رعب يسيطر على العراقيين

رعب يسيطر على العراقيين

بغداد

كرم سعدي

avata
كرم سعدي
14 نوفمبر 2017
+ الخط -
رعب عاشه العراقيون في مختلف مناطق البلاد، خصوصاً الشمال، بسبب الزلزال الذي ضرب الحدود مع إيران مساء الأحد الماضي وأدى إلى قتلى ومصابين

من السليمانية إلى ديالى مروراً بصلاح الدين ثم بغداد والفلوجة، وجنوباً حتى البصرة اهتز العراق في وقت واحد مساء الأحد الماضي. ليلة اعتبرها العراقيون تاريخية بسبب حالة الذعر من حدث لم يعرفوه إلاّ من خلال نشرات الأخبار في دول أخرى خصوصاً إيران وتركيا المجاورتين.

أدى الزلزال في حصيلة قابلة للارتفاع بحسب وزارة الصحة العراقية، إلى مقتل نحو عشرة أشخاص وإصابة المئات. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر إنّ حالة التأهب رفعت لدى مديريات الصحة في جميع المحافظات العراقية.

بدورهم، قال مسؤولون في وزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد" إنّ مئات المباني العامة والخاصة تضررت بالهزة الأرضية التي ضربت عموم مدن البلاد. وأشاروا إلى أنّ السليمانية وحلبجة كانتا أشد المناطق خسارة مادية، تلتهما خانقين ودربندخان.

وتسببت الاستجابة البطيئة للسلطات العراقية في اضطراب أكبر داخل الشارع العراقي إذ لم يصدر عن الحكومة أو هيئة الرصد الجوي المخولة بالتحدث في مثل هذه الحالات أو مديرية الدفاع المدني أيّ بيان يوضح للمواطنين حقيقة ما جرى وما يجب أن يفعلوه. وهو ما أدى الى انتشار شائعات كثيرة وجدت طريقها للتصديق خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها أنّ هزات أخرى ستضرب العراق منتصف الليل، ما دفع ملايين العراقيين في عموم مدن البلاد الى قضاء ليلتهم في الشوارع أو الحدائق العامة خصوصاً سكان المباني المرتفعة وتلك القديمة المهددة بالسقوط.

وتعاملت الحكومة العراقية مع حادث الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد، ببطء ومن دون قدرة احترافية، فلم تصدر أيّ معلومات رسمية عنه إلاّ بعد مرور نحو 50 دقيقة.

إزاء هذا الوضع، اعتمد العراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات "واتساب" و"فايبر" لنشر نصائح حول كيفية التعامل مع الزلزال، اخذت في معظمها من مواقع إلكترونية، من قبيل التحذير من استعمال المصاعد، وضرورة الابتعاد عن المباني سريعاً، وإطفاء المدافئ، وغيرها من التعليمات. بدورها، رفعت المساجد في العاصمة بغداد الأذان عبر مكبرات الصوت، لتحذير السكان.

تعرض العديد من المواطنين إلى خسائر مادية من جراء هدم منازلهم وتحطم زجاج نوافذهم ومحالهم التجارية وسياراتهم. ووفقاً لسكان في محافظة السليمانية، تهدمت منازل ريفية تقع بالقرب من الحدود مع إيران، كما تعرض العديد من المحلات التجارية إلى خسائر كبيرة، من جراء تحطم تحف وفخاريات ثمينة، ومواد كهربائية وإلكترونية ومصنوعات زجاجية وعطور بسبب سقوطها على الأرض.

يقول عضو التيار المدني العراقي محمد طلال لـ"العربي الجديد" إنّ "أفضل ما في الزلزال أنّه وحّد العراقيين، فقد نام الجميع يوم أمس في الشوارع وكانت حالة ألفة وود وحتى تعارف بين الناس ولو من نوع مختلف، فكأنهم استشعروا أنّ الحياة قصيرة لا تستحق كلّ ما يجري الآن".


بدوره، يقول رحمن داود لـ"العربي الجديد" إنّ الزلزال تسبب بحادث تصادم لسيارته مع سيارة أخرى، موضحاً: "لم أكن أعلم أنّه زلزال، فجأة رأيت الأرض تميل بي وأنا أقود سيارتي. كنت أعتقد أنّني تعرضت لوعكة صحية مفاجئة. حاولت إيقاف السيارة لكنّي اصطدمت بسيارة أخرى كانت تقف على جانب الطريق". يضيف: "تضررت سيارتي كثيراً كما السيارة الأخرى الذي سامحني صاحبها على خطئي. إصلاح سيارتي سيكلفني نحو 400 دولار أميركي".

