شفيق طالب يوثّق التاريخ

شفيق طالب يوثّق التاريخ

13 نوفمبر 2017
انتماؤه إلى القضية الفلسطينية واضح (العربي الجديد)
+ الخط -
في مدينة صيدا، جنوبيّ لبنان، وتحديداً في منطقة الهلالية، يعيش شفيق طالب (84 عاماً) بين طوابعه ومستندات جمعها لتوثيق التاريخ، لا سيّما تاريخ فلسطين. فهذا المواطن اللبناني يرى نفسه منتمياً إلى القضية الفلسطينية.

عندما كان طالب صغيراً، سكن أهله في منطقة التعمير الملاصقة اليوم لمخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، وقد بنوا منزلهم هناك في عام 1937. لكنّ البريطانيين من ضمن قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، "استولوا على منزلنا وأقاموا فيه مركزاً للقيادة ومستشفى. وفي عام 1946 رحلوا وأُنشئ مخيّم عين الحلوة بعد نكبة 1948. وعشنا حياتنا مع الشعب الفلسطيني، نناضل معاً جنباً إلى جنب".





في عام 1953 سافر طالب إلى الكويت وراح يعمل في التجارة، "وهناك بدأت بممارسة هواية جمع الطوابع. لطالما رغبت في ذلك، لكنّ الأمر لم يكن ممكناً كلياً قبل سفري، إذ إنّ هذه الهواية تحتاج إلى المال. ولأنّ سفري أمّن لي الاستقرار المادي، فقد تمكّنت من تحقيق ذلك". يضيف: "جمعت في الكويت طوابع من كلّ الدول، لا سيّما مجموعة من الطوابع اللبنانية بالإضافة إلى عدد كبير من الطوابع العربية التي وشحت باسم فلسطين، بعضها من مصر والأردن والعراق، بالإضافة إلى الطوابع الفلسطينية". ويؤكد أنّ "انتمائي إلى فلسطين أتى مبكراً، خصوصاً بعد النكبة، إذ كنت حينها في الخامسة عشرة من عمري. قضيّة فلسطين هي قضية قومية عربية، وعلينا ألا نتخلى عنها".



بالنسبة إلى طالب، فإنّ "جمع الطوابع هو عملية توثيق للتاريخ، وقد جعلني ذلك أشارك في معارض عدّة تحدّثت فيها عن فلسطين والقضية الفلسطينية. وذلك ليس فقط من خلال الطوابع، إنّما من خلال لوحات جمعتها تحكي عن القدس وعن مجزرة دير ياسين وإحراق المسجد الأقصى. وكانت لي معارض بمدينة صيدا في خان الإفرنج في عام 1995، وفي بعقلين في جبل لبنان. كذلك عرضت في 12 دولة عربية وثلاث دول أجنبية". وفي معارضه، أصرّ طالب كذلك على التعريف بمحمود درويش وبالقدس وبالمطران هيلاريون كابوجي، من خلال وثائق تحكي عن تاريخ فلسطين وقادتها.

إلى ذلك، شاركت ابنته هدى طالب في تلك المعارض، بالتعاون والتنسيق مع سفارات ومراكز عربية وأجنبية واتحادات عالمية لهواة الطوابع واتحاد البريد العالمي. إلى ذلك، منحه وفد برلماني من الاتحاد البرلماني الأوروبي في عام 1995 ميدالية الصداقة، ومُنح في عام 2006 عضوية الأكاديمية الأوروبية للطوابع، وانتُخب نائباً لرئيس الأكاديمية العالمية للطوابع في عام 2008 بوصفه عضواً مؤسساً. وفي عام 2010، انتسب إلى النادي الدولي للطوابع.

في السياق نفسه، أصدر طالب مع ابنته هدى كتاب "لبنان في طوابعه" الذي لقي إعجاب عدد كبير من الهواة والباحثين والمثقفين اللبنانيين والعرب المهتمين برصد تبدّل أحوال لبنان من خلال طوابعه (1924 - 2001). كذلك لقي إعجاب هيئات دولية معنية بالطوابع وفي مقدّمتها مكتبة متحف البريد في باريس واتحاد البريد العالمي.



تجدر الإشارة إلى أنّ طالب لم يتابع تعليمه، لكنّ عمله في تجارة قطع السيارات وفّر له بحبوحة. يُذكر أنّه كان من أوائل الذين بنوا مصانع في الكويت لتصنيع "قلاب سيارات". لكنّه بعدما أمضى حياته بمعظمها في الغربة، عاد هذا اللبناني إلى أرض الوطن بعدما كبر أولاده وتزوّجوا وأسّسوا عائلات لهم.

كان مشوار شفيق طالب طويلاً، غير أنّه لم يملّ وما زال يمارس هوايته الأحب إلى قلبه ويشجّع على ممارستها، "لما فيها من فائدة علمية قبل أن تكون هواية للتسلية". ويشدد طالب على أنّ "الطابع البريدي هو أهمّ وثيقة تاريخية يستطيع الباحث أن يعتمد عليها في عمليّة التوثيق، خصوصاً أولئك الذين يعملون في التوثيق التاريخي".

المساهمون