آثار تل السكن في غزة مهددة

آثار تل السكن في غزة مهددة

غزة

يوسف أبو وطفة

avata
يوسف أبو وطفة
18 أكتوبر 2017
+ الخط -
أدت عمليات التجريف الواسعة التي شهدتها منطقة تل السكن الأثرية الواقعة بمدينة الزهراء، جنوب مدينة غزة، إلى حالة جدل واسعة بين الأهالي ومختلف الأطراف الرسمية حول طبيعة ما يجري في المكان

في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة السياحة والآثار الفلسطينية أنّ منطقة تل السكن، في قطاع غزة، مدرجة ضمن خرائط مدينة غزة على أنّها أثرية، لم تكترث سلطة الأراضي بذلك وواصلت عمليات التجريف في المنطقة، بشكل كبير، حتى صدر قرار من النائب العام بغزة بوقف كلّ أعمال التجريف واتخاذ كلّ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

شهدت الأيام الماضية حراكاً واسعاً قاده عدد من أساتذة التاريخ والآثار في الجامعات المحلية بغزة، بالإضافة إلى عدد من الناشطين الغزيين على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل وقف عمليات التجريف والحفر بشكل كامل وحماية المنطقة الأثرية.

منذ عام 2015 لجأت حركة حماس إلى توزيع عدد من الأراضي الحكومية على الموظفين التابعين لها في القطاع والذين عينتهم بعد عام 2007 بسبب عجزها عن دفع رواتبهم كاملة، وهو ما شكل اعتداء على جزء من المنطقة الأثرية. وبحسب وزارة السياحة والآثار فإنّ مجلس الوزراء الفلسطيني أصدر قراراً عام 1994 بتخصيص هذه المنطقة كمكان أثري تشرف عليه الوزارة ويحرم فيه القيام بأي عمليات تجريف، إلاّ أنّ السنوات الماضية شهدت العديد من عمليات التجريف والبناء على الأراضي كبناء أبراج سكنية وجزء من إحدى الجامعات المحلية بالإضافة إلى التجريف الأخير من أجل تسوية الأراضي لصالح الموظفين.

يقول مدير عام الآثار في وزارة السياحة في غزة، جمال أبو ريدة، إنّ حالة من الصراع كانت قائمة بينهم وبين المسؤولين في سلطة الأراضي بغزة طوال فترة شهر سبتمبر/ أيلول الماضي على وقف أعمال التجريف في المنطقة، كونها منطقة أثرية. ويوضح أبو ريدة لـ"العربي الجديد" أنّ أعمال التجريف لم تتوقف إلاّ بعد صدور قرار قضائي من أعلى سلطة قضائية، وبقرار من النائب العام في غزة، بوقفها وملاحقة كلّ المتجاوزين والمخالفين لهذا القرار.




ويشير إلى أنّ أعمال التجريف، التي تقوم بها السلطات بهدف تسليم موظفي حكومة غزة السابقة هذه الأراضي عوضاً عن مستحقاتهم المالية، ألحقت الضرر بنحو 10 في المائة من إجمالي مساحة موقع تل السكن الأثري. ويلفت المسؤول الحكومي إلى أنّ أعمال التجريف أصابت جانباً من سور منطقة تل السكن، وليس المركز الرئيسي له، مع التنبيه إلى أنّ كلّ عمليات التجريف في المنطقة غير مسموح بها كونها منطقة أثرية منذ نشأة السلطة الفلسطينية.

يشدد أبو ريدة على أنّه، حتى نهاية الأسبوع الجاري، ستقوم وزارته بأعمال حماية للمنطقة الأثرية عبر تسييج المنطقة وتوفير حماية كاملة لها على مدار الساعة، لضمان عدم عودة عمليات التجريف وحمايتها من أي ضرر قد يلحق بها.

