل على العاملين في مراكز المساعدة الاجتماعية، يساعدهم في الكشف عن التطرف الإسلامي لدى المستفيدين من مساعدات هذه المراكز.

الكشف بشكل أفضل عن "الإشارات الضعيفة للتطرّف يعد أفضل طريقة للتعرف على تطرف الأشخاص". هذه إحدى التوصيات التي قدمتها اللجنة البرلمانية البلجيكية للتحقيق حول التفجيرات التي استهدفت بروكسل في مارس/ آذار في عام 2016، والتي أنهت أعمالها الشهر الماضي. وأُدرجت التوصية في التقرير النهائي بإصرار من النائب الليبرالي فيليب بيفين ودينيس دوكارم في مجلس النواب. وينوي الأخير تنفيذ هذه التوصيات، ما يتطلّب دليلاً للعاملين الاجتماعيّين. ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "الدليل للكشف عن الإشارات الضعيفة للتطرّف موجود فعلاً في المركز الفدرالي للّجوء السياسي، كما في كل المحاكم. لكننا في حاجة إلى إعداد تدريب مكثف للعاملين في مراكز المساعدة الاجتماعية، وهذه النقطة على رأس المذكرة السياسية للتكامل الاجتماعي التي يقدمها الوزير هذا الأسبوع أمام النواب البلجيكيين.

ويقول دوكارم: "علينا الآن اتخاذ الإجراءات الضرورية. أريد بالتأكيد تجنب أي سوء فهم حول مسألة الإشارات الضعيفة. الأمر لا يتعلق بالمظهر أو الملابس التي يرتديها الشخص. الأمر يتعلق بإشارات يمكن أن تكون مرجعية للكشف عن شخص متطرف، كتغيير مفاجئ في علاقته مع النساء، أو الطقوس، أو العلاقة مع القريبين منه، وما إلى ذلك. والأكيد أن عنصراً واحداً فقط في هذه اللائحة ليس كافياً، لذلك يجب البحث عن مجموع هذه الإشارات". ويعطي مثالاً أن الرجل الذي يترك لحيته تنمو بشكل كبير بين عشية وضحاها ليس علامة على التطرف.

عملياً، يجري في الوقت الحالي إعداد نموذج للتعلم الإلكتروني، وهو تدريب عبر الإنترنت، تشرف عليه وزارة الداخلية بالتعاون مع المراكز الاجتماعية. كذلك، يمكن توفير دورات تدريبية للعاملين في هذه المراكز. ولن تكون هذه الدورات إلزامية بل طوعية. وفي جوهرها، سوف تمكن هذه الورشات من تحديد الأمور التي تشكل علامة على التطرف.

"إجراءات تهدف إلى مزيد من الوقاية. فالتطرف أو الراديكالية، ليسا جريمة، على عكس الأعمال الإرهابية. بالتالي، يتوجب على العاملين الاجتماعيين نقل المعلومات التي تُجمع عن المشتبه بهم. بعدها، سيتم تقاسم المعلومات عن طريق خلية الأمن المحلية التي تشمل مراكز المساعدة الاجتماعية وقادة الشرطة المحلية. من خلال هذه القناة، يمكن للمعلومات أن تصل إلى مركز الأزمات على سبيل المثال لاستكمال قائمة المتطرفين بعد التدقيق"، بحسب دوكارم.
تجدر الإشارة إلى أنه في مايو/ أيار الماضي، صوّت مجلس النواب على قرار يتعلق بموظفي مراكز المساعدة الاجتماعية. ومع بداية سبتمبر/ أيلول، باتوا مجبرين على الإجابة عن أسئلة العدالة في ملفات مكافحة الإرهاب، والتبليغ تلقائياً عن أي معلومات قد تشكل دليلاً جدياً على إمكانية ارتكاب جريمة إرهابية، كما جاء في نص القرار.



وفي فرنسا، ساهمت عمليات الكشف عن الإشارات الضعيفة للتطرف في اعتقال مواطنَيْن قبل إقدامهما على فعل إجرامي، وبالتالي تجنب الهجمات بحسب السلطات الفرنسية.
إلى ذلك، يرى رئيس اتحاد مراكز المساعدة الاجتماعية في بلجيكا، لوك فان دورمال، أن "عمل المراكز ليس التبليغ عن المتطرفين. فإذا كان التكوين، في حد ذاته، غير مرفوض رسمياً، فإن استخدامه هو الذي يثير المخاوف. في إطار تعاوننا مع خلايا الأمن المحلية، نجد أنفسنا في حقل خارج نطاق مهمتنا كباحثين اجتماعيين. بعبارة أخرى، نحن مطالبون بالإبلاغ. لكننا لسنا مساعدين للشرطة. كما أننا لا نرتدي سترة مضادة للرصاص أو ما يحمينا في حال أراد شخص ما مهاجمتنا انتقاماً".

يشير إلى أن رفض المراكز الاجتماعية هذا العمل حصل فعلاً خلال تصويت البرلمان على القانون في مايو/ أيار الماضي. يضيف: "ندرس إمكانية تقديم استئناف ضد هذا القانون. لم نتجاوز الموعد النهائي بعد، وما زال في إمكاننا فعل ذلك. كما أن وثيقة أخلاق العمل في المراكز تجبرنا على عدم فعل أي شيء من دون اتفاق مع الشخص المعني. نحن ليس لدينا الأهداف نفسها كالسلطات الأمنية. القانون القائم على السرية المهنية يعد كافياً، وينص على إمكانية رفع السرية المهنية في حال وجود خطر مثبت. هذه السرية المهنية تشكل قيمة أساسية لبناء علاقة ثقة مع الأشخاص".

ويشدّد لوك فان دورمايل على أن المراكز الاجتماعية لن تتعامل مع الإرهابيين. لكن بالنسبة إليه، يجب أن تظلّ السرية المهنية هي القاعدة. يضيف: "إذا كان تنظيم دورات تدريبية مهماَ لشرح بعض العناصر الخاصة بالتطرف للاختصاصيين الاجتماعيين، لماذا لا؟ ولكن نحن لن نتحول إلى إدارة مباحث. عملنا الرئيسي هو مساعدة المواطنين"، مشيراً إلى أننا "نشهد تحولاً". ويؤكد أن "الجانب الأمني بات أولوية على مساعدة الناس، والنتيجة هي أن المواطنين قد لا يعودون إلى مراكزنا وسيختفون من نطاق عملنا، ما يعني خطر دخولهم في فضاء الجريمة".