سوء التغذية يقتل رضيعة في غوطة دمشق الشرقية

سوء التغذية يقتل رضيعة ويهدد 25% من أطفال غوطة دمشق الشرقية

23 أكتوبر 2017
الطفلة سحر (فيسبوك)
+ الخط -
توفيت، أمس الأحد، طفلة في غوطة دمشق الشرقية نتيجة سوء التغذية، إثر الحصار الذي يفرضه النظام السوري على المنطقة منذ سنوات عدّة، في حين يعاني 25 في المائة من أطفال الغوطة من سوء التغذية، بحسب مصدر طبي.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إنّ "طفلة توفيت في مشفى بلدة حمورية، بعد أن أدخلت إلى قسم الأطفال قبل يومين، بسبب تدهور وضعها الصحي الناتج عن سوء التغذية".

وأكدت المصادر أن الطفلة تدعى سحر ضفدع، وهي رضيعة عمرها 34 يوماً، توفيت بعد أن أحضرتها والدتها إلى مشفى دار الشفاء في مدينة حمورية. وقبل ذلك توفي الرضيع عبيدة التقي بعد خمسة عشر يوماً من ولادته بسوء التغذية أيضاً.

كما ظهرت في مقاطع فيديو، بجسدها العاري الهزيل للغاية وقد برزت عظامها بوضوح. أما وزنها فبلغ 1920 غراماً، وتتنفس بصعوبة فيما تبدو عيناها خائرتي القوى، وتحاول البكاء من دون أن تصدر صوتاً قوياً.

وبينت المصادر أن سوء التغذية الذي أصاب والدتها جعلها عاجزة عن إرضاعها. ولم يتمكن الوالد بسبب راتبه الزهيد من توفير الحليب والمكملات الغذائية الضرورية. ونقلت الطفلة بعد وفاتها صباح أمس في المشفى إلى مسقط رأسيهما في بلدة كفربطنا ودفنت هناك.



وأضافت مصادر "العربي الجديد" أن "عشرات الأطفال في الغوطة الشرقية مصابون بسوء التغذية، وهم مهدّدون بالموت بسبب منع النظام دخول المواد الغذائية والطبية".

وتابعت أن بعض المواليد لا يتقبلون حليب الأم، ويحتاجون أنواعاً محددة من الحليب المجفف وتلك الأنواع مفقودة في الغوطة، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة الرضيع ببطء أمام أعين ذويه.

وتعاني المنطقة من انتشار الأمراض الخطيرة، منها السرطان والتهاب الكبد وسوء التغذية، وانعدام الأدوية اللازمة، على الرغم من اتفاقات التهدئة التي تنص على فتح الطرقات الإنسانية.

وفي السياق، أكد الناشط أبو أحمد عمر، من الغوطة الشرقية لـ"العربي الجديد" وجود العديد من الحالات في مستشفيات الغوطة الشرقية لأطفال رضع مصابين بنقص حاد في التغذية، حيث يقوم النظام السوري بالضغط على المنطقة بالحصار منذ خمس سنوات بهدف إرضاخها لشروطه.

وقال الائتلاف السوري إنّ "أكثر من 350 ألفاً من المدنيين يعيشون صراعاً مع الجوع والمرض، وغياب الخدمات على مدار الساعة، في حين تعجز جهود الهيئات التابعة للحكومة السورية المؤقتة ومنظمات المجتمع المدني العاملة في الغوطة الشرقية عن تغطية الاحتياجات وتوفير الخدمات والمستلزمات، خصوصاً الأدوية التي يؤدي غيابها إلى تردي الأوضاع الصحية لآلاف المرضى ووفاة بعضهم".



وأشار إلى أنّ "معاناة أهالي غوطة دمشق الشرقية بدأت منذ أربع سنوات، جراء الحصار المضروب عليهم من قبل عصابات الأسد والمليشيات الإيرانية، في جريمة ضد الإنسانية تستمر فصولها على سمع العالم وبصره، وفي ظل قصف جوي ومدفعي همجي، تؤدي فيه طائرات الاحتلال الروسي دوراً محورياً".

