محمد الحايك... يعالج النطق لدى الأطفال من غزة

محمد الحايك ...يعالج النطق لدى أطفال سورية من غزة المحاصرة

15 أكتوبر 2017
يتابع علاج طفلة سورية عن بعد(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -


تجاوز الاختصاصي في علاج النطق ومشاكل الكلام، الفلسطيني محمد الحايك، حدود مدينة غزة التي يحاصرها الاحتلال الإسرائيلي منذ 11 عاماً من دون أن يغادرها، إذ عالج أطفالاً من دول عربية عدة عبر الإنترنت واتصالات الفيديو، من بينهم أطفال مهجرون من سورية.

تخرج الحايك (29 عاماً) من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، لكنه عزّز خبراته العملية بالمطالعة والمتابعة والاطلاع على الأساليب الحديثة لعلاج النطق واللغة عند الأطفال، وبعد تخرجه شارك في مشاريع عدة نظمتها مؤسسات دولية لفحص وعلاج الأطفال في قطاع غزة.

ويشير إلى أن المشاريع استهدفت مدارس ورياض أطفال، إلى جانب الزيارات الميدانية لبيوت الأطفال، مضيفاً "عالجنا الكثير من الحالات التي كانت لا تجيد نطق الحروف، حتى أصبحت تنطقها من مخارجها الصحيحة دون أي لبس".

ويتابع "واجهنا خلال عملنا الكثير من الحالات الصعبة، كان أبرزها طفلة تدعى ندى عمرها 6 سنوات، سبق لها أن زرعت قوقعة وتعاني إلى جانب مشاكلها في السمع، صعوبة في نطق أي حرف، قمنا بتأهيلها سمعياً، ومن ثم أخضعناها علاج مخارج الحروف والنطق في جلسات مكثفة".

كذلك يوضح الحايك أن التعامل مع الطفل يختلف حسب نوعية الحالة والمشكلة التي يعانيها، ويختلف تشخيص كل حالة عن الأخرى، خاصة في مشاكل الحروف "الأصوات" المنتشرة في رياض الأطفال لأسباب مختلفة، منها أسباب عضوية ومكتسبة وأسباب نفسية.

ومن المشاكل التي أشار إليها مشكلة "الإضافة"، إذ يضيف الطفل حرفاً أو حرفين للكلمة، ومشكلة "الحذف" أي يحذف حرفاً أو حرفين من الكلمة، وهناك مشكلة "الإبدال" فيبدل حرفاً مكان حرف، ومشكلة "التشويه" إذ تصبح الكلمة المنطوقة مشوهة بالكامل، موضحاً أن المشاكل الأربع تؤدي إلى نتيجة واحدة، وهي عدم فهم ما يقصده الطفل، أو غرضه من الكلام.

ويشير الحايك إلى مجموعة مشاكل أخرى يعاني من منها الأطفال في النطق واللغة، ومنها مشكلة "التأتأة" الناتجة عن الخوف الشديد، وهي منتشرة بكثرة نتيجة الحروب والمشاكل النفسية التي يعاني منها قطاع غزة، إلى جانب مشكلة ضعف المحصول اللغوي لدى الطفل من المرادفات والمعاني، ما يجعله لا يميز بين الأشياء، وتأتي نتيجة "الدلع الزائد، وعدم اختلاطه مع أقرانه، وجلوسه أمام التلفاز لفترات طويلة أمام مسلسلات كارتونية غير ناطقة"، ما يؤثر على الانتباه والتركيز، ويمكن معالجتها عبر تمارين الانتباه والتركيز، ومن ثم تخزين اللغة، وإخراجها عبر طرق العلاج.

تجارب علاجية ناجحة لمحمد الحايك في أكثر من دولة عربية رغم أنه محاصر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش) 




ويوضح الاختصاصي أن تقييم حالة الطفل هو البداية، من أخذ بيانات الطفل، وإجراء اختبار، وفحص سمع، إلى جانب فحص نطق الأحرف "الأصوات"، وفحص التركيز والتمييز والمحصول اللغوي، وتحدد طريقة العلاج تبعاً للتقييم، ويخصص جدول لكل طفل حسب نتيجة التشخيص.

ويلفت إلى أنه في الجلسة الأولى مع الأطفال يتم كسر حاجز الخوف بينهم وبين الاختصاصي، عبر اللعب، والتنشيط، والضحك، ومن ثم تعريف الأطفال مخارج الحرف من أعضاء النطق، سواء من اللسان أو الأسنان أو الشفتين، ثم يوضع الحرف في حركات قصيرة وطويلة، ومن ثم في مقاطع لا معنى لها بهدف تركيب الحرف على الحروف الأخرى، وبعد ذلك يتم وضع الحرف أول الكلمة، ومنتصفها، ونهايتها مثل "سمكة، أسد، رأس"، وأخيراً يصار إلى تركيب جمل قصيرة، ثم طويلة، وبعد ذلك محادثة لتثبيت الحرف بالكامل، وإعادة العملية مع باقي الأحرف.


يشرح للأمهات عن مخارج الحروف (فيسبوك) 


 وطلبت بعض الأمهات خارج غزة مساعدة الحايك في علاج وتعليم أطفالهن مخارج الحروف، ويقول "كانت البداية مع سيدة سورية هاجرت إلى لبنان، وبعد إجراء الاختبارات على طفلتها تم اكتشاف الخلل في 10 حروف، وباشرت علاجها بالتمارين عبر الفيديو، إلى جانب تعليم الأم طريقة إخراج كل حرف وحده، ونجح علاج الطفلة بعد ثلاثة أسابيع من الجلسات المتواصلة".

ويضيف "لم أكن أتوقع النجاح الذي حققته مع الطفلة السورية، والتي قامت والدتها بنشر رسالة شكر لي على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ما شجعني على مواصلة الطريق، خاصة بعد طلبات العلاج التي وصلتني من الضفة الغربية، الأردن، العراق، الجزائر، تونس"، وتم علاجها جميعاً.

ويشير الحايك إلى أن نجاح التجربة دفع مهاجرة سورية في تركيا تدعى دارين عبد الجواد إلى طلب مساعدته لعلاج نحو 25 طفلاً وطفلة من المهجرين، مضيفاً: "طلبت منها عرض كل طفل منفرداً، وأجرينا التمارين والاختبارات اللازمة، وكانت تساعدني فيها، وتمكنا من علاج الأطفال بالكامل"، معتبراً أن تمكنه من علاج أطفال مهاجرين نتيجة الحروب وهو في بلد محاصر، كان تجربة رائعة ومثيرة بالنسبة له.

ويضيف "شعرت كأنني أؤدي رسالة، ويجب أن أستمر في أدائها لجميع الأطفال، سواء داخل غزة أو خارجها، على الرغم من كافة المعوقات"، داعياً الشباب إلى عدم اليأس من الواقع السيئ، وإثبات ذواتهم. 

دلالات

المساهمون