يمنيات لا يرضعن أطفالهن

يمنيات لا يرضعن أطفالهن

19 يناير 2017
ربما يحصل على الغذاء المناسب (العربي الجديد)
+ الخط -
أوصلَ علي العوامي طفله عبد الرحمن (خمسة أشهر) إلى مستشفى السلام في مدينة حجة اليمنية. كان وجه الطفل شاحباً ويشكو من إسهال حاد. بعد فحصه، قال الطبيب إنه ضحية جديدة لسوء التغذية في البلاد، بسبب قلة الاعتماد على الرضاعة الطبيعية للتغذية، رغم أهميتها. يقول الوالد إنه يشتري لطفله أجود أنواع حليب الأطفال لتجنّب أضرار الرضاعة، خصوصاً أن والدته تمضغ نبتة القات لساعات يومياً. وأشار الطبيب إلى أن تأثير القات بدأ فعلياً منذ الأشهر الأولى لتكوين الجنين، وتفاقم الأمر لأنه لم يتغذ من حليب الأم.

وكان للحرب في اليمن تأثير سلبي على جهود الحكومات اليمنية المتعاقبة والمنظمات المعنية بالصحة، والتي نجحت خلال العقود الماضية في خفض نسب وفيات حديثي الولادة، من خلال مجموعة من الإجراءات الطبية، بالإضافة إلى التوعية، منها الحديث عن أهمية الرضاعة الطبيعية، خصوصاً خلال الساعات الأولى التي تلي الولادة.

وجعلت الحرب الأمهات أقل وعياً أو اهتماماً بالرضاعة الطبيعية، خصوصاً خلال الساعات الأولى. ومع إغلاق مئات المستشفيات والمرافق الصحية في البلاد، وتحديداً في الريف بسبب الحرب، صار معظم النساء يلدن في منازلهن من دون أن ينصحهن الأطباء أو الممرضات حول أهمية الرضاعة الطبيعية، وغيرها من التفاصيل المهمة لصحة أطفالهن.

وما زال أهالي منطقة بني حوات (شمال مدينة صنعاء) يشعرون بالحزن لوفاة رضيع بسبب الجوع الذي عانت منه والدته، وأثّر على حليبها. ويعاني أهالي الشريط الساحلي الغربي من الجوع، في ظل احتدام المعارك وعدم حصولهم على مواد غذائية لازمة، ما يهدّد بتفاقم مشكلة سوء التغذية.

في هذا السياق، تقول أم ياسر القباطي: "حرصت على إرضاع طفلتي منذ كان عمرها شهرا ونصف الشهر، وابتعدت عن الحليب الصناعي. أيضاً، التزمت بنصائح والدتي في إطعامها السمن البلدي الدافئ مع المياه. وحين بلغت الثلاثة أشهر، كنت أعطيها بسكويتاً خاصاً بعد غمسه في الشاي. وفي عمر الستة أشهر، صرت أطهو لها ما يسمى الشبيسة المكونة من أربعة أنواع من الحبوب".

في وقت لاحق، عرفت أنه كان عليها الاكتفاء بالرضاعة الطبيعية. وتشير إلى أن نساء كثيرات يفضلن اللجوء إلى الحليب الصناعي خشية ترهل أثدائهن.

من جهته، يشدد الطبيب رامي المقطري على أهمية الرضاعة الطبيعية عقب الولادة مباشرة، حتى يحصل المولود على مادة "اللّبأ"، التي تكون موجودة في حليب الأم خلال الأيام الأولى فقط. يضيف لـ "العربي الجديد" إن اللبأ مادة أساسية تقوي جهاز المناعة لدى الأطفال. كذلك، يلفت إلى ضرورة أن يقتصر غذاء الطفل على حليب الأم فقط خلال الأشهر الستة الأولى. كما يلفت إلى أن معظم الناس لا يعرفون هذا الأمر أو لا يقتنعون به، ما يؤثّر على صحة أطفالهم على المدى القريب والبعيد.

كذلك، يشير إلى أهميّة الرضاعة الطبيعية حتى يبلع الطفل عامه الثاني، علماً أن أمهات كثيرات يتوقفن عن إرضاع أطفالهن حين يبدأ أطفالهن بتناول الطعام مثل الأرز والبطاطا وبعض الخضار. ويوضح أن إطعام الأطفال بعض المواد الغذائية الغنية بالبروتين قد يؤدي إلى انسدادات معوية والموت لاحقاً.

وتشير دراسة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إلى أن نصف الأمهات في اليمن يلجأن إلى تغذية مواليدهن بالسوائل حتى قبل الرضاعة الطبيعية. من بين هذه السوائل، المياه والمياه المحلاة والحليب الصناعي والشاي والعصائر والسمن والزبدة والعسل والعصيدة.

إلى ذلك، ساهم الانحسار الشديد للخدمات الصحية الحكومية، ونقاط التغذية المدعومة من المنظمات الدولية، في ظل الوضع الأمني الهش، في عدم توفر المحاليل والأغذية التكميلية التي كانت توزع في تلك النقاط للأمهات أو الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية. ويعدّ اليمن من البلدان الأقل لجوءاً إلى الرضاعة الطبيعية في منطقة الشرق الأوسط، وبنسبة 10 في المائة في المدن و8 في المائة في المناطق الريفية، بحسب اليونيسف. وأفاد مسح غذائي شامل بأن 43 في المائة من الأطفال تحت سن السنتين تغذوا من خلال الرضاعة الطبيعية خلال 24 ساعة الأولى من حياتهم، و40 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى. كذلك، يعاني 38 في المائة ممن هم ما دون 11 شهراً من مشاكل، منها نقص الوزن، بينما يعاني 29 في المائة منهم من التقزم، و20 في المائة من الهزال بسبب نقص التغذية، وعدم الاعتماد على الرضاعة الطبيعية الخالصة.


المساهمون