وكان عدد من الناشطين والمتابعين لملف قضية تل السكن الأثري قد وجهوا اتهامات إلى الجهات الحكومية بغزة بالتقصير. وطالبوا حركة حماس بضرورة التدخل من أجل وقف المساس بالتراث والآثار الفلسطينية التي تثبت حق الفلسطينيين بأرضهم.

تعتبر منطقة تل السكن منطقة أثرية قديمة جداً في غزة وهي عبارة عن موقع كنعاني مصري، يصل عمره إلى 3500 سنة، وفقًا لما يؤكده القائم بأعمال البعثة الفرنسية للتنقيب عن الآثار في غزة، فضل العطل. يقول العطل لـ"العربي الجديد" إنّ المنطقة أثرية بشكل كامل بالرغم من كلّ الادعاءات التي جرت عن عدم مصداقية ذلك، وهي ادعاءات رفضها خبير الآثار الفرنسي، جون بتيست، الذي رفض إعطاء أي إذن بالسماح بالقيام بعمليات التجريف في المنطقة.

ويوضح العطل أن المنطقة الأثرية تقدر بنحو 200 دونم وقد بنيت جامعة وبعض المناطق السكنية عليها خلال السنوات القليلة الماضية، ومن هنا جاء اسمها "تل السكن". هذه الإنشاءات ألحقت الضرر بما يزيد عن 70 في المائة من إجمالي مساحة التل الأثري. ويطالب بضرورة العمل على حماية ما تبقى من مساحة التل الأثري التي لم تطاولها أي أعمال تجريف والتي لا تزيد عن 30 في المائة من المساحة المتوفرة حالياً، بعد ما جرى خلال السنوات الماضية من أعمال بناء وتجريف عليه.

وعن طبيعة الآثار التي عثر عليها خلال فترة العمل في التنقيب، ينبه العطل إلى أنّ ما عثر عليه الخبراء هو جدران طينية وعظام وفخار، فيما لم يعثر على أيّ معادن، مع أهمية اتخاذ كل الإجراءات للحفاظ على المكان.

ومنذ عام 2007 تفرض حركة حماس سيطرتها على القطاع بشكل كامل إذ تتحكم في مختلف المؤسسات والوزارات الحكومية، قبل أن يجري مؤخراً توقيع اتفاق المصالحة في العاصمة المصرية القاهرة، الذي سيمكن حكومة التوافق من بسط سيطرتها على غزة.




في السياق نفسه، يؤكد أستاذ علم التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية، أيمن حسونة، أنّ منطقة تل السكن تعتبر منطقة أثرية بشكل كامل وتعرضت خلال السنوات القليلة الماضية، في العديد من المرات، لعمليات تدمير عبر البناء عليها، كانت آخرها عمليات التجريف التي قامت بها سلطة الأراضي في غزة.

ويكشف حسونة في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أنّه ومجموعة من الأكاديميين تحركوا من أجل الحفاظ على المنطقة الأثرية، إذ تجري الآن عمليات قياس لمساحتها الكاملة والقيام بكلّ الإجراءات التي من شأنها حماية التل.

وبحسب حسونة، فإنّ ما تعرض له التل من دمار بفعل عمليات التجريف والبناء لا يتجاوز 30 في المائة فقط، مع الإشارة إلى أن الوتيرة الأسرع في الاعتداء عليه كانت من خلال عمليات التجريف الأخيرة الهادفة إلى تسليم الأراضي لموظفي الحكومة.

ويقدر عدد الموظفين الحكوميين في قطاع غزة بنحو 42 ألفاً يعملون في القطاع المدني والعسكري، كانت تدفع حركة حماس رواتبهم عبر حكومتها، التي ترأسها إسماعيل هنية حتى توقيع إعلان الشاطئ عام 2014، حين رفضت حكومة التوافق الوطني الاعتراف بهم، لتشكل الحركة لجنة إدارية تتولى الإشراف على كلّ شؤون القطاع.

ذات صلة

الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.