أرامل فلسطينيات سجينات المجتمع

أرامل فلسطينيات سجينات المجتمع

21 يناير 2017
يبكين الفقيد (محمد الحجار)
+ الخط -
تبدو معاناة الأرامل في قطاع غزة كبيرة، ما يدفع كثيرات للّجوء إلى مؤسسات تهتم بقضايا المرأة وحقوقها، بهدف إيجاد حلول لمشاكلهن، في ظل الضغوط المجتمعية والعائلية. بالإضافة إلى الألم الناجم عن خسارة الزوج، تجد الأرملة نفسها فجأة مسؤولة عن إعالة أسرتها، وتأمين الأمان الاجتماعي للأطفال. إلّا أن أهل الشهيد، وبحجة أن الأطفال من حقهم، يفرضون الوصاية عليهم، ويسلبون الأم حقوقها وحريتها في التصرف واتخاذ القرار بشأن رعاية أبنائها. نساء أخريات يجبرن على الزواج بحجة التستر عليهن.

استشهد زوج لينا (34 عاماً) خلال العدوان الثاني على قطاع غزة في عام 2012، تاركاً ثلاثة أطفال. في الوقت الحالي، يبلغ عمر طفلها البكر تسع سنوات، لكنّها لا ترى أطفالها إلّا يوماً واحداً في الأسبوع، بعدما كسب والد زوجها الشهيد قضية حضانة الأطفال، باعتبار أن والدتهم لا تعطيهم الرعاية الكاملة، وأن بيت الجدّ أولى. لكنّها رفعت قضية أخرى للمطالبة برؤية أبنائها. تقول لـ "العربي الجديد" إن عدم قدرتها على توفير العلاج لأطفالها والمال الكافي بعد وفاة والدهم، دفع جدّهم إلى التقدّم بشكوى ضدها بحجة عدم قدرتها على حمايتهم، وقد كسب القضية في منتصف عام 2015، علماً أنها طالبته مراراً بالتنازل عن القضية، إذ لم تكن تريد إلا البقاء مع أطفالها.

تشير لينا إلى أن الجدّ لم يقدّم شيئاً لأحفاده على مدار ثلاث سنوات. وكان قد طلب منها العيش معهم، إلا أنّها رفضت لكون البيئة ليست مناسبة للأطفال. لكن في النهاية، ربح الجد الدعوى.

من جهتها، تقول منى (27 عاماً) إنها حُرمت من ميراث زوجها الذي استشهد خلال العدوان الأخير على قطاع غزة في عام 2014، بعدما عرضت عليها حماتها الحصول على مبلغ أقل من نسبة الربع من حقها، بالإضافة إلى عدم احترام أشقاء زوجها حقوقها. في الوقت الحالي، تعيش في منزل والدها مع ابنتها البالغة من العمر أربعة أعوام، من دون أن تحصل على أي مبلغ من حقها في الميراث. تقول لـ "لعربي الجديد": "أكتفي بالراتب الذي أتقاضاه من الحكومة. ولم أعد أطالب بحقي في الميراث في ظل إصرار عائلة زوجي على عدم إعطائي حقي". تشير إلى أنها رفضت عرضين بالزواج، الأول من شقيق زوجها، والثاني من رجل يكبرها بـ 13 عاماً. لكنّها تعرّضت لضغوط عائلية كبيرة جعلتها في حالة نفسية صعبة.



أما عطاف (33 عاماً)، وهي أرملة منذ خمس سنوات، فقد ترك لها زوجها طفلين. بعد استشهاده، قرّرت متابعة دراستها الجامعية وحصلت على شهادة في التربية، لكنها صدمت بعائلتها التي تغيرت معاملتها لها، وضغطت عليها للموافقة على الزواج من رجل في 45 من عمره، بحجة أنه ثري، ويمكنه تلبيه كل احتياجاتها ورغباتها. إلا أنها تريد أن تعمل وتهتم بأبنائها.

رفضت عطاف عرض أهلها، فما كان منهم إلا أن منعوها من الخروج من المنزل عقاباً لها. في بعض الأحيان، يسمح لها بحضور بعض الجلسات الخاصة بالتثقيف النسائي. تقول لـ "العربي الجديد": "يفترض أن تكافأ المرأة الفلسطينية نتيجة صبرها، ويجب أن تقرر مصيرها بنفسها وتحصل على الحقوق التي ينص عليها القانون. لا نريد أن يُشفَق علينا. نرغب في العيش كغيرنا من النساء".

من جهتها، تشير الباحثة الاجتماعية آيات الطيب، العاملة في مجال الدراسات النسوية، إلى أنه حين يستشهد الأب، تتحوّل الأنظار إلى الأطفال وكيفية رعايتهم. ويتوقّع أن تكرّس المرأة حياتها للأطفال من دون أي تفكير بحقّها في الخروج أو العمل أو الميراث وغيره. خلال عملها، تلاحظ الطيب أنّ عائلات كثيرة لا تحبّذ خروج أرملة الشهيد من المنزل، أو الانخراط في المجتمع، لتبقى حبيسة المنزل. ويرون أن مطالبة المرأة بحقّها "عيب".

المساهمون