حكايات مشردين في شوارع الجزائر وسط البرد (صور)

حكايات مشردين في شوارع الجزائر وسط البرد (صور)

28 يناير 2017
تأويهم محطات النقل والأرصفة (جويل ساجيه/فرانس برس)
+ الخط -
يزيد شتاء الجزائر البارد من حنين المشردين لدفء البيت والعائلة والأهل. يتحملون صقيع الثلوج والأمطار والرياح بعد أن بات الشارع مأواهم، وكذلك محطة الحافلات وسيارات الأجرة.

هكذا يقول أحد المشردين في شوارع العاصمة الجزائرية بعد أن أصبحت حياة الشارع سبيله الوحيد، ومفروضة عليه. بالرغم من تلقيه دعوات كثيرة للعودة إلى بيته أو اختيار مركز للإيواء تشرف عليه جهات مسؤولة في الجزائر.

"العربي الجديد" حاول التعرف على عالم الليل البارد في ساحة الشهداء في قلب العاصمة الجزائرية، وفي ساحة البريد المركزي ومحطة الحافلات وسيارات الأجرة في منطقة الخروبة شرق العاصمة، وغيرها من الشوارع التي باتت مأوى كثيرين ممن قهرتهم الظروف. كل واحد منهم له حكاية يصعب تصديقها في غالب الأحيان. إنه عالم آخر، عالم الحياة على هامش المجتمع.

يقول سيد علي من منطقة بو سماعيل التي تبعد نحو 40 كيلومترا غرب العاصمة الجزائرية، إنه فضل أن يعيش في الشارع، واختار زاوية من زوايا منطقة ساحة الشهداء مكانا يأويه وينام فيه ليلا. كل يوم يتعرف على أشخاص جدد. لا تهمه الحياة العادية، ولا يهتم لملبسه أو مأكله، فكل شيء يأتيه من ذوي البر والإحسان، بحسب ما قاله لـ"العربي الجديد".

ويتابع أن عائلته تخلت عنه بعد وفاة زوجته وهو في عمر الستين، فاختار الخروج من بيته بعدما سكنته الوحدة وغياب الأولاد، مرددا: "الحياة واحدة والموت واحد فلم القلق على الغد".


لا يعرفون طعم الوجبات الساخنة (غارستن كوال/فرانس برس) 





غير بعيد عن ساحة الشهداء، تلفّ إحدى السيدات نفسها بكيس بلاستيكي هربا من الأمطار التي تتساقط بغزارة. وتمسك قارورة لبن وقطعة خبز يبدو أنها تتلذذ بهما بعد العصر. ورغم برودة الجو إلا أن مأكلها كان باردا، فهي لا تعرف معنى الطعام الساخن، بحسب قولها، مضيفة لـ"العربي الجديد": "لا أريد من الدنيا سوى الأمان". إذ يبدو أن صعوبات عاشتها قبل سنوات قالت عنها: "لم يبق لي بيت ولا أولاد، الباقي الله فقط".

عشرات الأشخاص دون مأوى، كثيرون منهم يئنون في هذا البرد مع سوء الأحوال الجوية. وكثيرون يحتمون من البرد القارس في محطة الحافلات في الخروبة لأنها فضاء يعج بالمسافرين من كل حدب وصوب ليلا ونهارا. المحطة مكان دافئ على حد تعبير رشيد الذي لم يتجاوز الأربعين من العمر، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أنه مرض مرضا شديدا، ووجد نفسه بين غرف المستشفيات مدة تجاوزت العشر سنوات، وتخلت عنه عائلته التي تقطن في ضواحي وهران.

تخلت عنهم أسرهم  (كارين بيلييه/فرانس برس) 


وشكلت وزارة التضامن الجزائرية والأسرة وقضايا المرأة مكاتب خاصة بهذه الفئات الهشة، تسعى من خلالها إلى التكفل بهؤلاء المشردين ومن هم بدون مأوى.

أنشئت تلك المكاتب أو "الخلايا" عبر ولايات الجزائر، بإشراف مديريات بالتنسيق بين وزارتي التضامن والصحة والأمن والدفاع المدني بهدف إغاثة المهمشين في الشوارع الجزائرية. كما تنظم هذه المكاتب دوريات ليلية لمتابعة المشردين وتوجيههم إلى المراكز المختصة وعلاجهم أيضا، إذ ينقل بعضهم إلى مراكز إيواء، لا سيما المصابون منهم بالأمراض النفسية.

يحتاجون لدفء العائلة (لويك فينانس/فرانس برس) 


وذكرت وزيرة التضامن، مونية مسلم، في تصريح للإذاعة الجزائرية اليوم السبت أن الفئة التي تتوجه إلى مراكز الإيواء تتلقى الرعاية الصحية والنفسية، ومنهم من يلتحق بعائلته بعد إجراء وساطة مع ذويهم. كما تتكفل مديريات النشاط الاجتماعي التابعة للوزارة بالوساطة بين الطرفين لإيجاد حلول لتلك الفئة من المهمشين.

كما تشكلت لجان دعم للفئات الهشة من المجتمع، تعكف مبدئيا على وضع تعريف قانوني واجتماعي للفئات الفقيرة والمعوزة يمكن من خلالها التحكم في البرامج الاجتماعية، وتحديد المساعدة العينية للعائلات المعوزة.


دلالات

المساهمون