صراخ الأطفال ارتفع في بعض المنازل، وحتى وقت متأخر من الليل لم تستطع عائلات كثيرة النوم بسبب ما اعترى الأطفال من خوف. يقول محمد عواد لـ"العربي الجديد" إنّه حاول جاهداً إقناع أطفاله أنّ ما حدث لن يتكرر، وأنّه ليس مخيفاً، لكنّهم كانوا فزعين. يضيف أنّ "إشاعات سرعان ما انتشرت بين الصغار الذين اجتمعوا في الشارع مع باقي الأطفال حين هربنا من بيوتنا إلى الشارع للاحتماء من مخاطر الزلزال. كانوا يتحدثون عن زلازل أكثر قوة تدمر كلّ شيء ستحدث بالإضافة إلى خروج نار من تحت الأرض، وغيرها من الخرافات. لا أعلم كيف خلقوا كلّ هذه الأوهام المخيفة في خلال فترة قصيرة. هذه القصص أثرت على أطفالي وأرعبتهم كثيراً". يتابع: "حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل عاش أطفالي الرعب. أخيراً أوكلت مهمة الحديث إليهم والتخفيف من خوفهم لزوجتي، وذهبت إلى النوم، فأنا ملتزم بعمل وعليّ الاستيقاظ باكراً".

كانت الساحات العامة أكثر الأماكن التي اجتمع فيها الناس، حتى ساعات متأخرة من الليل، فيما كان ترتيل القرآن عبر مسجلات الصوت يُسمع من البيوت، إذ إنّ حدوث الزلازل أمر نادر في العراق، وإن حصل فهو بدرجات خفيفة غير مؤثرة، قلما يشعر بها الناس.

تلقى العلاج في مستشفى السليمانية (شوان محمد/ فرانس برس)


يعتبر العراق آمناً تماماً وعلى مدى مئات السنين من مثل هذه الكوارث الطبيعية، لكنّ دائرة الأنواء الجوية بكركوك، سبق أن بيّنت عام 2013، إمكانية حصول هزات عنيفة نتيجة استمرار النشاط الزلزالي الناجم عن تصادم الصفائح الأرضية في تركيا وإيران والعراق، وذلك عقب حصول هزات أرضية على الشريط الحدودي بين إيران والعراق.

في شارع حيفا وسط العاصمة بغداد، غادرت العديد من العائلات بيوتها وأمضت ليلتها في منازل أخرى داخل العاصمة. يشير فاروق الهاشمي، أحد سكان شارع حيفا، إلى أنّ "السكن العمودي الذي يشتهر به شارع حيفا يعتبر أكثر خطورة من السكن الأفقي، لذلك غادر السكان منازلهم حتى يطمئنوا من عدم وقوع زلزال جديد". يضيف الهاشمي الذي انتقل رفقة عائلته من مسكنه في شارع حيفا إلى دار شقيقه في ضاحية أخرى من بغداد، لـ"العربي الجديد" أن "في السكن العمودي تكون فرص السلامة أقل من السكن الأفقي. النزول من من الشقق عبر المصاعد والسلالم يستغرق وقتاً أطول فيما لو قارنا ذلك بالمنازل الأفقية التي أعلى بناء فيها يكون من 3 طوابق، ما يسهل الخروج إلى الشارع وتجنب حصول مكروه".

تشاطره الرأي نهلة سعيد (47 عاماً) وهي تشير إلى أهمية معرفة الجميع بإجراءات السلامة، وكيفية التعامل مع الكوارث التي تقع فجأة. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها بقيت أكثر من ساعتين تشعر بالرعب "كانت الهزة مرعبة. كنت أحضّر العشاء، وبدأت أرض المطبخ تميل بي، سقطت الأواني والصحون من الرفوف وتهشمت على الأرض. صغاري كانوا فزعين جداً، لقد ناموا في وقت متأخر. منعتهم من الذهاب إلى المدرسة هذا الصباح (أمس) وقررت أن آخذهم في جولة عند نهر دجلة، علّي أخفف عنهم هول الصدمة".

كالعادة، تدخل السياسة والصراع الحزبي في أيّ أزمة، إذ ظهرت تحليلات على مواقع التواصل لأشخاص يدّعون أنّهم خبراء جيولوجيون وأخبار منقولة عن صحف أميركية وغربية وهمية تقول إنّ الزلزال سببه سحب كميات كبيرة من النفط العراقي بشراهة من قبل الحكومة وخلق تجويفات في الأرض وأخرى تشير الى تجربة نووية إيرانية قرب الحدود. وهو ما رد عليه الطرف الآخر بأنّ الزلزال ليس صنيعة إيرانية بل سببه تجربة قنبلة هيدروجينية أجراها الأسطول الأميركي الخامس في الخليج العربي.

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة

سياسة

تطابقت شهادة العراقي طالب المجلي لـ"العربي الجديد" مع ما حمله تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، نشر اليوم الاثنين، بخصوص صنوف التعذيب والقتل التي تعرض لها سجناء عراقيون من أمثاله في سجن أبو غريب سيئ الصيت قبل نحو 20 عاماً.