لاجئون ماليّون يرفضون العودة إلى الوطن

لاجئون ماليّون يرفضون العودة إلى الوطن

30 سبتمبر 2016
لم يعدن وعائلاتهن إلى الديار (أحمد أوبا/ فرانس برس)
+ الخط -
يرفض عدد كبير من اللاجئين الماليّين، الذين لجأوا إلى موريتانيا، العودة إلى بلادهم، رغم إعلان مالي استعدادها لاستقبالهم منذ استقرار الأوضاع نسبياً في إقليم أزواد (شمال البلاد). أمر جعل السلطات المسؤولة عن إيوائهم في حيرة، بعدما رُفضت كلّ الجهود المبذولة لإقناعهم بالعودة، في ظل تراجع قيمة المساعدات التي كانوا يحصلون عليها.

غالبية اللاجئين، الذين يقدر عددهم بنحو 65 ألفاً، يفضّلون البقاء في مخيم "امبره" الذي شيّدته الأمم المتحدة داخل الأراضي الموريتانية، رغم تراجع المساعدات والخدمات التي كانت تقدّم لهم.

قبل نحو شهرين، وقّعت موريتانيا ومالي والمفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين اتفاقاً يقضي بإعادة اللاجئين الماليين، الذين نزحوا إلى موريتانيا بعد اندلاع حرب مالي في عام 2012، والذين يعيشون في مخيم "امبره" تحت إشراف هيئات أممية. إلا أن السلطات المسؤولة عن المخيم تواجه مشكلة في إقناع اللاجئين بضرورة العودة.

في السياق، يقول محمود ولد سعد بوه (31 عاماً)، الذي يعمل سائقاً في المنطقة الحدودية مع مالي، إنه بعد انتهاء الحرب، كانت هناك عودة طوعية مباشرة، وقد عادت مئات العائلات. في وقت لاحق، تراجع عدد العائدين بسبب سوء الأوضاع في شمال مالي، إذ لم يجد السكان منازلهم ولم يعد في استطاعتهم البدء في زراعة الأراضي من الصفر، وانتظار محصولها لكسب لقمة العيش. لذلك، اختار البعض البقاء في المخيم. يشير إلى أنّه بعد توقيع اتفاق عودة اللاجئين، ما زال الماليون يرفضون العودة بسبب معاناة العائدين السابقين، وانتشار أنباء عن تجدّد القتال بين الجماعات المسلحة. يضيف أن اللاجئين يرغبون في البقاء في المخيم إلى حين استقرار أوضاعهم، وأيضاً الضغط على السلطات من أجل منحهم ما يساعدهم على بدء حياة جديدة.

ويؤكّد المهتمّون بملف اللاجئين الماليّين في موريتانيا أن الأوضاع المضطربة في شمال مالي أثّرت على حماس اللاجئين ورغبتهم في العودة إلى بلادهم، ما دفع السلطات المالية إلى التحرّك لإقناع اللاجئين بالعودة. وقد زار وزير التضامن والعمل الإنساني وإعادة إعمار الشمال المالي، هامادو كوناتى، موريتانيا لإقناع اللاجئين وشرح مضامين الاتفاقية التي تضمن عودة آمنة ومنظمة للاجئين الماليين، الذين يشكّل النساء والأطفال والشيوخ نسبة كبيرة منهم.



وكان عدد اللاجئين الماليين في مخيم امبره قد وصل إلى نحو مائة ألف لاجئ، نزحوا إلى موريتانيا بعد الأحداث التي شهدتها مالي عقب التدخل الفرنسي ضد الجماعات المسلحة في عام 2012. وعلى مدى أربع سنوات، تباينت أعداد اللاجئين في المخيم. وبعد انتهاء الحرب منتصف عام 2013، كانت هناك عودة طوعية للاجئين بسبب الظروف المعيشيّة الصعبة في المخيم ونقص المساعدات الغذائية. إلا أن أوضاع القرى والبلدات التي عاد اللاجئون إليها، لم تشجع على استمرار العودة، وبقي نحو 65 ألف لاجئ في المخيم.

من جهته، يقول اللاجئ المالي أحمد زيدون (29 عاماً)، إن غالبية اللاجئين يرفضون العودة إلى بلدهم لأن الأمن ما زال مفقوداً، كما أنه لا تتوفّر في قراهم متطلبات العيش الأساسية، بعد تدمير معظم الآبار والمنازل والمباني خلال الحرب. يضيف اللاجئ الذي تسلّل إلى داخل موريتانيا، ويعمل حالياً في العاصمة نواكشوط في ورشة للنجارة، أنه رغم تطمينات مفوضية اللاجئين والحكومة المالية، ما زال الخوف مسيطراً على الراغبين في العودة إلى ديارهم بسبب تجدّد المعارك بين المجموعات المسلحة. يقول لـ"العربي الجديد"، إن اللاجئين يحاولون الضغط على السلطات في بلادهم من خلال رفض العودة، علّهم يحصلون على ضمانات بعدم تعرّضهم لما تعرض له أقاربهم وأصدقاؤهم، الذين اضطروا بعد عودتهم إلى النزوح إلى مناطق أخرى بحثاً عن العمل، وترك النساء والأطفال في قرى غير آمنة.

إلى ذلك، يقول الباحث الاجتماعي محمد محمود ولد بدر الدين، لـ"العربي الجديد"، إن اللاجئين الماليّين يفضّلون الإقامة في مخيم امبره على العودة إلى مناطقهم الأصلية، بسبب عدم استقرار الأوضاع ووجود جماعات مسلّحة في الشمال. ويرى أن تمسّك اللاجئ بحياة اللجوء في وقت تطالبه بلاده بالعودة، يبدو غريباً. لكن إلقاء نظرة سريعة على الأوضاع في شمال مالي يبرّر مخاوف اللاجئين. ويدعو إلى مساعدة الماليين الذين عاشوا الأمرين بسبب الحرب وحياة اللجوء، وتقديم مساعدات مالية لهم تساعدهم على بدء حياة جديدة في مناطقهم الأصلية، وتثبيت الأمن في إقليم أزواد، ليتمكن جميع اللاجئين الماليين الذين دخلوا موريتانيا بحثاً عن الأمن والاستقرار من العودة إلى بلادهم.

دلالات

المساهمون