العراق: تجربة نزوح مريرة يرويها العائدون

العراق: تجربة نزوح مريرة يرويها العائدون

27 سبتمبر 2016
أسر عراقية نازحة تعود إلى الأنبار(معاذ الدليمي- فرانس برس)
+ الخط -

ترك تخصصه في التدريس الذي قضى فيه 13 عاماً، وحاول ياسين العيسى أن يجمع مصروف أسرته اليومي من عمله في بيع الخضروات، على رصيف سوق ببغداد.

العيسى تحول من مدرس معروف في مدينة الرمادي، غرب العراق، إلى بائع خضروات، ومن صاحب دار إلى مُهَجر يسكن في مخيم للنازحين، بفعل احتلال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مدينته، التي استعادت القوات العراقية السيطرة عليها مطلع العام الحالي.

والمدينة التي بدأت تستقبل سكانها العائدين، لم تتأهل بكاملها، ما يدعو العيسى وغيره من النازحين للصبر، حتى تتمكن الجهات المسؤولة من تأمين مناطقهم.

أما حال مدينة الأنبار فلا يختلف كثيراً عن غيرها من المدن العراقية، إذ بدأت تستقبل بعض سكانها المهجرين مع سيطرة القوات الأمنية، ما يعطي النازحين الأمل بعودة قريبة لديارهم.

وفرحة عدنان الجبوري وهو يجتمع مع عائلته تحت سقف منزلهم في تكريت، شمال بغداد، لا تشبهها فرحة، وأوضح لـ"العربي الجديد" أنه ذاق هو وأسرته طعم هجر منزله الواسع، وسكن عاماً كاملاً بين مخيمات النزوح وبيوت متهالكة، ولم يكن يملك بدل سكن في بيت مناسب. وتحررت تكريت من سيطرة "داعش" في أبريل /نيسان 2015.

لكن رفيق الجبوري في النزوح، قيس عزام، ما زال ينتظر العودة إلى منزله في مدينة الموصل، شمالي البلاد، التي تستعد القوات العراقية لتحريرها.


عزام الذي خاض خلال نزوحه، على مدى أكثر من عامين، تجارب قاسية في سوق العمل للمرة الأولى في حياته؛ لكسب قوت أسرته. وأوضح لـ"العربي الجديد" إنه تعب كثيراً في العمل عتالا تارة، وعامل بناء تارة أخرى.

وتابع "كنت في مدينتي أشرف على أعمال المقاولات العائدة لوالدي، وكان مدخولي جيداً، حياتي اليوم قاسية، للأسف أموال أسرتي كانت في مشاريع بالموصل حين هربنا، لذلك اضطررت للعمل في أية مهنة".

وسيطر تنظيم "داعش" على الموصل، في يونيو/حزيران 2014، وسرعان ما امتدت سيطرته على مدن أخرى.

وأعلنت الأمم المتحدة في آخر تقرير لها إن عدد النازحين قارب الأربعة ملايين، في حين كشف وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد أن ثلاثة ملايين و600 ألف نازح في عموم العراق.

وكانت وزارة الهجرة والمهجرين قد أعلنت، الأحد الماضي، عن عودة أكثر من مليون نازح إلى المناطق المحررة من تنظيم (داعش). وشددت على ضرورة توفير الدعم الحكومي للاحتياجات الأساسية لعودة العوائل النازحة، مشيرة إلى أن المخصصات المالية لإغاثة النازحين لا تسد ثلث الاحتياجات المخطط لها.

وقال وزير الهجرة والمهجرين، محمد جاسم الجاف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس لجنة المالية، ورئيس لجنة الهجرة والمرحّلين في البرلمان: "ناقشنا إجراءات اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين من حيث الاستعدادات لتحرير نينوى، وإعادة الاستقرار للمناطق المحررة وكيفية عودة النازحين"، مبيناً أن "بيانات وزارة الهجرة سجلت لغاية الآن عودة أكثر من مليون نازح".

وأضاف الجاف أن "الوزارة تأمل أن يتجاوز عدد النازحين مليوناً ونصف المليون خلال هذا العام"، مشيراً إلى أن "محافظة الأنبار، تشهد حركة جيدة في عودة العائلات النازحة إليها، ما يتطلب توفير دعم حكومي من الوزارات لتهيئة مستلزمات العودة".

المساهمون