قوانين بالجملة

قوانين بالجملة

12 أكتوبر 2017
يتحركن لأجل حقوقهن (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
من جملة القوانين التمييزية بحق النساء والفتيات في لبنان، تتربع قوانين الأحوال الشخصية وقانون الجنسية على رأس لائحة المعارك الأصعب لإنصاف النساء قانونياً وضمان وصولهن للعدالة. تسيطر الطوائف الثماني عشرة في لبنان ومؤسساتها الدينية على إدارة قوانين الأحوال الشخصية عبر محاكمها الشرعية والروحية الـ15 في لبنان. وهذا الأمر الوارد في مقدمة الدستور اللبناني، إذ يترك لكل طائفة وكل مؤسسة دينية أن "تستنسب" في قضايا الزواج وفسخه وبطلانه وما بينهما من قضايا كالإرث، والحضانة والنفقة، والولاية والوصاية وخلافها. بكلام آخر، فإنه وبحسب انتماءات النساء الطائفية، تتباين حقوقهن، فسن حضانة الأولاد مثلاً يختلف بين طائفة وأخرى وكذلك الإرث.

منذ عشرات السنوات، والمنظمات النسائية والنسوية تسعى إلى تعديل قوانين الأحوال الشخصية، ولعل مطلبها الأبرز في هذا المجال هو إيجاد قانون مدني "اختياري" للأحوال الشخصية في لبنان. وبين المطالبة بقانون مدني لمن خرج من تحت العباءة الطائفية ـــ الدينية، عملت بعض المجموعات النسائية على "إصلاح" قوانين الأحوال الشخصية، كمحاولة إصلاح من الداخل. وأبرز التطورات في هذا الأمر، التعديل الذي طاول قانون الأحوال الشخصية لطائفة الموحّدين الدروز في لبنان والتي أقرت في مجلس النواب أخيراً. ولعل التعديل الأهم من جملة التعديلات الأخرى هي رفع سن الحضانة للصبي من عمر 7 إلى 12 سنة وللبنت من عمر 9 إلى 14 سنة. لم يتم توحيد سن الحضانة بين الصبيان والبنات، لكن رفع السن يعدّ بحد ذاته إنجازاً كونه يأخذ مصلحة الطفل الفضلى بعين الاعتبار.

وقبل طائفة الموحّدين الدروز، سعت الجمعيات النسائية إلى إصلاح قانون الأحوال الشخصية لدى الطائفة السنية. وبالفعل، تم عام 2011 تعديل المادة 242 من قانون تنظيم القضاء الشرعي، حيث قام المجلس الإسلامي الشرعي (المسلمون السنة) برفع سن الحضانة لمصلحة الأم ووحّدها بين الصبي والفتاة، فارتفعت من عمر 9 سنوات للفتاة و7 سنوات للصبي إلى 12 سنة لكل منهما.

هل تعطي هذه التعديلات والتغييرات أملاً للنساء من طوائف أخرى، أو للنساء التابعات لهاتين الطائفتين بتغيير وتطور أكبر لإنصافهن؟ تبين أن الإصلاح من الداخل قد يكون إحدى أدوات إنصاف النساء. لكن تبقى الإشارة إلى أن منظومة الأحوال الشخصية شائكة ومركّبة. وإذا كان هذا هو المسار المنشود، فقد يتطلب سنوات من العمل النضالي الحثيث.

لنتخيّل أن قوانين الأحوال الشخصية في لبنان مثل معادلة تتقاطع فيها عناوين الأحوال الشخصية وعددها 17 تقريباً (الحضانة، النفقة، الطلاق...) مع الطوائف الدينية ومحاكمها وعددها 15. بالنظر إلى تعداد العناوين وتقاطعاتها مع عدد الطوائف، نجد أن لدينا حوالى 255 عنواناً فرعياً يجب البحث بها والعمل عليها لضمان إنصاف النساء، هذا إذا كانت المحاولة واردة أو مسموحة في بعض القضايا.

*ناشطة نسوية

المساهمون