في سياق متصل، قال إسماعيل الحكيم، الطبيب في مركز الحكيم للرعاية الصحية الأولية، لوكالة "الأناضول"، إن أكثر من 25 في المائة من أطفال الغوطة الشرقية يعانون من نقص تغذية شديد، وإن مركزهم شهد خلال الأشهر الثلاثة الماضية 10 وفيات من الأطفال بسبب سوء التغذية، بينها 7 حالات لرضع تحت سن 6 أشهر، إلى جانب 3 حالات من 5 - 6 سنوات.

وأشار إلى أن أعداد الوفيات فعليا أكثر من هذا العدد، ولكن يصعب إحصاؤها بالكامل بسبب انقطاع زيارة أهالي الطفل المريض للمركز.

وأوضح الحكيم أن المركز عاين 9100 طفل في الغوطة، خلال الأشهر الستة الأخيرة من المرحلة العمرية 6 أشهر إلى 5 سنوات، ووصلت نسبة الإصابة بسوء التغذية بينهم إلى 25 في المائة، أي ما يقارب 1806 أطفال، بنسب متفاوتة، مشدداً على أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من الإحصائية.



وقال الحكيم إن درجات سوء التغذية لدى الأطفال الذين أتوا للمركز تفاوتت بين 125 طفلاً يعانون من نقص تغذية شديد، و400 طفل يعانون من سوء تغذية متوسط، و1200 طفل يعانون من سوء تغذية خفيف، مشيراً الى أنه يوجد 4 آلاف طفل يعانون من نقص الوزن، تتراوح أعمارهم بين يوم و6 شهور، أي ما يعادل 25 في المائة من أطفال الغوطة.

وعزا الطبيب سبب انتشار سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة إلى الحصار المطبق على الغوطة الشرقية، إضافة إلى انعدام المقومات الصحية والغذائية، مشيراً إلى أن حالات انتشار سوء التغذية بين الأطفال زادت في الأيام الماضية مع زيادة الحصار، كما زادت حالة سوء التغذية بين الأمهات الحوامل والمرضعات، مما دفع الأطباء للعمل على إنشاء مركز "الحكيم" لعلاج تلك الحالات.

واستطرد: "اعتمدنا على تصنيع المواد المحلية لمعالجة الأطفال، وصنعناها من مشتقات القمح والسميد والسكر والأرز المطحون، بتكلفة باهظة نظراً لغلاء المحروقات والظروف الصعبة". وأجبرت تلك الصعوبات "الفرق الجوالة"، التي كانت تعمل خارج المركز في الغوطة الشرقية وتمسح حالات سوء التغذية في المنازل لتحويلها إلى المركز للعلاج والمتابعة، على التوقف عن العمل، بحسب الحكيم.



ولفت إلى أنه رغم دخول قافلة مساعدات أممية إلى الغوطة قبل أشهر، إلا أنها كانت قليلة للغاية، ولا تكفي لسد حاجات 10 في المائة من الأطفال، وكانت تشبه "رشفة ماء لشخص على شفير الهاوية"، على حد تعبيره.

وتعاني معظم الأمهات المرضعات في الغوطة الشرقية من حالات سوء تغذية بسبب قلة الغذاء والوضع النفسي، جراء الحرب والحصار، ما يؤدي الى قلة إدرار الحليب، أو انعدامه، وبالتالي احتاج الأطفال إلى الحليب الصناعي أكثر.

وضيّق النظام الحصار المفروض على غوطة دمشق الشرقية عبر إحكام قبضته على طريق تهريب المواد الغذائية، ومنع بعض الوسطاء المحليين من إدخال أي مواد غذائية إلى المنطقة.

المساهمون