تلاميذ بلا كتب في الجزائر

تلاميذ بلا كتب في الجزائر

19 أكتوبر 2017
في إحدى مدارس الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -

كان يُفترض أن تكون الكتب المدرسيّة في حوزة جميع تلاميذ الجزائر، إلّا أن هذا لم يتحقق في ظلّ نفاد الكتب. وحتّى اليوم، يعاني بعض الأهالي لتأمين الكتب المدرسية لأولادهم، ليتمكنوا من متابعة دروسهم كما يجب. وتكمن المشكلة في شراء بعض تجار الجزائر هذه الكتب المدعومة من الحكومة، وإعادة بيعها بأسعار أغلى في أماكن متفرّقة، ما أدى إلى نفادها من الأماكن المتعارف عليها.

على مقربة من ساحة أول مايو، وفي نقطة بيع الكتب المدرسية، ما زالت الأمهات والآباء يسألون عن بعض الكتب التي يحتاجها أبناؤهم في المدرسة، خصوصاً أن عدداً من المدرّسين يطردون التلاميذ الذين لم يجلبوا معهم الكتب المطلوبة. تقول نورا رحماني إنها اضطرت إلى شراء الكتب لابنها في الصف الثامن متوسّط من أحد التجار، حتى لا يطرد ابنها من الصف.

"ما في اليد حيلة"، عبارة يكرّرها عدد كبير من أولياء الأمور، وقد أعربوا عن امتعاضهم بسبب ممارسات تجار صغار ينتظرون أية فرصة لتأمين دخل مادي إضافي. ويقول جمال الدين ملزي لـ "العربي الجديد" إنه اضطرّ إلى شراء بعض الكتب من أحد التجار بعدما نفدت من نقاط البيع التي تشرف عليها وزارة التربية الوطنية.

وكانت وزارة التربية الجزائرية قد أعلنت أن الكتاب المدرسي متوفر في مختلف النقاط التي خصّصتها للبيع، وبأسعار مدعومة من قبل الحكومة الجزائرية. إلّا أن عدداً من التجار اختاروا شراءها من تلك النقاط وإعادة بيعها بعد نفادها من رفوف مراكز البيع في المدن الجزائرية.

هكذا، يشتري التجّار الكتب المدرسية من هذه المراكز ويبيعونها في أماكن بعيدة في العاصمة الجزائرية، التي تفتقر إلى مراكز البيع، وهذه وسيلتهم للعيش. يقول أحد هؤلاء لـ "العربي الجديد": "أعمد إلى شراء الكتب من المراكز المعتمدة وإعادة بيعها لأعيل أسرتي. أستيقظ باكراً وأنتظر فتح أحد مراكز بيع الكتب لأشتريها بسعر معقول وأبيعها مجدداً"، لافتاً إلى أن الأمر مشروع.

في العمق الجزائري أي في الولايات الداخلية، يشكو مواطنون من "أزمة الكتب المدرسية" ونفاد الكمية التي وزعتها وزارة التربية الجزائرية عبر مختلف المؤسسات التربوية ولكامل الصفوف. ويسأل عدد كبير من أولياء الأمور عن أسباب نفاد الكميات أو عدم توفرها حتى اليوم، رغم مرور أكثر من شهر على بداية العام الدراسي. ويقول البعض لـ "العربي الجديد" إن الكتب المدرسية تحوّلت إلى هاجس كبير يؤرّق أولياء الأمور، وقد بات أطفالهم يرفضون الذهاب إلى المدارس خشية طردهم من قبل المدرسين في حال لم تكن الكتب في حوزتهم.




من جهتها، تُشير الوزارة إلى توفّر الكتب المدرسية في مختلف الولايات، وقد تمكّن الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية من طبع أكثر من مليون كتاب جديد هذا العام، إلّا أن تصريحات وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريط لم يكن لها أية أهمية، نظراً للشكاوى التي قدمها الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء الأمور، والذي حمّل الوزارة مسؤولية "عدم تزويد التلاميذ بالكتب المدرسية"، وعدم مراقبة نقاط البيع، لافتاً إلى أن هؤلاء التجار استغلوا الأطفال والمدارس لتحقيق الأرباح.

ودعا الاتّحاد إلى ضرورة التدخّل وإعادة تنظيم المدارس والكتاب المدرسي، خصوصاً أن الوزارة تسلم أكثر من نصف مليون كتاب مجاني للتلاميذ الذين ينتمون إلى عائلات فقيرة ومعوزة. كذلك، اتّهم بعض الأطراف بتحويل هذه الكتب الموجهة للعائلات المحتاجة إلى آخرين ليسوا في حاجة إليها بالضرورة.

ورغم مدافعة وزيرة التربية الوطنية عن بداية العام الدراسي الحالي الذي انطلق بشكل جيد، في ظل توفر شروط الدراسة، أهمها الكتب المدرسية، إلا أن الواقع يشير إلى أمر آخر، وهو أن بعض التلاميذ ذهبوا إلى المدارس من دون كتب، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من قبل الوزارة لحل المشكلة، ومحاسبة المتسبّبين في تحويل آلاف الكتب إلى سلعة تجارية يسعون إلى الاستفادة منها إلى أقصى حد، وتحقيق الأرباح.

وأكثر المتضررين ممّا يحصل هم الفقراء العاجزين عن شراء الكتب بأسعار مرتفعة، والذين يحرصون على شراء تلك المدعومة من الحكومة لأطفالهم. ووربّما تحدث مشاكل في الصف بين أطفال يملكون الكتب وآخرين لم يجدها أهلهم بعد. من جهة أخرى، لم تحل المشكلة رغم مرور أكثر من شهر على بدء العام الدراسي، ما دفع كثيرين إلى البحث عن حلول بمفردهم.

دلالات