أبو فرج... يصارع النزوح لأجل البقاء

أبو فرج... يصارع النزوح لأجل البقاء

19 يناير 2017
نعيش في القرون الوسطى (رسم: أنس عوض)
+ الخط -
لم تجد أسرة أبو فرج سوى هيكل لمنزل غير مكتمل ومتروك لتقطنه بحثاً عن بعض الأمان

حالها مثل حال آلاف الأسر النازحة التي فرّت من جحيم المعارك المحتدمة بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في مناطق الصراع، إذ لم تجد أسرة أبو فرج سوى هيكل لمنزل غير مكتمل ومتروك على أطراف الموصل لتقطنه بحثاً عن بعض الأمان بين جدرانه.
عائلة أبو فرج واحدة من مئات الأسر التي كان لها حظ في جدران تقيها برد الشتاء، فيما لم يجد كثيرون سوى الحفر في الصحراء على الحدود العراقية السورية بعد أن ضاقت بهم الحيل وتُرِكوا ليواجهوا مصيرهم المجهول.

يقول أبو فرَج ( 39 عاماً ) وهو أب لخمسة أطفال: "عند احتدام المعارك واشتداد القصف لم تكن لدينا وجهة معينة، فالهدف الأول كان الفرار من جحيم الموت الذي يخطف الناس في كل لحظة. خرجت بأسرتي هائماً على وجهي لا أعرف أين أذهب حتى عثرت على هذا الهيكل المتروك في إحدى المناطق النائية بعد مسير طويل استمرّ لأكثر من يومين". يضيف لـ"العربي الجديد": "كنا محظوظين وشعرت بأنني عثرت على قصر، على الأقل كي أحمي أطفالي من المطر والبرد".

يروي أبو فرج ما عانته أسرته من مخاطر قبل النزوح لافتاً إلى أنه بسبب القصف الشديد تعرّضت ابنته الصغرى لحروق شديدة شوّهت جزءاً من كتفها الأيسر وذراعها "كدت أفقدها في تلك اللحظات العصيبة ولم أصدق أنها نجت بأعجوبة فيما أصيب بقية أفراد أسرتي بإصابات متفاوتة".

يتابع: "نحن نعيش في مرحلة القرون الوسطى في حياة بدائية تماماً منقطعين عن العالم بلا كهرباء ولا اتصالات ولا دواء في الوقت الذي أصيب فيه أطفالي بمختلف الأمراض بسبب شحّ المياه وسوء التغذية والتلوث المنتشر حولنا في كل مكان".

أمام المنزل-الهيكل يلعب أطفال أبو فرج الخمسة ويرتفع صوت ضحكاتهم وكأنهم لا يعلمون ما الذي جرى لهم وقد حرموا حتى من فرصة التعليم". يسأل أبو فرج: "ما ذنب أطفالي أن يفقدوا مدارسهم وتعليمهم بسبب ما يجري من حروب لا ذنب لنا فيها؟ ورغم كل ما يجري أحاول أن أعلمهم بعض الشيء فأرسم لهم الحروف على الأرض وأكتب لهم بعض الكلمات حتى لا يفقدوا الرغبة في التعلّم أبداً".

تعاني أسرة أبو فرج كثيراً فهي من مئات الأسر التي خرجت من ديارها بما عليها من ملابس فقط، ما يجعلها- ولا سيما الأطفال- أمام مخاطر جمة وسط شح الغذاء والماء والدواء من جانب، واكتظاظ مخيمات النزوح وعدم قدرتها على استيعاب المزيد من النازحين من جانب آخر، الأمر الذي يجعل الكثير من الفارّين من المعارك يبحثون عن بدائل ممكنة للمخيمات.

المساهمون