التلوث يقتل تسعة ملايين شخص سنوياً ويهدد المجتمعات البشرية

التلوث يقتل تسعة ملايين شخص سنوياً ويهدد بقاء المجتمعات البشرية

21 أكتوبر 2017
معدلات الوفيات الناجمة عن التلوث الأعلى بالهند(شندان خانا/فرانس برس)
+ الخط -
يقتل التلوث ما لا يقل عن تسعة ملايين شخص كل عام، وفقاً لتقرير أصدره "التحالف العالمي بشأن الصحة والتلوث"، وحذّر فيه من أن الأزمة "تهدد استمرار بقاء المجتمعات البشرية".

وأوضح التقرير الصادر أول من أمس، ونشرته المجلة الطبية The Lancet أن الهواء السام والمياه والتربة وأماكن العمل هي المسؤولة عن الأمراض التي تقتل واحداً من كل ستة أشخاص في جميع أنحاء العالم. ووجد أن الوفيات التي سببها التلوث عام 2015 زادت ثلاثة أضعاف عن تلك الناتجة عن أمراض الإيدز والملاريا والسل مجتمعة.

ولفت التقرير إلى أن الغالبية العظمى من الوفيات الناجمة عن التلوث تحصل في الهند وتشاد ومدغشقر، ويسبب التلوث ربع الوفيات في تلك البلدان. وقال باحثون دوليون إن التلوث يشكل عبئاً باهظ التكاليف على الاقتصادات النامية.

في المقابل اعتبر أن أمام الدول الغنية كثيراً من العمل لمكافحة التلوث، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة واليابان في المراكز العشرة الأولى بالنسبة لأعداد الوفيات الناجمة عن الأشكال "الحديثة" من التلوث، أي تلوث الهواء ذو الصلة بالوقود الأحفوري والتلوث الكيميائي. بيد أن العلماء قالوا إن التحسينات الكبيرة التي تحققت في الدول المتقدمة في العقود الأخيرة تظهر أن المعركة ضد التلوث يمكن أن تنتصر إذا توفرت الإرادة السياسية.

وقال مؤلفو التقرير: "التلوث هو أحد التحديات الوجودية الكبيرة لعصر الأنثروبوسين (بداية التأثير البشري الكبير على جيولوجيا الأرض ونظمها الإيكولوجية) الذي يهيمن عليه الإنسان"، مشيرين إلى "أن التلوث يهدد استقرار أنظمة دعم الأرض، ويهدد استمرار بقاء المجتمعات البشرية".

ولا يزال العلماء يكتشفون الروابط بين التلوث وسوء الصحة، مثل العلاقة بين تلوث الهواء والخرف والسكري وأمراض الكلى. وعلاوة على ذلك، فإن نقص البيانات عن العديد من المعادن السامة والمواد الكيميائية يجعلهم يستبعدون إدراجها في التحليل الجديد.

وقدّر الباحثون بلوغ كلفة التلوث نحو 4.6 تريليونات دولار سنوياً، أي ما يعادل أكثر من 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.



وقال البروفيسور فيليب لاندريجان، المشارك في إعداد التقرير، "إن هذه التكاليف ضخمة جداً لأنها مستمرة في الصعود". وأضاف "إننا نسمع دائماً عن عدم القدرة على تحمل تكاليف التلوث، وتحمل تكاليف مكافحته أيضاً".

وأعرب عن خشيته من ارتفاع العدد المقدر للوفيات سنوياً بسبب التلوث؛ وهو تسعة ملايين نسمة، مؤكداً أن وفيات تلوث الهواء في جنوب شرق آسيا ترتفع ضمن سياق سيؤدي إلى مضاعفتها بحلول عام 2050.



وقال لاندريجان إن حجم الوفيات الناجمة عن التلوث فاجأ الباحثين، وإن اثنين منهم أصيبا بـ "صدمة حقيقية"، موضحاً أن وفيات التلوث الحديث تزداد في وقت تتراجع فيه وفيات التلوث "التقليدي" الناجمة عن المياه الملوثة وأدخنة مواقد الطهي نتيجة تركيز جهود التنمية على تلك الجوانب.

واستعان التقرير ببيانات منظمة الصحة العالمية وغيرها، والتي بيّنت أن تلوث الهواء هو القاتل الأكبر، ويؤدي إلى أمراض القلب والسكتة الدماغية وسرطان الرئة وغيرها من الأمراض. وإن تلوث الهواء الذي يأتي معظمه من السيارات والصناعة يقتل سنوياً 4.5 ملايين نسمة، في حين أن تلوث هواء الأماكن المغلقة وانبعاثات مواقد الخشب والروث تسبب وفاة 2.9 مليون نسمة في السنة.

واعتبر التقرير أن تلوث المياه بمخلفات الصرف الصحي يرتبط بوفاة 1.8 مليون شخص نتيجة أمراض الجهاز الهضمي والالتهابات الطفيلية. أما التلوث في أماكن العمل، بما في ذلك التعرض للسموم والمواد المسرطنة ودخان التبغ السلبي، يسبب وفاة 800 ألف شخص بأمراض الرئة بين عمال الفحم وسرطان المثانة لدى عمال الصباغة. ويرتبط التلوث بالرصاص، وهو المعدن الوحيد الذي تتوافر له بعض البيانات، بـ 500 ألف حالة وفاة سنوياً.

وأشار إلى أن البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان ذات التصنيع السريع هي الأكثر تضرراً، موضحاً أن الصومال تعاني من أعلى معدل للوفيات الناجمة عن التلوث في العالم. وفي الهند يسبب التلوث التقليدي والحديث على حد سواء سقوط أكبر عدد من الوفيات البالغ 2.5 مليون نسمة سنوياً. وتسجل في الصين وفاة 1.8 مليون نسمة نتيجة التلوث، في حين تندرج وروسيا والولايات المتحدة ضمن الدول العشر الأولى الأكثر تلوثاً في العالم.



عن الوفيات الناجمة عن التلوث في مكان العمل تظهر كل من المملكة المتحدة واليابان وألمانيا في المراكز العشرة الأولى.

وقد أعد التقرير أكثر من 40 باحثاً من الحكومات والجامعات في جميع أنحاء العالم، وتم تمويلهم من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

 (العربي الجديد)

 

المساهمون