ألمانيا: الهجرة والمناخ يؤخران ولادة الائتلاف الحكومي

ألمانيا: الهجرة والمناخ يؤخران ولادة الائتلاف الحكومي

29 أكتوبر 2017
عدم الاتفاق على بيان مشترك حول الهجرة (سيان غالوب/Getty)
+ الخط -


لا تتوقف "المواجهات" بين أطراف الائتلاف الحكومي الألماني المستقبلي، الاتحاد المسيحي بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل وحزبي الخضر والليبرالي الحر (الجامايكي)، وذلك بعد انطلاق المحادثات الاستشكافية الأسبوع الماضي، ومرور أكثر من شهر على الانتخابات العامة.

وقد بدا هذا الاختلاف واضحاً قبل يومين، إثر تأجيل المحادثات إلى الأسبوع المقبل، لأن الجهات المعنية لم تتمكن من الاتفاق على بيان مشترك حول الهجرة وحماية المناخ، وهو ما يجعل من غير الممكن معرفة ما إذا كان بوسع أطرافه توحيد رؤيتهم والتنازل في الملفات الخلافية وإظهار قدرتهم على العمل ككتلة حكومية متجانسة. 

ويظهر ضعف الانسجام بين المكونات الحزبية الأربعة المهيأة للحكم، مع تصاعد حدة التصريحات أخيراً بين المفاوضين، وآخرها ما عبّر عنه الزعيم المشارك لحزب الخضر جيم أوزديمير بوضوح في حديث صحافي، مُطلقاً لاءات عدة بينها ما يتعلق بملف اللجوء، ومشدداً على أن الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد المسيحي الذي يضم حزب ميركل والحزب الشقيق الاجتماعي المسيحي بخصوص تحديد سقف أعلى لأعداد اللاجئين سنوياً، لا يمكن ولن يكون حاضراً في الاتفاق النهائي لمفاوضات الائتلاف الحاكم، مطالباً الأحزاب ببذل الجهد لإيجاد حلول وسط في سياسة اللجوء.

بدوره، قال رئيس كتلة الاجتماعي المسيحي ألكسندر دوبرنت، إنّ حزبه لن يوافق على الائتلاف دون الحدّ من الهجرة، في وقت اتهم وزير الخضر الليبرالي الحر بعدم اتخاذ أهداف حماية المناخ على محمل الجد.

وفي غمرة هذه التناقضات التي يعيشها الائتلاف المستقبلي في مفاوضاته، ظهرت مواقف لافتة لزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز، دعا فيها إلى إعادة الانتخابات إذا ما فشل الجامايكي في تشكيل الحكومة، مؤكداً على أن حزبه اتخذ خياره بالبقاء في المعارضة.



وعلى الرغم من الرأي القائل إنه كلما كانت الأضداد أكثر وضوحاً كان الإجماع على التوصل لحل في النهاية أكثر مصداقية، وأن جوهر الديمقراطية يكمن في الخلاف، يشدد معنيون في الشأن العام الألماني على ضرورة أن يناقش الجامايكي خلافاته بصورة مكثفة ويستغل الوقت الكافي لذلك بطريقة موضوعية، وبالأخص ملف اللجوء، مع حرصهم على أهمية تخفيف الفرقاء من حدة مواقفهم والتهديد بفشل التحالف.

وتبقى الإشكالية في هذا النوع من الحلول بأنه إذا أُلغيت الأسباب الموجبة لمنح اللجوء، ومنها  الإنسانية والسياسية، فعلى هؤلاء مغادرة ألمانيا، علماً أنه يسمح لهم خلال فترة وجودهم في البلاد بالاستفادة من التقدم للحصول على الإقامة الدائمة كجزء من خطة الهجرة، ويمكنهم الاستفادة أيضاً من الأماكن المحددة للعمل في قانون الهجرة.

ويرتكز الاختلاف بين الأطراف الأربعة المعنية بالائتلاف الحكومي في ألمانيا بالأخص على مسألة الهجرة مع تمسك الاجتماعي المسيحي بالحد الأعلى للاجئين، وهذا ما يرفضه الليبرالي الحر والخضر بشدة، مع نية الليبرالي الحر إنجاز قانون للهجرة وفق نظام النقاط التي تأخذ بعين الاعتبار السن والمعرفة اللغوية والقدرات المهنية، وبذلك يكون هناك نهج شامل للهجرة والتكامل مع حق اللجوء الأوروبي ويخلق نوعاً من الترابط بين المستويات الاقتصادية الأوروبية.

كل هذا من دون الحديث عن الخلافات الصامتة بين الاتحاد المسيحي الذي يحاول التعامل معها على أنها اختلافات سياسية حزبية داخلية، وقد بدأ الاتحاد يتحسس الرأس مع تناقص أعداد نوابه في البوندستاغ مستقبلاً، بعد أن أقصت الانتخابات عدداً من الوجوه البرلمانية، والخوف من أن تشهد الدورة المقبلة نقص أعداد إضافية من ساسة الاتحاد المسيحي، ومعظمهم من السياسيين المخضرمين.

وكان الاتحاد المسيحي قد توصل إلى حل لرأب الصدع في صفوفه، وتم الاتفاق على تقليص أعداد اللاجئين الذين سيسمح لهم بدخول البلاد، وألا يتعدّوا 200 ألف لاجئ سنوياً، بينهم أصحاب الهجرة الأسرية أو ما يعرف بلمّ الشمل لعائلات اللاجئين الخاضعين لنظام الحماية في البلاد، ومعظمهم من المدنيين السوريين.

وبينت دراسة نشرتها مؤخراً صحيفة "دي تسايت"، وأعدها معهد بحوث العمالة التابع للوكالة الاتحادية للهجرة واللاجئين، أن هناك ما بين 150 و180 ألفاً من أفراد وعائلات سيستفيدون من طلبات لم الشمل حتى نهاية العام الحالي، مع الإشارة إلى أن وزارة الخارجية الألمانية بينت أنه في النصف الأول من هذا العام تمت الموافقة على 60 ألفاً من طلبات لم شمل أسر العائلات ونحو 100 ألف عام 2016 و70 ألفاً عام 2015.

دلالات